أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
العدد السنوي - الفرح
السنة 2014
أفراح الشركة مع الله
«وَأَمَّا شَرِكَتُنَا نَحْنُ فَهِيَ مَعَ الآبِ وَمَعَ ابْنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ.  
وَنَكْتُبُ إِلَيْكُمْ هَذَا لِكَيْ يَكُونَ فَرَحُكُمْ كَامِلاً» (1يو1: 3، 4)

الشركة مع الله امتياز عظيم

كلمة ”شركة“ تعني التواصل بين اثنين أو أكثر.  ولكي يكون هذا التواصل جيدًا لا بد أن يُبنَى على غرض مشترك، والذي يضمن نجاحه ودوامه هو وجود توافق في الفكر والصفات.  الشركة في أسمى وأعمق صورها بالنسبة للمؤمن هي الشركة مع الآب ومع ابنه يسوع المسيح.  النصيب المشترك مع الله هو شخص المسيح، موضوع سروره ولذته.  بالنسبة لنا نحن المؤمنين، الشركة مع الله هي أثمن وأطيب نصيب في رحلة الحياة المسيحية، والتي بدونها لا نقدر أن ننمو في معرفة الله أو نقدِّم له السجود أو نُتمّم خدمتنا، كما أنها أساس الشركة الصحيحة مع بعضنا البعض.

ما معنى الشركة مع الآب وابنه؟

مع أننا ارتبطنا بالرب يسوع ونُحبه ونُكرمه بقدر طاقتنا، وننمو في معرفته بمعونة الروح القدس، إنما الآب وحده هو الذي يعرف الابن معرفة كاملة، ويُعطيه تقديره الصحيح الجدير به.  الآب يتلذذ بمحبة الابن وصفاته المجيدة، ورغبة قلبه أن نفرح نحن أيضًا ونكتفي به وحده.  كذلك الابن - الذي هو دائمًا في حضن الآب - يُريد أن يعلن لنا المزيد من مكنونات قلب الآب الذاخر بالمحبة الأبدية، ويُخبرنا عن صلاح أفكاره، ومسرة مشيئته.

في قمم الشركة، نتلذذ بمناظر المجد، فتشبع قلوبنا وتطيب من سمو الأحاديث بين الآب والابن.  والأصحاح السابع عشر من إنجيل يوحنا من الفصول الغنية التي تُنشئ فينا أشواقًا للتلذذ بالشركة مع الله.  هذا الحديث المجيد يكشف لنا عن مكانتنا ومقدار غلاوتنا على قلب الله.  كلما عرفنا عن روعة مقاصده الأزلية، وما فعله في الزمان لأجلنا، والأمجاد الأبدية التي تنتظرنا، يحلو لنا جدًا أن ندخل الى عمق جديد لنمتلئ بالمزيد من الفرح.

الشركة مع الله هي نبع الفرح الكامل

إن سرور الآب في الابن، وهكذا أيضًا فإن جميع المؤمنين سرورهم العميق فيه وحده بكل ما يحوي من فضائل ومشتهيات.  يا له من امتياز ثمين أن يكون من نصيبنا ذلك النبع الحلو الذي هو موضوع شبِع قلب الآب وتلذذه!

صحيح أن المؤمن يبتهج بخلاص الرب، ويفرح بعطاياه وبركاته، ويجد سروره في عبادته وخدمته، لكن قمة التلذذ والفرح الذي لا يضاهيه فرح آخر، يختبره المؤمن عندما يدخل هذه الدائرة المباركة للشركة مع الآب ومع ابنه.  فكل الهبات التي أعطاها الله لنا، نتذوق حلاوتها جيدًا، ونفرح بها، عندما نتمتع بهذه الشركة.

بحبك السامي لقد

 

وهبنا كل البركات

لكن شخصك لنا

 

أثمن من كل الهبات


الفرح الفائض بعمل الروح القدس

أُعطينا الروح القدس ليُمكِّننا من الاستمتاع بهذه البركة العظيمة التي تنشئ فينا فرحًا كاملاً؛ فهو يعرف الآب والابن حقَّ المعرفة، ويُسَرّ بأن يستعرض لنا أمجاد الآب وابنه، ونحن في حضرته.  التلذذ بهذه الشركة المباركة هو نصيب جميع المؤمنين، لكنه يتطلب أن نسلك في النور، ونتجنب كل ما لا يُرضيه، ونلهج في كلمته كي ننمو في النعمة وفي معرفته، لا المعرفة النظرية فحسب، بل المعرفة التي تلهب العواطف المقدسة، وتولِّد في قلوبنا تقديرًا عميقًا لعظمة الرب.

رجال الله عبر العصور اختبروا في شركتهم مع الله ذلك الفرح المجيد الذي لا يُعَبَّر عنه، ولا يمكن أن تصفه أية كلمات.  إن تخلَّى عنهم أقرب مَن لهم، أو حُرِموا من كل العطايا الزمنية، فإنهم لم يُحرَموا من إشراقة وجه الرب، فرحوا به بالرغم من كل آلامهم والمصاعب التي واجهتهم.  وأيَّة قوة في الوجود يمكن أن تحجب عنهم لذة السير مع الله؟!

عندما نتمتع بالشركة مع الله، نتذوق فرح الحضرة الإلهية في السماء، ونحن هنا في رحلة الحياة على الأرض، فتُزيدنا شوقًا وحنينًا لتحقيق الرجاء المبارك، والتمتع بالفرح الأبدي مع الرب في المجد.
ايمن يوسف