أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
 
 
عدد أكتوبر السنة 2007
رئيس الكهنة العظيم - تأملات فى عظمه ربنا يسوع المسيح
تكبير خط المقالة تصغير خط المقالة
ذكرنا في العدد السابق أن المسيح هو كاهننا العظيم بالارتباط بثلاثة احتياجات أساسية: • أن يصنع كفارة لخطايانا • أن يرثي لضعفاتنا • أن يعضد خدمتنا الكهنوتية في الأقداس ونواصل في هذا العدد الحديث عن عظمة ربنا يسوع المسيح فنشير إلى: مفارقات مع العهد القديم هذه الأوجه الثلاثة لكهنوت المسيح تُظهر لنا المفارقة الشديدة بينه وبين تدبير العهد القديم، عندما كان يُعيَّن في وظيفة رئيس الكهنة رجال ضعفاء وعرضة للموت. أما الآن فإننا نتعامل مع أمور أفضل، أبدية وسماوية. فبما أن المسيح أعظم بما لا يُقاس من جميع رؤساء كهنة العهد القديم، فإن نتائج عمله الكهنوتي هي أيضًا أكثر غنى وأعظم مجدًا. فبالنسبة لعلاقة كهنوته بخطايانا، فالمباينة قد سبق ذكرها. فبينما كان على رئيس الكهنة في إسرائيل أن يدخل قدس الأقداس مرة واحدة كل سنة، بدم ذبيحة حيوانية ليرشه على غطاء التابوت وأمامه، نرى المسيح «بدم نفسه دخل مرة واحدة إلى الأقداس فوجد فداءً أبديًا» (عب 9 : 12). إن دمه، أمام عرش الله الآن، يشهد إلى الأبد عن عمله الكامل الذي وفىّ، وإلى الأبد، كل مطاليب الله المقدسة. أما تحت العهد القديم فقد كان كل شيء جزئيًا ومؤقتًا، وكانت الكفارة دائمًا عاجزة وغير كاملة. كما يوجد فرق كبير بين فاعلية كهنوت العهد القديم وبين الخدمة الكهنوتية الحالية لربنا يسوع المسيح بالعلاقة مع ضعفاتنا. فالمسيح «لم يدخل إلى أقداس مصنوعة بيد أشباه الحقيقة بل إلى السماء عينها ليظهر الآن أمام وجه الله لأجلنا» (عب 9 : 24). لقد دخل إلى الأقداس السماوية حيث يحيا إلى الأبد ليشفع فينا. إنه لا يكل ولا يتعب من الصلاة لأجلنا، ولا يحتاج إلى أن يُستبدل بآخر، ولكنه يحملنا ليلاً ونهارًا على كتفيه القويتين وعلى صدره المحب. إننا، بفاعلية شفاعته، محروسون ومحفوظون حتى نصل في أمان إلى كنعاننا السماوية، وطننا السماوي، وهذا هو رجاؤنا. كم هو عظيم مسيحنا كرئيس كهنة ! وبما أننا قد ارتبطنا بالمسيح ككهنة، فهو يمنحنا حرية الدخول إلى محضر الله المقدس من الآن. إنه يُصادق على خدمتنا الكهنوتية في الأقداس السماوية حيث نستطيع أن نخدم باستمرار. وبما أن لنا ثقة بالدخول فنحن لسنا في حاجة إلى انتظار دورنا، كزكريا الكاهن مثلاً، لكي نُختار بالقرعة للدخول إلى هيكل الله ونسجد (لو1: 8، 9). يا له من امتياز أن أسكن وأقيم في الأقداس كل أيام حياتي، لكي أنظر إلى جمال الرب وأتفرس في مجد الله المعلن في المسيح! إننا في نور المقادس السماوية نرى كل شيء بحسب أفكار الله. إنه من المفيد، بل ومن الضروري، أن نركز التفاتنا على عظمة المسيح كرئيس الكهنة العظيم. إن الرسالة إلى العبرانيين تُعتبر في الواقع من أقوى الدوافع للتفرس في مجده، والتأمل في لطفه، وإدراك مدى عظمة جميع جوانب شخصه وعمله. إنه أعظم من الملائكة، من كل الناس، من موسى وهارون ويشوع، بل وأعظم من إبراهيم. إنه الخالق لكل الأشياء، والفادي، والوارث للسماء والأرض. إنه هو نفسه الابن الذي صار إنسانًا واجتاز إلى أمجاد السماء من خلال آلام الموت. إنه الآن هناك جالس عن يمين الله، ونحن بعين الإيمان نراه ونُجلِّهُ لأنه رسول ورئيس كهنة اعترافنا العظيم (عب 3 : 1). وإنه لمشجع رائع أن يكون لنا رئيس كهنة عظيم مثل هذا، مما يحفزنا أيضًا أن نكمل السباق الموضوع أمامنا بنجاح. إننا نرتاح في عمله الفدائي الذي به تقدسنا وأُكْمِلنَا مرة وإلى الأبد. كما أننا نعتمد على معونته وقوته في جميع احتياجات وتجارب الحياة. إن معونتنا هي من فوق، من الأقداس السماوية. إن الرب في السماء هو الذي يعضدنا، «رئيس كهنة عظيم قد اجتاز السماوات، يسوع ابن الله» (عب 4 : 14). وبما أن لنا رئيس كهنة مثل هذا قد ارتفع فوق الناس والملائكة وجلس عن يمين الله، فنحن نستطيع أن نتقدم بثقة إلى عرش النعمة لنقدم صلواتنا وابتهالاتنا. إن وجود هذا الكاهن الراثي والمتشفع لنا أمام الله يجعل النتائج مضمونة. إن وجوده عن يمين الله وشفاعته هما أكبر ضمان لاستجابة طلباتنا (عب 4: 14 – 16). إذًا، فنحن لدينا ما يكفي من الأسباب التي تدفعنا لاعتبار وتقدير عظمته كرئيس الكهنة العظيم. فهو أعظم من هارون الذي كان كهنوته كهنوتًا أرضيًا مؤقتًا، أما المسيح فهو كاهن إلى الأبد على رتبة ملكـي صـادق (عب 7 : 21). فبِناءً على هذا الترتيب الجديد يصبح للمسيح كهنوتٌ في السماء يستمر إلى الأبد بدون تغيير. مكتوب: «انظروا ما أعظم هذا (ملكي صادق) الذي أعطاه إبراهيم رئيس الآباء عُشرًا أيضًا من رأس الغنائم!» (عب 7 : 4). هذا يعطينا دافعًا قويًا أن نبجِّل ذلك الفريد الذي يُعتبر ملك ساليم مجرد صورة له. دعونا نتأمل في إعجاب مدى عظمة ذلك الجالس عن يمين الله. إن تأكدنا من أن لنا رئيس كهنة عظيمًا مثل هذا يشجعنا أيضًا على الاقتراب إلى عرش الله كعائلة كهنة. هذا يدفعنا أن نأتي ليس فقط لتقديم طلباتنا وابتهالاتنا، بل أيضًا لنقدم ذبائح التسبيح لله، أي ثمر شفاه معترفة باسمه (عب 10: 19-22 ؛ 13 : 15). (يتبع)
هوجو باوتر