أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
 
 
عدد مارس السنة 2011
قراءة معاصرة فى رسائل نبى
تكبير خط المقالة تصغير خط المقالة
وَعِنْدَنَا الْكَلِمَةُ النَّبَوِيَّةُ، وَهِيَ أَثْبَتُ، الَّتِي تَفْعَلُونَ حَسَنًا إِنِ انْتَبَهْتُمْ إِلَيْهَا، كَمَا إِلَى سِرَاجٍ مُنِيرٍ فِي مَوْضِعٍ مُظْلِمٍ، إِلَى أَنْ يَنْفَجِرَ النَّهَارُ، وَيَطْلَعَ كَوْكَبُ الصُّبْحِ فِي قُلُوبِكُمْ» (2بط1: 19).

نحن دائمًا في احتياج للالتفات إلى الكلمة النبوية، الكلمة التي تقول لنا «هكذا قال الرب»، الموجَّهة لقلوبنا لتُعلن فكر الله لنا، ولتخاطب ضمائرنا أن نتخذ موقفًا متجاوبًا معها. ويزداد احتياجنا هذا كلما ازدادت حلكة الموضع المظلم، العالم الذي نعيش فيه. ولست أعرف أيامًا أكثر ظلامًا من تلك التي وقعت قرعتنا فيها. لذا وجب أن نلتفت إلى تلك الكلمة النبوية، ونبحث فيها عن رسالة من الرب لأنفسنا.

هذا ما فعلته، فتوقفت عند نبوة حجي والتقطت رسالة، ورغبت أن أشارك قارئي بها.

لماذا هذا السفر الآن؟

يُعلِن السفر عن نفسه بقوة، وبنسبة غير متكررة في غيره من الأسفار، أنه “كلام الرب”. فإذا رصدنا العبارات الدالة على ذلك؛ مثل «هكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ قَائِلاً...»، لوجدناها 24 عبارة في سفر مكوَّن من 38 آية، ولوجدناها تشكِّل حوالي 111 كلمة، في اللغة العربية، من أصل 641 (تقريبًا كلمة من كل 6 كلمات)، رغم قصر زمن النبوة والذي امتد قرابة 114 يومًا (أي كلمة لكل يوم تقريبًا)! ويكفي أن نلقي نظرة سريعة على تركيب جملة واحدة منهم على سبيل المثال: «فَقَالَ حَجَّي رَسُولُ الرَّبِّ بِرِسَالَةِ الرَّبِّ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ قَائِلاً»؛ لنرى أن هناك أمرًا هامًا استلزم أن يرسل الرب رسولاً، مؤكِّدًا أنه رسوله هو، يحمل رسالة محدَّدة، وهذه الرسالة هي لجميع الشعب؛ ويا لأهمية سماع مثل هذه الرسالة!

فإن كنا ندرك احتياجنا لسماع كلمة الرب في زمن مثل زماننا، وبصفة خاصة في الأيام التي نمرّ بها؛ سندرك أهمية قراءة هذا السفر قراءة واعية تلتقط رسالة من الرب لنا. كما يجدر بنا أن يتم فينا ما قيل عن أولئك الذين سمعوا تلك الرسالة «حِينَئِذٍ (الاستجابة الفورية) سَمِعَ زَرُبَّابِلُ بْنُ شَأَلْتِيئِيلَ وَيَهُوشَعُ بْنُ يَهُوصَادِقَ الْكَاهِنِ الْعَظِيمِ (الاستجابة الفردية)، وَكُلُّ بَقِيَّةِ الشَّعْبِ (الاستجابة على مستوى الجماعة) صَوْتَ الرَّبِّ إِلهِهِمْ وَكَلاَمَ حَجَّي النَّبِيِّ كَمَا أَرْسَلَهُ الرَّبُّ إِلهُهُمْ». فعندما يرسل الرب رسالة تحريضية، بغضِّ النظر عن الإناء المستخدَم فيها، علينا أن نتعامل معها على أنها صوت الرب (أي السيد)، وهذا السيد هو إلهنا الوحيد.

كذلك إذا لاحظنا توقيع الله في ختام السفر «إِنِّي ... أَقْلِبُ كُرْسِيَّ الْمَمَالِكِ، وَأُبِيدُ قُوَّةَ مَمَالِكِ الأُمَمِ، وَأَقْلِبُ الْمَرْكَبَاتِ وَالرَّاكِبِينَ فِيهَا، وَيَنْحَطُّ الْخَيْلُ وَرَاكِبُوهَا، كُلٌّ مِنْهَا بِسَيْفِ أَخِيهِ»، لازداد اقتناعنا أنه يحوي رسالة تناسب يومنا هذا تمام المناسبة، يومٌ تزعزعت فيه كل الثوابت، وقلب الرب، وليس غيره، كراسي الممالك، وأبطل كل قوة وبأس وحكمة للبشر. لذا علينا أن نعتبر هذه الرسالة اليوم.

أضف إلى ذلك ما سنراه خلال هذه السطور من مشابهات مع أيامنا، من حيث الداء والنتائج.

وأنا لست هنا بصدد تفسير هذه النبوة من المنظور النبوي؛ بل أجتهد أن ألتقط منها رسالة لنفسي ولقارئي، نحتاج أن ننصت إليها ونتجاوب معها، الآن.

عريضة الدعوى

تتلخص دعوى الرب ضد شعبه في هذا السفر في نقطتين أساسيتين. الأولى: أن «هذَا الشَّعْبُ قَالَ إِنَّ الْوَقْتَ لَمْ يَبْلُغْ وَقْتَ بِنَاءِ بَيْتِ الرَّبِّ...». والثانية: أن «كُلُّ عَمَلِ أَيْدِيهِمْ وَمَا يُقَرِّبُونَهُ هُنَاكَ. هُوَ نَجِسٌ». أي في عبارتين: أن الرب ليس أولاً، وأن الأعمال ليست مقدَّسة. ومن منا اليوم يمكنه أن يتبرأ من مثل هاتين العلتين؟!

على أني أودّ أن أضع خطًّا تحت منبع هاتين العلّتين والذي نكتشفه من قول الرب «وَأَنْتُمْ رَاكِضُونَ كُلُّ إِنْسَانٍ إِلَى بَيْتِهِ». إنه اهتمام الإنسان بنفسه دون الله، أو بلغة الأيام الأخيرة «مُحِبِّينَ لِلَّذَّاتِ دُونَ مَحَبَّةٍ للهِ» (2تي3: 4). لقد تقوقع الإنسان حول ذاته، معتقدًا أن هذا الكون قد خُلق ليكون هو مركزه، وأن كل الأشياء ينبغي أن تَصُبّ في مصلحته، وبالطريقة التي يراها، وأنه موجود في هذه الحياة ليحصِّل لنفسه كل ما يرى وجوب تحصيله من مال وممتلكات وكرامة وسلطة ورغبة. وعندما أقول “الإنسان”، فإني لا أقصد مخلوقًا مجهولاً بعيدًا في أطراف الأرض أو في كوكب آخر؛ إني أقصد نفسي، واسمح لي أن أقصدك قارئي العزيز.

أدعوك لنظرة سريعة إلى الطبيعة، كبيرها وصغيرها؛ استخدم التليسكوب لترى الكواكب تدور في فلك شموسها، أو استخدم الميكروسكوب لترى الإلكترونات تدور في فلك نواتها، واعمل بعينيك وعقلك فيما بينهما، لتكتشف ما يمكن أن نسميه “مركزية الكون”. ولقد خلق الله الإنسان لمجده، لكي يرتبط به ويدور في فلكه (إش43: 7). فإن كان خروج كوكب عن مساره يسبب كارثة كونية، وخروج إلكترون عن مساره ينتج قنبلة ذرية؛ فقد خرج الإنسان عن فلك إلهه، فكانت مأساة البشرية.

ودعك من الذين ينكرون الله، واترك المعترفين اسميًا به، وتعال لنقف وقفة جادة مع أنفسنا نحن الذين نقول بأننا نؤمن به ونعبده. هل الله “أولاً ومركزًا” لحياة كل منا كفرد؟! إننا جميعًا نعرف القول «اطْلُبُوا أَوَّلاً مَلَكُوتَ اللهِ وَبِرَّهُ، وَهذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ» (مت6: 33)؛ لكننا نتمسك بأن تُزاد لنا طلباتنا دون أن نُعطي لله حقّه في الحياة أولاً!! نحن، بلغة الرمز، نطالب بأن «كُوَّارَ الدَّقِيقِ لاَ يَفْرُغُ، وَكُوزَ الزَّيْتِ لاَ يَنْقُصُ» دون أن نذكر شرط رجل الله يومها «اعْمَلِي لِي مِنْهَا كَعْكَةً صَغِيرَةً أَوَّلاً»، ولنلتفت للكلمتين «لي... أولاً».

هل نعمل له، لإلهنا، أولاً؟ هل تُبنى قرارتنا على مشيئته، أم نغلِّب رغباتنا؟ هل مجده يهمنا، أم أصبح المجد مجدنا؟ هل ما زلنا نعي ونعترف بأن «مِنْهُ، وَبِهِ، وَلَهُ كُلَّ الأَشْيَاءِ» (رو11: 36)، أم نسبنا الفضل لأنفسنا وقدراتنا وذكائنا، فسلبناه حقوقه؟

“الفساد”، كلمة تتردد بكثرة اليوم، أحد تعريفاتها اللغوية “تغيُّر الشيء عن شكله الطبيعي، وصيرورته غير نافع لإتمام الغرض الذي وُجد لأجله”. نسجًا على هذا التعريف، فخروج الإنسان عن تمجيده لله الذي خُلق لأجله، يحكم بأنه فاسد. ولا عجب إذن إن سمعنا القول «كُلُّ عَمَلِ أَيْدِيهِمْ وَمَا يُقَرِّبُونَهُ هُنَاكَ. هُوَ نَجِسٌ»، فهو نابع عن فساد.

آه لو جرَّبنا إشباع قلبه لوجدنا فيه إشباعَ قلوبنا، بل ومِلئًا لكل احتياجنا. ولو صار هو مركزَ حياتنا لاختفت معاناتنا. ولو دُرنا في فلكه سنجد دفئه دائمًا في حياتنا. وإذ ينتظم كلٌّ في مداره لن يحتك واحد بغيره، وستختفي المُكدِّرات.

أن يكون هو المركز، تلك هي الحياة في أسمى معانيها.

النتائج المريرة


والحالة كما سبق، فلا عجب إذن إن حصدنا النتائج المريرة. وفي هذا السفر الصغير 12 نتيجة للبعد عن مركزية الله، اسردها بنص الكتاب وأعلِّق على القليل منها:

1) «زَرَعْتُمْ كَثِيرًا وَدَخَّلْتُمْ قَلِيلاً». فكم تعبنا ولهثنا سعيًا لتحقيق رغباتنا، وما أقلّ ما حصّلنا.

2) «تَأْكُلُونَ وَلَيْسَ إِلَى الشَّبَعِ».

3) «تَشْرَبُونَ وَلاَ تَرْوُونَ». أوَليس الحال هكذا؟ فكل من يشرب من الماء الذي يعطيه العالم لا بد وأن يعطش.

4) «تَكْتَسُونَ وَلاَ تَدْفَأُونَ».

5) «وَالآخِذُ أُجْرَةً يَأْخُذُ أُجْرَةً لِكِيسٍ مَنْقُوبٍ». لقد جمعنا كثيرًا وما بقى شيء، وكم تضخَّمت حسابات بنوك ما عاد لها قيمة؟ فـ«بَرَكَةُ الرَّبِّ هِيَ تُغْنِي، وَلاَ يَزِيدُ مَعَهَا تَعَبًا» (أم10: 22)، لكن البركة غابت فما بقى غير الفقر والتعب!!

6) «انْتَظَرْتُمْ كَثِيرًا وَإِذَا هُوَ قَلِيلٌ». فأطماعنا الكثيرة لا يتحقق منها القليل، وإن تحقَّق فالنتيجة التالية:

7) «وَلَمَّا أَدْخَلْتُمُوهُ الْبَيْتَ نَفَخْتُ عَلَيْهِ». ومن يستطيع الوقوف أمام نفخة الذي ينشِّف البحر بزجرته.

8) «لِذلِكَ مَنَعَتِ السَّمَاوَاتُ مِنْ فَوْقِكُمُ النَّدَى».

9) «وَمَنَعَتِ الأَرْضُ غَلَّتَهَا».

10) «وَدَعَوْتُ بِالْحَرِّ عَلَى الأَرْضِ...»

11) «أَحَدُكُمْ يَأْتِي إِلَى عَرَمَةِ عِشْرِينَ فَكَانَتْ عَشَرَةً...».

12) «قَدْ ضَرَبْتُكُمْ بِاللَّفْحِ وَبِالْيَرَقَانِ وَبِالْبَرَدِ فِي كُلِّ عَمَلِ أَيْدِيكُمْ».

أعتقد أن القليل من الإخلاص مع النفس في تقييم الواقع يجعلنا نرى أنفسنا في قلب السفر.

على أن التعليق المؤسف في الأمر هو «وَمَا رَجَعْتُمْ إِلَيَّ»!!!

ومن أسف ألا نفهم تعاملات الرب، وألا نستفيد من الظروف المعاكسة والضاغطة لتقودنا رجوعًا إلى الرب.

العلاج الناجع

على أن الرب في نعمته ورحمته، يقدِّم للشعب العلاج الشافي لحالتهم. فهو لا يُسَرّ ببُعد شعبه عنه، ولا يألو جهدًا ليصحِّح هذه الحالة المؤلمة لقلبه. وها هو يقدِّم للشعب النصيحة بمنتهى الإيجاز «اجْعَلُوا قَلْبَكُمْ على طرقكم»؛ بترجمات أخرى “افحصوا طرقكم”، “تأملوا في طرقكم”، “انظروا ما فعلتم”، “تأملوا في قلوبكم أين أوصلتكم طرقكم”.

هذه النصيحة تتكرر 4 مرات في السفر في ثنائيتين متوازيتين، ثنائية في كل أصحاح، كل منهما تدعو للنظر نظرة للخلف ونظرة للأمام. ودعنا نلتفت إلى النظرتين:

«وَالآنَ فَاجْعَلُوا قَلْبَكُمْ مِنْ هذَا الْيَوْمِ فَرَاجِعًا». إنها دعوة للتفكُّر في ما آلت إليه أحوالنا، ولنتصرف التصرف الصحيح حيالها. لنتأمل بحق أين أوصلتنا طرقنا؟ وماذا أنجزنا مما يستحق أن نضع قلوبنا عليه؟ وكيف يمكنننا ملء كشف حساب وكالتنا إن قدَّمناه اليوم؟ ولنراجع ما حصلّناه من النتائج المريرة السالفة الذكر، وكم منها أصابنا. وعندئذ لا ينتظر منا الرب مجرد ندم أجوف بلا فاعلية أو جَلدًا للذات؛ بل توبة حقيقية تُغيِّر الطريق عودةً إليه بدلاً من الانصراف عنه، ليكون هو الكل في الكل.

وهذا ما يقودنا للنظرة الثانية:

«فَاجْعَلُوا قَلْبَكُمْ مِنْ هذَا الْيَوْمِ فَصَاعِدًا». وهذه دعوة لاتخاذ قرار بالاتكال على نعمة الله. دعوة لكي نكون كذاك الذي «جَعَلَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ لاَ يَتَنَجَّسُ» بأن يعيش لذاته ولذّاته. دعوة لنتجاوب مع صوت الرب لنا بشأن ما تبقى من العمر، وهو على أية حال ليس بكثير، لنعيشه له، لإكرامه، لتحقيق مشيئته.

على أنه لا يفوتنا في صدد العلاج أن نلفت النظر إلى كلمة ترددت بقوة في السفر «الآنَ». فالآن في كل الأحوال هو الوقت المقبول، هو ما لنا أن نتكلم عنه؛ فالغد ليس ملكًا لنا. فلنبدأ الآن في ما يضع الرب في قلوبنا أن نفعله لمجده.

مشجِّعات في طريق الرجوع

ولأن الطريق ليست سهلة، ولأن المطلوب ليس بقليل؛ فإلهنا لا يتركنا هكذا بدون تشجيع. ويمكننا أن نجد في هذا السفر عدة مُشجِّعات للمتجاوبين مع صوته:

1) رفقة الرب: «أَنَا مَعَكُمْ، يَقُولُ الرَّبُّ». إنه ذاك الذي قال «دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ» قبل أن يردف «وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ» (مت28: 18-20)؛ فما أهنانا به رفيقًا! وما أكفاه لنا!

2) عمل الرب: «وَنَبَّهَ الرَّبُّ رُوحَ (بثَّ الرب الهمَّة والحماسة)... فَجَاءُوا وَعَمِلُوا». فالحقيقة أن «اللهَ هُوَ الْعَامِلُ فِيكُمْ أَنْ تُرِيدُوا وَأَنْ تَعْمَلُوا مِنْ أَجْلِ الْمَسَرَّةِ» (في2: 13)، فهو الذي ينشيء في قلوبنا الرغبة والشوق أن نكرمه ونمجِّده ونحيا له، وهو - تبارك اسمه - الذي يعطينا كل ما هو لازم كي نتمِّم ما وضعه في قلوبنا.

3) وعود الرب: «حَسَبَ الْكَلاَمِ الَّذِي عَاهَدْتُكُمْ بِهِ». فلنتمسك بوعوده التي تملأ ما بين دفتي الكتاب، فنجد فيها مستندًا رائعًا لنا في هذه الطريق.

4) روح الله: «وَرُوحِي قَائِمٌ فِي وَسَطِكُمْ». نظرة واحدة إلى التلاميذ، الهارب منهم والخائف والناكر، قبل سكنى الروح القدس، ونظرة أخرى إليهم في سفر الأعمال قابلين الإهانة بفرح من أجل المسيح، بل وقابلين حتى الموت من أجله؛ هذه النظرة تجعلنا ندرك ما يمكن أن يفعله الله الروح القدس الساكن فينا بنا، بغضِّ النظر عن طبيعة أوانينا.

5) الرجاء المبارك: «هِيَ مَرَّةٌ، بَعْدَ قَلِيلٍ، فَأُزَلْزِلُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ... وَأُزَلْزِلُ كُلَّ الأُمَمِ. وَيَأْتِي مُشْتَهَى كُلِّ الأُمَمِ». لنا رجاء ما أعظمه في مجيء الرب قريبًا إلينا، كما ونعلم الكثير عما سيلاقي هذا العالم قريبًا؛ ففي ضوء هذا وذاك يمكننا أن نجد ما يشجِّعنا لنكمل الطريق، غير واضعين قلوبنا على ما هو زائل، فرحين في الرجاء، وصابرين في الضيق.

6) إمكانيات الله: «لِي الْفِضَّةُ وَلِي الذَّهَبُ». وسيدنا لا ينقصه أي من الإمكانيات التي نحتاجها في طريقنا، وهو لا يبخل علينا بها.

7) النتائج المباركة للطاعة، وهي ما نراه في الآتي:

نتائج مباركة

1) «فَأَرْضَى عَلَيْهِ وَأَتَمَجَّدَ». يرضى الله، ويتمجد! هل تعرف أيها القديس ما هو أروع من ذلك: نظرة رضا في عيني السيد، ومجدٌ للرب في حياتك؟ّ هل هناك حياة أروع من هذه؟ هل هناك ما يبقى بعد فناء كل شيء إلا هذا؟

2) «وَفِي هذَا الْمَكَانِ أُعْطِي السَّلاَمَ». السلام الذي يرنو إليه الجميع فلا يجدونه، هو عطية إله السلام، رئيس السلام، القائل «سَلاَمًا أَتْرُكُ لَكُمْ. سَلاَمِي أُعْطِيكُمْ» (يو14: 27). سلام ذاك الذي كان مطمئنًا في أحلك الظروف.

3) «فَمِنْ هذَا الْيَوْمِ أُبَارِكُ». البركة! العنصر المفقود في عالم الرفاهية والرخاء والأرقام بالمليارات، وخواء النفس في الوقت عينه!!

4) «آخُذُكَ يَا زَرُبَّابِلُ عَبْدِي ابْنُ شَأَلْتِيئِيلَ، يَقُولُ الرَّبُّ، وَأَجْعَلُكَ كَخَاتَمٍ، لأَنِّي قَدِ اخْتَرْتُكَ». والخاتم هنا يحمل معنى السلطان من ناحية (تك41: 40-43؛ أس3: 9-11)، والمحبة من ناحية أخرى (نش8: 6)؛ وما أروع كليهما!

يا رب..

هبنا الآذان المصغية والقلوب المفتوحة والأذهان الواعية، لنلتقط رسالتك ونعيشها؛ فنكف عن صبيانية الانكفاء على الذات والدوران في فلك “الأنا”. امنحنا نعمة فنعطيك مكانك وحقَّ قدرك في حياتنا، ونسعى لنتمم مشيئتك. فنحظى برضاك وهو غاية المراد.

عصام خليل

 

عصام خليل