أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
العدد السنوي - الفرح
السنة 2014
فرح الخلاص
«فَرَحًا أَفْرَحُ بِالرَّبِّ.  تَبْتَهِجُ نَفْسِي بِإِلَهِي،
لأَنَّهُ قَدْ أَلْبَسَنِي ثِيَابَ الْخَلاَصِ» (إش61: 10)

فرح الخلاص يختلف عن فرح العالم تمامًا:

أولاً: لأنه لا يعتمد على مصادر خارجية، فهو داخلي لأنه فرح الرب، وعميق يصل إلى أعماق النفس؛ أما فرح العالم فسطحي لا يصل إلى الأعماق، وسرعان ما ينتهي لأنه يعتمد على مصادر خارجية مثل النجاح الزمني والزواج والممتلكات والملذات والتسليات وغيرها.

ثانيًا: لأنه ثابت ومستمر كثبات المسيح الحي فينا، فهو لا يتأثر بالظروف، حلوة أو مرة، بل يسمو فوق كل الظروف حتى ولو كانت بلوى محرقة (1بط4: 12، 13)؛ بينما فرح العالم يتلاشى في الظروف الصعبة والتجارب والضيقات.

ثالثًا: لأنه يُمنح من الرب للإنسان بمجرد أن يؤمن به إيمانًا حقيقيًا؛ بينما فرح العالم يبحث عنه الإنسان في الأباطيل، وربما يموت ولا يحصل عليه.

رابعًا: لأنه يدوم في المؤمن، ويتزايد بالشركة اليومية مع الرب؛ بينما فرح العالم أناني يعتمد على الأخذ وحب التملُّك، فالشرير يفرح عندما يحصل على شيء، ويصاب بالغم عندما يفقد ما حصل عليه.

خامسًا: لأنه فرح روحي مرتبط بالأمور غير المنظورة، الأبدية، ولذلك يتزايد إلى أن يصل إلى كمال الفرح عندما يأتي المسيح لاختطافنا؛ بينما فرح العالم يتمركز في الأشياء المنظورة الزائلة، ويتناقص مع الزمن وتقدُّم العمر، ويتلاشى عند اقتراب شبح الموت.

سادسًا: فرح الخلاص هو للمُخلِّص وأيضًا للذي خلص، فالراعي فرح هو وأصدقائه بخروفه الضال عندما وجده، والمرأة فرحت هي وصديقاتها بدرهمها المفقود عندما وجدته، وكذلك الأب فرح مع جميع من في بيته عندما عاد إليه ابنه الضال، فالله مثلث الأقانيم يفرح بخلاص الخطاة؛ وكذلك الملائكة وكل المُخلَّصين «هكَذَا يَكُونُ فَرَحٌ فِي السَّمَاءِ بِخَاطِئٍ وَاحِدٍ يَتُوبُ أَكْثَرَ مِنْ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ بَارًّا لاَ يَحْتَاجُونَ إِلَى تَوْبَةٍ» (لو15: 7).  والذي حصل على الخلاص يستطيع أن يقول: «هُوَذَا هذَا إِلهُنَا.  انْتَظَرْنَاهُ فَخَلَّصَنَا... نَبْتَهِجُ وَنَفْرَحُ بِخَلاَصِهِ» (إش25: 9).

كيف نحصل على الفرح؟

لا يمكن الحصول على الفرح الحقيقي إلا إذا قبلنا المخلِّص يسوع المسيح ربًا وسيدًا على حياتنا.  فكم من نفوس كانت تعيش في حزن وشقاء وبؤس ولم يكن لحياتها معنى، لكن بمجرد أن قَبِلوا المسيح المُخلِّص اختبروا الفرح الحقيقي الذي ملأ حياتهم:
فزكا رئيس العشارين مع أنه كان غنيًا وذا مركز مرموق، لم يختبر الفرح إلا بعد أن تقابل الرب معه وسمع منه: «الْيَوْمَ حَصَلَ خَلاَصٌ لِهَذَا الْبَيْتِ» (لو19: 1-10). 

والوزير الحبشي مع أنه كان وزيرًا، وذهب إلى أورشليم ليسجد، لكنه لم يختبر طعم السعادة إلا بعد أن قَبِلَ المسيح مُخلِّصًا شخصيًا له واعتمد «وَذَهَبَ فِي طَرِيقِهِ فَرِحًا» (أع8: 26-40). 

وسجان فيلبي رغم أنه كان ذا مركز مرموق، لكنه لم يختبر الفرح إلا بعد أن حصل على الخلاص «وَتَهَلَّلَ مَعَ جَمِيعِ بَيْتِهِ إِذْ كَانَ قَدْ آمَنَ بِاللهِ» (أع16: 25-34). 

والذين خلصوا في يوم الخمسين مع أنهم كانوا يهودًا متدينين، جاءوا من كل أمه للعيد، لكنهم لم يختبروا هذا الفرح إلا بعد أن «قَبِلُوا كَلاَمَهُ (كلام بطرس) بِفَرَحٍ وَاعْتَمَدُوا» (أع2: 37-47). 

والذين آمنوا في السامرة، وكانوا قبلاً يتبعون سيمون الساحر زمنًا طويلاً لكونهم اندهشوا بسحره، لم يختبروا الفرح إلا بعد أن بشرهم فيلبس بيسوع وآمنوا به «فَكَانَ فَرَحٌ عَظِيمٌ فِي تِلْكَ الْمَدِينَةِ» (أع8: 4-12). 

هكذا الحال مع الكثيرين.  إن الفرح الحقيقي يأتي للذين يقبلون الرب يسوع مخلصًا وفاديًا، ثم يتزايد من يوم إلى يوم من خلال الشركة معه.

والفرح الحقيقي مرتبط بالمخلص، ومرتبط أيضًا بالخلاص.  فهو مرتبط بالمخلص كقول الملاك للرعاة: «هَا أَنَا أُبَشِّرُكُمْ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ ... أَنَّهُ وُلِدَ لَكُمُ الْيَوْمَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ مُخَلِّصٌ هُوَ الْمَسِيحُ الرَّبُّ» (لو2: 10، 11)، وكقول المُطوّبة مريم: «تُعَظِّمُ نَفْسِي الرَّبَّ، وَتَبْتَهِجُ رُوحِي بِالله مُخَلِّصِي» (لو1: 47).  كما أنه مرتبط بالخلاص، كقول إشعياء النبي: «فَتَسْتَقُونَ مِيَاهًا بِفَرَحٍ مِنْ يَنَابِيعِ الْخَلاَصِ» (إش12: 3)، ويقول أيضًا: «فَرَحًا أَفْرَحُ بِالرَّبِّ.  تَبْتَهِجُ نَفْسِي بِإِلَهِي، لأَنَّهُ قَدْ أَلْبَسَنِي ثِيَابَ الْخَلاَصِ.  كَسَانِي رِدَاءَ الْبِرِّ» (إش61: 10).

من هنا نقول: لا فرح إلا بالحصول على الخلاص.  ما رأيك في شخص محكوم عليه بالإعدام، إذا أخبرناه بأننا قد اشترينا له عمارة وسيارة وأودعنا في البنك لحسابه مبلغًا كبيرًا من المال، هل هذه الأمور تفرحه؟!  أعتقد أنك تتفق معي لو قلت إن حزنه يزيد، لأنه لو لم يكن محكومًا عليه بالإعدام لأمكنه أن يتمتع بهذه الأشياء.  لكن إذا جاء حكم العفو عنه وأخبرناه بذلك؟  ربما نخاف عليه لئلا يموت من شدة الفرح.  هكذا لا يمكن للنفس أن تختبر الفرح الحقيقي إلا بعد أن تنال العفو الأكيد من الدينونة المريعة القادمة على العالم، وتحصل على الخلاص.

• أيوب الصدِّيق في تعاسته قال: «قُلْتُ لِلْقَبْرِ: أَنْتَ أَبِي، وَلِلدُّودِ: أَنْتَ أُمِّي» (أي17: 14)، وأما نحن فنقول للنعمة: أنتِ أُمنا، ولله الآب: أنتَ أبونا.  وهذا سر فرحنا.
حليم حسب الله