أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
 
 
عدد نوفمبر السنة 2005
انتقل ليكون مع المسيح مساء الخميس السادس من أكتوبر عام 2005
تكبير خط المقالة تصغير خط المقالة

عزَّ على الإخوة في طول البلاد وعرضها، خبر انتقال الأخ الفاضل المحبوب زكريا عوض الله. الذي انتقل ليكون مع المسيح في مساء يوم الخميس 6 أكتوبر الماضي.

وُلد الراحل العزيز سنة 1917 في قرية سنديون محافظة القليوبية، وعرف الرب يسوع في شبابه الباكر واشترك مع الإخوة في اجتماع جزيرة بدران بعد ذلك بوقت ليس بكثير، مما سبب له بعض المتاعب، ولكنه كان صلبًا لا يلين ولا يخضع لشيء يتعارض مع حق الله الذي اقتنع به.  واقترن بشريكة حياته عام 1945، ولقد تمت طريقة طلبها وارتباطه بها وإجراءات الزفاف بأسلوب بسيط، ميزه طيلة حياته بعد ذلك.  وكانت زوجته أختًا فاضلة تقية أعانته في أن يكون بيته بحق للرب، وأن تفيح منه رائحة المسيح الذكية، الأمر الذي نشأ عنه عائلة تميزها حب المسيح ومخافة الله، وهذا واضح في كل أولاده، بل وأحفاده أيضًا، الذين هم في الإيمان والتقوى، وهم سبب بركة في كل مكان يوجدون فيه. 

عمل الأخ الحبيب الراحل في التربية والتعليم، حتى وصل إلى موجه للتعليم الثانوي. ولكنه ترك الوظيفة في بداية السبعينات من القرن الماضي، ليمكنه أن يخدم فاديه وحبيبه.  وكان الراحل العزيز يحب الإخوة ويجد كل سروره في الشركة معهم. وعندما كان يزورهم في المدن أو القرى على السواء، كان يقضي معهم الأوقات الطويلة التي تزيد أحيانًا كثيرة عن الشهر، غير مبالي بتعب الجسد، ولا بأي شيء. فخدمة سيده وخدمة قديسيه كانت تمثل، وبلا منازع،  أولى اهتماماته.

تميز الراحل العزيز بالوداعة الكثيرة والتواضع الجم، متعلمًا من سيده.  كما كان له قلب الطفل وبساطته. وما كان يهتم قط بمأكل أو ملبس. كانت الذات غائبة، والمسيح يملك وحده على عرش القلب.

وبالإضافة إلى الخدمة الشفاهية التي كان للراحل الفاضل باع طويل فيها، فقد منحه الرب موهبة شعرية، قل أن نجد نظيرها. وكتاب الترنيمات الروحية الذي نستخدمه في اجتماعاتنا إلى اسم المسيح يحتوي على الكثير مما كتبه الراحل العزيز.  وكم تعزى المؤمنون في اجتماعاتهم وجلساتهم وانفرادهم بهذه الترانيم العذبة!  وربما لا نغالي إن قلنا إن راحلنا العزيز هو من أشهر من نظم الترانيم والقصائد في العالم العربي. ذلك لأن الترانيم التي كتبها كان لها مسحة روحية ولغة كتابية، وكانت تُكتب عن شركة حقيقية مع الرب.  ولقد أدرك الإخوة قيمة هذه القصائد التي كتبها، والترانيم التي ألفّها، وفكر بعضهم في جمع هذه الترانيم معًا في مجموعة من الشرائط. ولقد صدرت بالفعل باكورة هذا الانتاج في شريط ترنيم بعنوان ”يشبع قلبي“، من ألحان الأخ الفاضل الموهوب بهجت عدلي.

ولقد ظل الراحل الكريم رغم تقدمه في السن ورغم مرضه الشديد في السنة الأخيرة، مواظبًا على اجتماع الإخوة ببورسعيد.  وعندما عقد آخر مؤتمر لهم هذا العام خلال شهر يوليو الماضي لم يتغيب على الإطلاق عن حضور هذه الاجتماعات، وكان يشترك مع الخدام في خدمة الكلمة، ولكن بعد ذلك تداعت حالته الصحية، ولو أنه ظل إلى النهاية متمسكًا بالرب، فرحًا بصفة خاصة أنه سيتقابل مع المسيح، ومع جموع أحبائه الذين سبقوه إلى المجد.

ولقد كان الأخ المحبوب معتادًا عندما يسمع بخبر انتقال أي واحد من الإخوة العاملين أن يشارك بقصيدة يكتبها لهذه المناسبة، وكنا نتساءل فيما بيننا: ترى مَنْ سيكتب قصيدة لوداع الأخ الحبيب، إذا سمحت مشيئة الرب أن ينتقل إلى السماء قبل مجيء المسيح للاختطاف؟ وما كان يخطر على بالنا أنه أعد لهذه المناسبة قصيدة رائعة، لكي تلقى في مناسبة وداعه وعنوان القصيدة ”هذا يوم عيدي“. 

هنيئًا له باللقاء مع فاديه وحبيبه في يوم عيده. وهنيئًا له بالإكليل من يد الفادي الكريم يوم وقوفه أمام كرسي المسيح.  فسيدنا لا يمكن أن ينسى تعب الأخ الفاضل وتضحياته في خدمته.  والرب وحده قادر أن يملأ الفراغ، وأن يسكب تعزياته للعائلة العزيزة ولجموع عارفيه من المؤمنين في كل مكان.

ولا نملك سوى نداء حقيقي يتصاعد من القلوب: «آمين تعال أيها الرب يسوع»!
وهذه قصيدة أخرى قيلت في حفل وداع الراحل العزيز، من نظم الأخت الفاضلة فيبي فارس.

المالُ يفنى والمآثرُ تندثرْ
والجاهُ يذوي فما ترى ظلاً له
أما المحبةُ فهي تملُكُ للأبدْ
والتقوى إرثٌ للبنينِ مذخّرُّ
عجبي مَزَجتَ مع المحبةِ والتقى
وحملتَ رائحةَ المسيحِ.. عبيرُها
كمْ من قصائدَ صُغتَها فإذا بها
وبها تَغنَّى صغيرُنا وكبيرُنا
زكريا إن مَناك قد ربحَ الكثيرْ
مهما نقولُ لكَ قليلٌ لو كثُرْ
        والملكُ يهوي وصولجانُهُ ينكسرْ
والعمرُ مهما امتدَ يومًا ينحسر
الحقُ درعُها والملائكةُ خفر
وهو بصدقِ القولِ أثمنُ ما ذُخر
لطفًا على حلوِ مُحيَّاكَ ظهر
يبقى، وحاملُها عن القومِ عبَرْ
كسلاسلِ الذهبِ وأطواقِ الدُرَرْ
وبها الصغيرُ ترنمَ حتى كَبُرْ
ولذا فأجرُكَ عند ربِكَ قد كثُر
يا ليتنا بك نقتفي حلوَ الأثَرْ