أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
 
 
عدد يوليو السنة 2011
مورة
تكبير خط المقالة تصغير خط المقالة

طُوبَى لأُنَاسٍ عِزُّهُمْ بِكَ.  طُرُقُ بَيْتِكَ فِي قُلُوبِهِمْ.  عَابِرِينَ فِي وَادِي الْبُكَاءِ، يُصَيِّرُونَهُ يَنْبُوعًا. أَيْضًا بِبَرَكَاتٍ يُغَطُّونَ مُورَةَ» (مز84: 5،6)

“مُورَة” هي موضع قرب أورشليم وجبل عيبال وجرزيم، وكانت بقعة خصبة جدًا نتيجة انسكاب المطر المبكر عليها، لذلك قيل «بِبَرَكَاتٍ يُغَطُّونَ مُورَةَ» أو “ببركات يكسيه المطر المبكر”.
لقد أخصب شعب اسرائيل كما كانت مورة خصبة، وتحصلوا على بركات كثيرة، وأثمروا فتحولوا من نفر قليل الى أمة كبيرة، أخرجها الرب من كور المشقة ومعاجن الطين، وأتى بهم إلى أرض كنعان، وقيل عنهم: «بِبَرَكَاتٍ يُغَطُّونَ مُورَةَ» (مز84: 6).  أما بالنسبة لنا نحن كنيسة الله فإننا نرى في البركات التي تغطي مورة صورة  للمؤمنين عندما انسكب الروح القدس كالمطر المبكر فى يوم الخمسين (أع2)، وسكن فى الكنيسة والمؤمنين أفرادًا نتيجة موت الرب وقيامته وصعوده الى السماء.  ويقول الوحي: «وَكَانَ الرَّبُّ كُلَّ يَوْمٍ يَضُمُّ إِلَى الْكَنِيسَةِ الَّذِينَ يَخْلُصُونَ» (أع2: 47).   
ولقد ارتبطت “مُورَة” في الكتاب المقدس بواقعتين:

الواقعة الأولى:

«وَاجْتَازَ أَبْرَامُ فِي الأَرْضِ إِلَى مَكَانِ شَكِيمَ إِلَى بَلُّوطَةِ مُورَةَ.  وَكَانَ الْكَنْعَانِيُّونَ حِينَئِذٍ فِي الأَرْضِ» (تك12: 6).

تعتبر مورة هي المحطة الثانية فى رحله أبرام إلى أرض كنعان، وارتبطت مورة في هذه المرة بالكنعانيين، وهم التجار الذين هم صورة للمعلمين الكذبة «وَهُمْ فِي الطَّمَعِ يَتَّجِرُونَ بِكُمْ بِأَقْوَالٍ مُصَنَّعَةٍ، الَّذِينَ دَيْنُونَتُهُمْ مُنْذُ الْقَدِيمِ لاَ تَتَوَانَى، وَهَلاَكُهُمْ لاَ يَنْعَسُ» (2بط2: 3).  وظهر الرب لأبرام وبنى مذبحًا رغم وجود الكنعانيين، والمذبح يُكلّمنا عن السجود وأيضًا عن الشهادة الحية للرب، فى المكان رغم وجود الكنعانيين فى الأرض .
نستطيع أن نقول إنه ببركات غطى أبرام مورة، وانتصر على الكنعانيين، وبنى مذبحًا للرب.  هكذا نحن رغم وجود الكنعانيين، أي المعلمين الكذبة فى أوساط المسيحية الاسمية حولنا، نستطيع بقوة وعمل الروح القدس فينا أن نقدم ذبائح روحية مقبولة عند الله بيسوع المسيح (1بط2: 5)، وأيضًا نُخبر بفضائل الذى دعانا من الظلمة الى نوره العجيب (1بط2: 9).

الواقعة الثانية:

«فَبَكَّرَ يَرُبَّعْلُ، أَيْ جِدْعُونُ، وَكُلُّ الشَّعْبِ الَّذِي مَعَهُ وَنَزَلُوا عَلَى عَيْنِ حَرُودَ.  وَكَانَ جَيْشُ الْمِدْيَانِيِّينَ شِمَالِيَّهُمْ عِنْدَ تَلِّ مُورَةَ فِي الْوَادِي» (قض7: 1)

هذه المرة لا نجد الكنعانيين بل المديانيين، لا التجار الغاشين كلمة الله بل رجال الحرب والنزاع. هذا ما نراه فى مديان وعلى رأسه زبح وصلمناع ملكا مديان، وغراب وذئب أميرا مديان، ومن معانى أسمائهم لا نجد إلا صورة للشيطان ومملكته، مما يذكرنا بقول الرسول: «فَإِنَّ مُصَارَعَتَنَا لَيْسَتْ مَعَ دَمٍ وَلَحْمٍ، بَلْ مَعَ الرُّؤَسَاءِ، مَعَ السَّلاَطِينِ، مَعَ وُلاَةِ الْعَالَمِ عَلَى ظُلْمَةِ هَذَا الدَّهْرِ، مَعَ أَجْنَادِ الشَّرِّ الرُّوحِيَّةِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ» (أف6: 12).  لقد انتصر جدعون على هؤلاء الأربعة وقتلهم (قض7: 25؛ 8: 21).  وتم الانتصار بعد أن «ضَرَبَتِ الْفِرَقُ الثَّلاَثُ بِالأَبْوَاقِ وَكَسَّرُوا الْجِرَارَ, وَأَمْسَكُوا الْمَصَابِيحَ بِأَيْدِيهِمِ الْيُسْرَى وَالأَبْوَاقَ بِأَيْدِيهِمِ الْيُمْنَى لِيَضْرِبُوا بِهَا, وَصَرَخُوا: سَيْفٌ لِلرَّبِّ وَلِجِدْعُونَ» (قض7: 20).  إن الجرار كناية عن الجسد، والمصابيح عن كلمة الله، أما الأبواق فهى تمثل الشهادة.
 نستطيع أن نقول ببركات غطى جدعون مورة وانتصر على المديانيين الذين هم صورة للشيطان وجنوده.  هكذا نحن لكي نحقق الانتصار لا بد أن يُكسر الجسد، ونتمسك بكلمة الله كما فعل سيدنا (مت4)، وتكون لنا شهادة قوية لانه مكتوب: «وَهُمْ غَلَبُوهُ بِدَمِ الْخَرُوفِ وَبِكَلِمَةِ شَهَادَتِهِمْ، وَلَمْ يُحِبُّوا حَيَاتَهُمْ حَتَّى الْمَوْتِ» (رؤ12: 11).

منسى ملاك

 


منسى ملاك