أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
العدد السنوي - الفرح
السنة 2014
أفراح الخلاص
«تَسْتَقُونَ مِيَاهًا بِفَرَحٍ مِنْ يَنَابِيعِ الْخَلاَصِ» (إش12: 3)

للخلاص فرحتُه وبهجتُه (مز51: 12)، ومن يشرب من ينابيع الخلاص يفرح فرحًا أكيدًا.  ولنتأمل الآن في تأثير أفراح
الخلاص على الشخص نفسه والسماء والبيت.

أولاً: تأثير أفراح الخلاص على الشخص نفسه:

1- قبول الخلاص فرحًا (لو19: 6): كان زكا يستقي من ينابيع أريحا الفاسدة «هُوَذَا مَوْقِعُ الْمَدِينَةِ حَسَنٌ ... أَمَّا الْمِيَاهُ فَرَدِيَّةٌ وَالأَرْضُ مُجْدِبَةٌ» (2مل2: 19).  وكان يعمل رئيسًا للعشارين، وكان غنيًا.  وتمتَّع زكا في مدينة أريحا بمسراتها، لكنه لم يشعر بطعم الفرح في حياته لأن «كُلُّ مَنْ يَشْرَبُ مِنْ هَذَا الْمَاءِ يَعْطَشُ أَيْضًا» (يو4: 13).  وعندما سمع أن الرب مُزمع أن يمُرّ من هناك «طَلَبَ أَنْ يَرَى يَسُوعَ مَنْ هُوَ».  ورغم كل الصعاب التي واجهته، فإنه تخطاها متسلقًا الجميزة لكي يرى نبع الخلاص ومصدر الأفراح الغني، فناداه صوت الرب: «يَا زَكَّا، أَسْرِعْ وَانْزِلْ، لأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ أَمْكُثَ الْيَوْمَ فِي بَيْتِكَ»، «فَأَسْرَعَ وَنَزَلَ وَقَبِلَهُ فَرِحًا» (لو19: 1-10).  ففي زكا نرى صورة للخاطئ الذي يستقي من مياه العالم الرديئة، ويصير غنيًا دون أن يشعر بطعم الفرح، وعندما يلتقي بالرب يسوع، يقبلهُ فرحًا.

2- الذهاب في الطريق فرحًا (أع8: 39): لقد جاء الخصي الحبشي وزير كنداكة ملكة الحبشة إلى أورشليم ليسجد (أع8: 27)، وتمَّم الفرائض، ولم يشعر بالفرح.  وفي طريق العودة كان يقرأ في إشعياء 53 عن الشخص الوحيد الذي يستطيع أن يمنح الفرح الحقيقي، وبشَّره فيلبس من هذا الكتاب بيسوع.  والروح القدس يختم القصة بالقول: «وَذَهَبَ فِي طَرِيقِهِ فَرِحًا» (أع8: 26-39).  والطريق هنا لا يقتصر على الحبشة فقط، ولكنه الطريق إلى بيت الآب.  فقد تقابل الخصي مع مانح الفرح، ومضى في الطريق نحو بيت الآب فرحًا.  لقد بدأ طريق الفرح الذي لن ينتهي.  وفي بيت الآب، يوم عرس الخروف، مكتوب: «لِنَفْرَحْ وَنَتَهَلَّلْ وَنُعْطِهِ الْمَجْدَ! لأَنَّ عُرْسَ الْخَرُوفِ قَدْ جَاءَ» (رؤ19: 7).  ففي الخصي الحبشي نرى طريق الفرح الذي بدأ ولن ينتهي.

ثانيًا: تأثير أفراح الخلاص على السماء

«أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ هكَذَا يَكُونُ فَرَحٌ فِي السَّمَاءِ بِخَاطِئٍ وَاحِدٍ يَتُوبُ أَكْثَرَ مِنْ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ بَارًّا لاَ يَحْتَاجُونَ إِلَى تَوْبَةٍ» (لو15: 7).

يصوِّر لنا الروح القدس في لوقا 15 تأثير أفراح الخلاص على السماء، فلا يقتصر تأثيرها على الشخص نفسه، بل يمتد إلى السماء.  ففي قصة الخروف الضال نجد الأفراح تمتد إلى المُخلِّص نفسه، فهو «يَذْهَبَ لأَجْلِ الضَّالِّ حَتَّى يَجِدَهُ.  وَإِذَا وَجَدَهُ يَضَعُهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ فَرِحًا» (لو15: 5).  فنجد قلب المخلِّص فَرِحًا بمن استقى منه كينبوع الخلاص، داعيًا الأصدقاء والجيران قائلاً لهم: «افْرَحُوا مَعِي، لأَنِّي وَجَدْتُ خَرُوفِي الضَّالَّ!» (لو15: 4-7).  وفي مَثَل الدرهم المفقود الذي يُمثِّل لنا نشاط وعمل الروح القدس في الضغط على الخاطئ للرجوع، نجد أقنوم الروح القدس وفرحته برجوع الخاطئ وتوبته.  ونجد فرحة الملائكة أيضًا برجوع الخاطئ وتوبته «يَكُونُ فَرَحٌ قُدَّامَ مَلاَئِكَةِ اللهِ بِخَاطِئٍ وَاحِدٍ يَتُوبُ» (لو15: 8-10).  وفي مثل الابن الضال نرى قلب الآب المحب وفرحته برجوع ابنه الضال، راكضًا إليه، فاتحًا له ذراعي المحبة، غامرًا إياه بالقبلات، ونسمع القول: «لأَنَّ ابْنِي هَذَا كَانَ مَيِّتًا فَعَاشَ، وَكَانَ ضَالاًّ فَوُجِدَ.  فَابْتَدَأُوا يَفْرَحُونَ» (لو15: 24).

الشيء الطبيعي أن يفرح من استقى من ينابيع الخلاص، لكن يا للعجب أن يغمر الفرح السماء، بمن استقى من ينابيع الخلاص!

ثالثًا: تأثير أفراح الخلاص على البيت

«وَلَمَّا أَصْعَدَهُمَا إِلَى بَيْتِهِ قَدَّمَ لَهُمَا مَائِدَةً، وَتَهَلَّلَ مَعَ جَمِيعِ بَيْتِهِ إِذْ كَانَ قَدْ آمَنَ بِاللهِ» (أع16: 34).

رأينا في زكا والخصي الحبشي تأثير أفراح السماء على الشخص نفسه، كما رأينا الفرح الذي يغمر السماء بمن استقى من ينابيع الخلاص.  لكننا في سجان فيلبي نرى أن الفرح لا يقتصر على الشخص نفسه، ولا على السماء فقط، بل يمتد إلى البيت أيضًا.  لقد تحوَّل سجان فيلبي من وحشٍ قاسٍ إلى حملٍ وديع، إذ قد آمن بالله، وتأثير ذلك ظهر في الحال على البيت، فالمبدأ الإلهي «آمِنْ بِالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ فَتَخْلُصَ أَنْتَ وَأَهْلُ بَيْتِكَ... وَكَلَّمَاهُ وَجَمِيعَ مَنْ فِي بَيْتِهِ بِكَلِمَةِ الرَّبِّ ... وَاعْتَمَدَ فِي الْحَالِ هُوَ وَالَّذِينَ لَهُ أَجْمَعُونَ».  وماذا كانت النتيجة؟ «تَهَلَّلَ مَعَ جَمِيعِ بَيْتِهِ إِذْ كَانَ قَدْ آمَنَ بِاللهِ» (أع16: 25-34).  فقد عمت الفرحة جميع من في البيت وتهلَّل الكل.
منسى ملاك