«كُنْتُ كُلَّ يَوْمٍ لَذَّتَهُ، فَرِحَةً دَائِمًا قُدَّامَهُ. فَرِحَةً فِي مَسْكُونَةِ أَرْضِهِ،
وَلَذَّاتِي مَعَ بَنِي آدَمَ» (أم8: 30، 31)
على اعتبار أن كلمة ”صاحب“ في القواميس والمعاجم اللغوية تعني: ”لازم – رافق - مالك“، فإن عند التسمية بـ”صاحب السعادة“، فليس مَنْ هو أنسب باللقب من شخص الرب يسوع المسيح. فهو - تبارك اسمه - مِن تلازمه وتصاحبه السعادة في كل تحركاته، وترافق خطواته. بل أنه مالك زمام فيضها؛ فعلى سبيل المثال:
(1) عند مولدهفي أولى خطواته بالجسد كانت البشارة عنه: «أُبَشِّرُكُمْ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ» (لو2: 10). ومَن رأوا نجمه «فَرِحُوا فَرَحًا عَظِيمًا جِدًّا» (مت2: 10). بل وكانت الترنيمة المصاحبة لمولده: «وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ» (لو2: 14)؛ ويا لسمو الإعلان عن سرور الله بالناس على اعتبار قبولهم في المُخلِّص المولود!
(2) أولى معجزاتهكانت أولى مشاهد إعلان سلطانه وخدمته هي إضفاء سعادة وفرحة في حفل عرس قانا الجليل (يو2)، مُعلنًا برمزية الخمر أنه صاحب فيض الفرح، ومَن يملأ فراغ أجراننا بالسعادة.
(3) سمة حياتهكانت حياته الكريمةمصدر إشعاع للسرور. أوَ ليست له أعلنت السماء شهادة الآب عنه: «هَذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ» (مت3: 17).
(4) عند موتهكان هناك سرورٌ يُرافقه وموضوع أمامه، حتى في مشهد الموت وإظلام الجلجثة «مِنْ أَجْلِ السُّرُورِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَهُ، احْتَمَلَ الصَّلِيبَ مُسْتَهِينًا بِالْخِزْيِ» (عب12: 2)؛ سرور صُنع مشيئة الله الذي أرسله، وتتمِّيم عمله (مز40: 8؛ يو4: 34).
(5) عند قيامتهكان أول فعل لشعور التلاميذ: «فَفَرِحَ التّلاَمِيذُ إِذْ رَأَوُا الرَّبَّ» (يو20: 20). نعم؛ إن حضوره كفيل بأن يُطلق ينابيع الفرح.
(6) في المجد في السماءإنه الآن يُمتع خاصته «بِفَرَحٍ لاَ يُنْطَقُ بِهِ وَمَجِيدٍ» (1بط1: 8)، إلى أن يكتمل ملء التمتع بالفرح في بيت أبيه. نعم، «كَمَا اشْتَرَكْتُمْ فِي آلاَمِ الْمَسِيحِ، افْرَحُوا لِكَيْ تَفْرَحُوا فِي اسْتِعْلاَنِ مَجْدِهِ أَيْضًا مُبْتَهِجِينَ» (1بط4: 13)، وفي عُرْسِه ”سَنَفْرَحُ وَنَتَهَلَّلُ وَنُعْطِهِ الْمَجْدَ“ (رؤ19: 7).
إنه هو وحده - له كل المجد – مَنْ به وفيه ومنه كل السرور.
* الفرح، هو أبسط شكل من أشكال الامتنان.
(كارل بارت)