أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
العدد السنوي - الفرح
السنة 2014
معطلات الفرح

هناك معطّلات لأفراح المؤمنين، نذكر بعضها لنتحذَّر منها ونتجنبها، فتستمر أفراحنا في الرب:

أولاً: تباطؤ القلب في فهم المكتوب

وهو ما نراه في تلميذي عمواس، إذ كانا بَطِيئَا الْقُلُوبِ في فهم أقوال الأنبياء عن موت المسيح وقيامته، ودخوله إلى مجده، لذلك لم يفهما ويُصدِّقا خبر قيامة المسيح؛ فلم يفرحا، بل كانا ماشيان عابسين، وهما في حالة خوار وارتباك ومباحثة أمام الحدث العظيم اليقيني، قيامة المسيح (لو24: 1).  لو أنهما فهما ”ِجَمِيعِ مَا تَكَلَّمَ بِهِ الأَنْبِيَاءُ“ لفرحا وهتفا: «الْفَهْمُ يَنْصُرُكَ» (أم2: 11).

ثانيًا: التأخير

في مَثَل العذارى العشر (مت25: 1-13)، تأخَّرت الخمس الجاهلات في الحصول على الزيت، وعندما ذهبن إلى الباعة ليبتَعنَ زيتًا، كان الوقت متأخرًا، فلم يجدن الباعة، ولا حصلن على الزيت، وعندما رجعن إلى العرس وجدن الباب مُغلقًا، فضاعت عليهم أفراح العرس.  و«الْمُتَأَخِّرُونَ لاَ يَفْرَحُونَ» (جا4: 16).

ثالثًا: عدم القداسة

على المؤمن أن يتبع القداسة «الَّتِي بِدُونِهَا لَنْ يَرَى أَحَدٌ الرَّبَّ» (عب12: 14)، ونحن نعلم أن فرحنا مرتبط برؤيتنا للرب، كقول الكتاب: «فَرِحَ التّلاَمِيذُ إِذْ رَأَوُا الرَّبَّ» (يو20: 20).  فلنحرص على حياة القداسة العملية حتى لا يتعطل فرحنا.

إِذْ لاَ أَرَى وَجْهَ الْحَبِيبْ              فَالنُّورُ عِنْدِي كَالظَّلاَمْ
وَالشَّمْسُ تَبْدُو فِي الْمَغِيبْ           مَحْجُوبَةً خَلْفَ الْغَمَامْ

رابعًا: الكبرياء

في مَثَل الابن الضال، الذي رجع إلى أبيه فقبله، وذبح له العجل المُسمن، وامتلأ البيت من الفرح، نرى أخاه الأكبر المستكبر، خارجًا وبعيدًا عن دائرة الفرح.  وعندما خرج إليه أَبُوهُ ودعاه ليدخل ويفرح بعودة أخيه الذي كان مَيِّتًا فعاشَ، وكان ضالاً فَوُجِدَ، رفض في كبرياء وغطرسة، ووقف يُعدِّد فضائله على أبيه، ويُندِّد بأبيه وكأنه رجل ظالم.  لقد وقفت كبرياؤه العمياء عائقًا عن وصوله للفرح، أما ”الْوُدَعَاءُ فَيَفْرَحُونَ“ (مز69: 32).

خامسًا: السبي (مز137)

إن الخطية هي التي تؤدّي بنا إلى السبي الأدبي والروحي، فلنحترص منها ونرفضها في كل صورها، ولنتذكَّر أنه عندما كان الشعب القديم مسبيًا، وجلسوا على أنهار بابل، جفَّت أفراحهم، وعلّقوا أعوادهم، ولم يستطيعوا أن يُرنموا ترنيمة الرب في أرض غريبة.  لقد لصقت ألسنتهم، ونسيت أيديهم العزف على الأعواد.  ليتنا نتحذر من الخطية!

سادسًا: تأخير التوبة

لقد دبّر داود بإصرار فعل خطيته المركبة، وسكت عنها طويلاً، فيها فقد فرحه، وغمره الحزن، إذ قال: «أُعَوِّمُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ سَرِيرِي بِدُمُوعِي.  أُذَوِّبُ فِرَاشِي.  سَاخَتْ مِنَ الْغَمِّ عَيْنِي».  وتَحَوَّلَتْ رُطُوبَتِهِ إِلَى يُبُوسَةِ الْقَيْظِ“ (مز32: 4).  لكنه عندما اعترف بخطيته وتاب إلى الرب الذي استجاب له، أمكنه أن يقول: «لِهَذَا يُصَلِّي لَكَ كُلُّ تَقِيٍّ فِي وَقْتٍ يَجِدُكَ فِيهِ. عِنْدَ غَمَارَةِ الْمِيَاهِ الْكَثِيرَةِ إِيَّاهُ لاَ تُصِيبُ.  أَنْتَ سِتْرٌ لِي.  مِنَ الضِّيقِ تَحْفَظُنِي.  بِتَرَنُّمِ النَّجَاةِ تَكْتَنِفُنِي» (مز32: 5-7).  ليتنا عندما نُخطئ نتعلَّم التوبة المُبكرة، فيأتينا الفرح مبكرًا.

سابعًا: الغيرة من الأشرار

عندما كان آساف خارج مقادس الله، غار من الأشرار فتعَّطل فرحه، وذبلت حياته، وعبَّر عن حزنه فقال: «كُنْتُ مُصَابًا الْيَوْمَ كُلَّهُ، وَتَأَدَّبْتُ كُلَّ صَبَاحٍ ... لأَنَّهُ تَمَرْمَرَ قَلْبِي، وَانْتَخَسْتُ فِي كُلْيَتَيَّ» (مز73: 14، 21).  لقد دخل الحزن إلى أعماقه، حتى أدرك أنه في المكان الخطإ، ويُفكر خطأ.  ولكنه لما دخل المقادس، رجعت إليه فطنته، فصار يزن الأمور بميزان القدس، وعاد فرحه، وتيقَّن من أنه لا توجد أفراح خارج مقادس الله.

أيها الأحباء: ليتنا نصحو ونتعقَّل ونبحث بأمانة ودقة ومحبة لسيدنا، عن الأشياء التي تُعطِّل أفراحنا، ونطرحها بعيدًا كثوبٍ نجسٍ، ونجتهد أن نعيش حياة القداسة ومخافة الرب، فنرى الرب، وبه تفرح قلوبنا، فهو فرحنا الوحيد والكامل والدائم.

رمزى فؤاد