أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
 
 
عدد يوليو السنة 2011
كيف نبه الرب الشعب
تكبير خط المقالة تصغير خط المقالة
حَجَّي2)
نتذكر أيها القارئ العزيز أنه نتيجة لكتابات إرميا وصلوات دانيآل، عادت بقية صغيرة من شعب الله - من بابل - تحت قيادة زربابل وعزرا ونحميا، وقد واجهوا العديد من المصاعب: أعداء أقوياء من الخارج، وحصاد شحيح، ومفشلات عميقة من الداخل.  والأصحاح الرابع من سفر عزرا يروي لنا القصة المؤسفة لتوقف عمل البناء فى الهيكل.  ونتيجة لعمل الله، وأيضًا لتجاوب رجال أتقياء، تغيَّر الموقف.  فلم تكن الضغوط الخارجية والظروف الصعبة هما سبب توقف الشعب عن بناء بيت الرب، بل افتقار شعب الله إلى قلب كامل نحوه
«فَكَانَتْ كَلِمَةُ الرَّبِّ عَنْ يَدِ حَجَّيِ النَّبِيِّ: هَلِ الْوَقْتُ لَكُمْ أَنْتُمْ أَنْ تَسْكُنُوا فِي بُيُوتِكُمُ الْمُغَشَّاةِ، وَهَذَا الْبَيْتُ خَرَابٌ؟» (حج1: 3، 4).  «وَنَبَّهَ الرَّبُّ رُوحَ زَرُبَّابِلَ بْنِ شَأَلْتِئِيلَ وَالِي يَهُوذَا، وَرُوحَ يَهُوشَعَ بْنِ يَهُوصَادَاقَ الْكَاهِنِ الْعَظِيمِ، وَرُوحَ كُلِّ بَقِيَّةِ الشَّعْبِ.  فَجَاءُوا وَعَمِلُوا الشُّغْلَ فِي بَيْتِ رَبِّ الْجُنُودِ إِلَهِهِمْ» (حج1: 14).  لكن بقيت أيضًا بعض المشكلات الحقيقية ليواجهوها.  وكما كان في أيامهم هكذا أيضًا الآن؛ يجب أن يكون التجاوب مع كلمة الرب التى جاءت على فم نبيه ذا صدى عندنا نحن أيضًا.  
وإذا عرفنا أن الاسم «حَجَّي» معناه “عيد الرب”، نُدرك لماذا «كَانَتْ كَلِمَةُ الرَّبِّ عَنْ يَدِ حَجَّيِ النَّبِيِّ ... فِي الشَّهْرِ السَّابِعِ فِي الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ مِنَ الشَّهْرِ» (حج2: 1)، لأن هذا التاريخ في العهد القديم، يُقابل اليوم الأخير العظيم من عيد المظال، والذي فيه وقف الرب يسوع فى الهيكل (يو 7: 37).  وهكذا فإن فرصة العيد التى كان يجب أن تكون الأعظم فرحًا، للأسف أظلَّمت بسحب الإحباط واليأس الداكنة التي خيَّمت فوق الشعب في أيام حَجَّي.
إن أول المصاعب كانت صغر النفس؛ ففى عزرا 3: 12 نقرأ أنه لما أسَّس البَانُون هيكل الرب، «كَثِيرُونَ مِنَ الْكَهَنَةِ وَاللاَّوِيِّينَ وَرُؤُوسِ الآبَاءِ الشُّيُوخِ الَّذِينَ رَأَوُا الْبَيْتَ الأَوَّلَ(الذي بناه سليمان)، بَكُوا بِصَوْتٍ عَظِيمٍ عِنْدَ تَأْسِيسِ هَذَا الْبَيْتِ أَمَامَ أَعْيُنِهِمْ»، حتى أن الرب وبَّخهم قائلاً: «مَنِ الْبَاقِي فِيكُمُ الَّذِي رَأَى هَذَا الْبَيْتَ فِي مَجْدِهِ الأَوَّلِ؟ وَكَيْفَ تَنْظُرُونَهُ الآنَ؟ أَمَا هُوَ فِي أَعْيُنِكُمْ كَلاَ شَيْءٍ!» (حج2: 3).  
ربما يشعر البعض هكذا أيضًا فى اجتماعاتهم  المحلية.  لكن هناك خطر فى مدح “الأيام القديمة”، لذلك يُذكّرنا النبى زكريا أن لا نحتقر الأمور الصغيرة «لأَنَّهُ مَنِ ازْدَرَى بِيَوْمِ الأُمُورِ الصَّغِيرَةِ» (زك4: 10).  وعندما تضطرب الأرض (وهل اضطربت فى أى وقت مضى كاضطرابها الآن؟)، سنجد الحكمة التي تعوزنا في أربعة هي الأصغر في الأرض، ولكنها حكيمةٌ جدًا: النَّملُ، والوِبَارُ، والجَرَاُد، والعنكَبُوتُ (أم30: 24-28).  
ومن الجدير بالذكر أن نهضات العهد القديم الثلاث كانت بالتتابع أصغر لكنها أفضل؛ نهضة حزقيا، ثم نهضة يوشيا، وأخيرًا نهضة عزرا ونحميا.  لماذا كانت الأخيرة هي الأفضل؟ لأن الرب المُنعم قال «أَنَا مَعَكُمْ» (نح1: 13؛ 2: 4)، وهذا وعد واضح وله تقديره العظيم عند جميع المؤمنين الحقيقين في كل جيل.  وفي أمثال30، وبعدما نقرأ عن الأربعة التي هي الأصغر في الأرض،  نتقابل مباشرة مع أربعة تتحدث إلينا عن الرب يسوع المسيح؛ الأسد، وضَامِرُ الشَّاكِلَةِ (الخيل المُعدّ للحرب)، والتَّيسُ، والملكُ الذي لا يُقَاوَمُ (أم30: 29-31).  والوعد القديم الذي أُعطيَّ في يوم حَجَّيِ النَّبِيِّ «أَنَا مَعَكُمْ» (نح1: 13؛ 2: 4)، أي الوعد بحضور الرب معهم، هو نفس وعد الرب يسوع لنا: «أَنَّهُ حَيْثُمَا اجْتَمَعَ اثْنَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ بِاسْمِي فَهُنَاكَ أَكُونُ فِي وَسَطِهِمْ» (مت18: 20).  فالعلاج الكتابي لصغر النفس هو وضع المصادر الإلهية فى الاعتبار:

(1) الكلمة (حج 2: 5

(2) روح الرب (حج 2: 5

(3) غنى الرب «لِي الْفِضَّةُ وَلِي الذَّهَبُ يَقُولُ رَبُّ الْجُنُودِ» (حج 2: 8)

(4) وعد مجيئه (حج 2: 7)

أحبائي: إن «سَوَاقِي اللهِ مَلآنَةٌ مَاءً» (مز65: 9)، لنقنع بهذا ونكتفي، ولنمجّد اسمه العلي.
أما السبب الثانى للإحباط، سواء قديمًا أم حديثًا، فهو بطء وصول البركة. فقد «كَانَتْ كَلِمَةُ الرَّبِّ عَنْ يَدِ حَجَّيِ النَّبِيِّ إِلَى زَرُبَّابِلَ بْنِ شَأَلْتِئِيلَ وَالِي يَهُوذَا، وَإِلَى يَهُوشَعَ بْنِ يَهُوصَادَاقَ الْكَاهِنِ الْعَظِيمِ» في «السَّنَةِ الثَّانِيَةِ لِدَارِيُوسَ الْمَلِكِ، فِي الشَّهْرِ السَّادِسِ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنَ الشَّهْرِ» (حج 1: 1)، ولكن حتى «الرَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنَ الشَّهْرِ التَّاسِعِ، فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ لِدَارِيُوسَ» (حج 2: 10، 18)، لم يكن هناك تجاوب مع الكلمة النبوية التي جاءت، ولم يكن هناك أي تحرك تجاه عمل الرب.  ومن الواضح أن التقصير كان لم يزل قائمًا.  
إن تأخر وصول البركة أمر يعتبره اليهود نكبة على رخائهم المادى وبركتهم الزمنية، أما بالنسبة لنا فإن تدفق البركات الروحية ليس بالضرورة أن يأتى دفعة واحدة.  وهناك دروس عن مبدأ الشركة لا بد من تعلّمها (حج 2: 10-14)، فالمُقدَّس لا يمكن أن يُحوّل النجس إلى طاهر، أما النجس فيُنجّس المُقدَّس، كما أن التفاحة الجيدة لا تحوّل التفاح الفاسد إلى جيد، بل التفاح الفاسد يُفسّد الجيّد!
نحن بحاجة إلى الصبر والمثابرة مع الله، ولاحظ التشديد على العمل فى هذا الجزء؛ “تَشَدَّدْ” و“اعْمَل” (حج2: 4).  وهناك لفظان عن “العمل” أو “الشغل” فى سفر حَجَّي.  والكلمة الواردة فى حَجَّي 1: 14 لاتُستخدم مُطلقًا لوصف عمل وضيع لا يليق إلا بالعبيد «وَنَبَّهَ الرَّبُّ رُوحَ زَرُبَّابِلَ بْنِ شَأَلْتِئِيلَ وَالِي يَهُوذَا، وَرُوحَ يَهُوشَعَ بْنِ يَهُوصَادَاقَ الْكَاهِنِ الْعَظِيمِ، وَرُوحَ كُلِّ بَقِيَّةِ الشَّعْبِ.  فَجَاءُوا وَعَمِلُوا الشُّغْلَ فِي بَيْتِ رَبِّ الْجُنُودِ إِلَهِهِمْ».  أما فى حَجَّي 2: 4 فالكلمة أعم وتشمل أي نوع من أنواع العمل «وَتَشَدَّدُوا يَا جَمِيعَ شَعْبِ الأَرْضِ يَقُولُ الرَّبُّ وَاعْمَلُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ يَقُولُ رَبُّ الْجُنُودِ».
 أيها الإخوة علينا أن نعمل كلنا؛ ليس فقط يَهُوشَع وزَرُبَّابِل، لكن أيضًا كل بقيَّة الشعب.  وفى الأيام التي تتسم بالصفات الأدبية المذكورة فى 2تيموثاوس، هناك “الآخرين أيضًا”.  ففى هذه الساعة المتأخرة من تاريخ الكنيسة لا بد لأصغرنا وأضعفنا أن يفعل شيئًا. «لأَنَّنَا نَحْنُ عَمَلُهُ، مَخْلُوقِينَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لأَعْمَالٍ صَالِحَةٍ، قَدْ سَبَقَ اللهُ فَأَعَدَّهَا لِكَيْ نَسْلُكَ فِيهَا» (أف2: 10).  
فى الرسائل الراعوية نجد على الأقل تسعة أجزاء تتكلم عن الأعمال الحسنة أو الصالحة.  «صَادِقَةٌ هِيَ الْكَلِمَةُ.  وَأُرِيدُ أَنْ تُقَرِّرَ هَذِهِ الأُمُورَ، لِكَيْ يَهْتَمَّ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ أَنْ يُمَارِسُوا أَعْمَالاً حَسَنَةً.  فَإِنَّ هَذِهِ الأُمُورَ هِيَ الْحَسَنَةُ وَالنَّافِعَةُ لِلنَّاسِ» (تي3: 8).  وأيضًا علينا ليس فقط أن نعمل بل أيضًا أن نصبر منتظرين الثمر.  لقد عمل هدسون تايلور لمدة 14 سنة قبل أن يتغير شخص واحد فى الصين، لكن الآن كيف تحولت هذه القطرة إلى شلال عاتٍ! يقول الرب إلى ملاك الكنيسة التي في فيلادلفيا: «أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ»؛ وهى أعمال ليست ناقصة كما فى ساردس، لكنها أعمال تامة، يستطيع أن يعترف بها تمامًا.  إن رد الفعل تجاه بطء البركات يجب ألا يكون اليأس والتراجع، بل بالحرى التمسك والثبات والاتكال على وعده «فَمِنْ هَذَا الْيَوْمِ أُبَارِكُ»(حج 2: 19).
أما السبب الأخير للإحباط، حينئذ ودائمًا، فهو قوة الأعداء.  ففي تلك الأيام كان الأعداء هم سَنْبَلَّطُ الْحُورُونِيُّ وَطُوبِيَّا الْعَبْدُ الْعَمُّونِيُّ وَجَشَمٌ الْعَرَبِيُّ (نح2: 19).   فكل خادم للرب، وكذلك عمل الرب، لا بد أن يكون مهيأ لحدوث المقاومة، والمعركة ليست مجرد جولة واحدة تنفض عاجلاً، بل هي حرب ضروس تستمر إلى النهاية.  وفى الأيام المظلمة تشتد كثافة التمرد، وضراوة المقاومة «وَجَمِيعُ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَعِيشُوا بِالتَّقْوَى فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ يُضْطَهَدُونَ» (2تي3: 12).  لذلك نشعر أكثر وأكثر بضرورة الإجابة الكتابية النبوية عن هذه الحالة، وهى قرب مجيء الرب.  
وفى ضوء الحالة الحاضرة والأحداث الجارية كم هي مبهجة هذه الكلمة! «إِنِّي أُزَلْزِلُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ» وأيضًا «وَأَقْلِبُ كُرْسِيَّ الْمَمَالِكِ، وَأُبِيدُ قُوَّةَ مَمَالِكِ الأُمَمِ» (حج2: 21، 22).  والموضوع هنا هو مجيء الرب يسوع ظاهرًا بالمجد والقوة، ليُقيم ملكوت السلام على الأرض.  وعندما يجيء المسيح بالمجد ستتزلزل كل الأمم، وليس الأمم فقط، لكن السَّماوات والأرض أيضًا.  وقد أشار الرسول بولس إلى ذلك في رسالة العبرانيين، مُقتبسًا هذه الأعداد التي لم تتم بعد «الَّذِي صَوْتُهُ زَعْزَعَ الأَرْضَ حِينَئِذٍ، وَأَمَّا الآنَ فَقَدْ وَعَدَ قَائِلاً: إِنِّي مَرَّةً أَيْضًا أُزَلْزِلُ لاَ الأَرْضَ فَقَطْ بَلِ السَّمَاءَ أَيْضًا.  فَقَوْلُهُ: مَرَّةً أَيْضًا، يَدُلُّ عَلَى تَغْيِيرِ الأَشْيَاءِ الْمُتَزَعْزِعَةِ كَمَصْنُوعَةٍ، لِكَيْ تَبْقَى الَّتِي لاَ تَتَزَعْزَعُ.  لِذَلِكَ وَنَحْنُ قَابِلُونَ مَلَكُوتًا لاَ يَتَزَعْزَعُ لِيَكُنْ عِنْدَنَا شُكْرٌ بِهِ نَخْدِمُ اللهَ خِدْمَةً مَرْضِيَّةً، بِخُشُوعٍ وَتَقْوَى» (عب12: 26-28).
 «وَأَقْلِبُ كُرْسِيَّ الْمَمَالِكِ» (حج2: 22) ... ونحن نعلم من هو الذى يجلس على هذا الكرسى: «التِّنِّينِ، الْحَيَّةِ الْقَدِيمَةِ، الَّذِي هُوَ إِبْلِيسُ وَالشَّيْطَانُ» لكنة سيُطرح في الهاوية، ويُغلَّق عَلَيْهِ، ويُختَّم عَلَيْهِ لِكَيْ لاَ يُضِلَّ الأُمَمَ فِي مَا بَعْدُ حَتَّى تَتِمَّ الأَلْفُ السَّنَةِ (رؤ20: 2، 3).
 «وَأُبِيدُ قُوَّةَ مَمَالِكِ الأُمَمِ» (حج2: 22) ...  كما أن قوة الملكوت أيضًا هى فى يد الْوَحْش وَالنَّبِيِّ الْكَذَّاب، وسيُطّرح الاِثْنَانِ حَيَّيْنِ إِلَى بُحَيْرَةِ النَّارِ الْمُتَّقِدَةِ بِالْكِبْرِيتِ (رؤ19: 20).
«وَأُبِيدُ قُوَّةَ مَمَالِكِ الأُمَمِ، وَأَقْلِبُ الْمَرْكَبَاتِ وَالرَّاكِبِينَ فِيهَا، وَيَنْحَطُّ الْخَيْلُ وَرَاكِبُوهَا، كُلٌّ مِنْهَا بِسَيْفِ أَخِيهِ» (حج2: 22) ... وعادة ما نجد فى التاريخ المقدس، الأعداء وهم يتقاتلون كما حدث مع جدعون (قض7: 22)، ويوناثان (1صم14: 20)، ويهوشافاط (2أخ20: 23)، ومصر (إش19: 2)، وحتى مع الرب نفسه (مر14: 59).  ويبدو أن هذه هي الطريقة التى سوف يتحرر بها اسرائيل أيضًا فى يوم قادم.  وأما من جهة أعدائنا فيقول الرب: «لاَ تَخَافُوا» (حج2: 5).  إن المشهد سوف يتنقى، وستتم كل مقاصد الله «فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، يَقُولُ رَبُّ الْجُنُودِ، آخُذُكَ يَا زَرُبَّابِلُ عَبْدِي ابْنُ شَأَلْتِئِيلَ، يَقُولُ الرَّبُّ، وَأَجْعَلُكَ كَخَاتِمٍ، لأَنِّي قَدِ اخْتَرْتُكَ. يَقُولُ رَبُّ الْجُنُودِ» (حج2: 23).  وبالرغم من أن هذا الكلام موَّجه شخصيًا إلى زَرُبَّابِلُ بْنُ شَأَلْتِئِيلَ، لكن بلا شك إنه يضع أمامنا مَن هو أعظم من زَرُبَّابِلُ.
بالإضافة إلى ذلك، فحيثما يُذكر الخاتم فى الكتاب المقدس نجد أن المشهد يتضمن وضعًا رسميًا مرموقًا وجليلاً؛ ففرعون أعطى يوسف خاتمه (تك41: 42)، كما أُعطيَّ لمردخاى خاتم هامان (إس8: 2)، وكذلك أُعطيَّ خاتم للابن الضال (لو15: 22).  والخاتم هنا لا يشير فقط إلى الملكية بل أيضًا إلى الرفعة والبهاء.  إن السماء الجديدة والأرض الجديدة ستأخذ طابعها من المسيح (كل شيء متطابق ومتناغم مع المسيح، وحسب مشيئته.  ويا له من مشهد بديع!).
   ونتعلم من حَجَّي 2: 7 أن البقية في يوم حَجَّي قد أُعطيت هذا الرجاء «وَيَأْتِي مُشْتَهَى كُلِّ الأُمَمِ، فَأَمْلأُ هَذَا الْبَيْتَ مَجْدًا، قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ».  إن هذه الكلمة توجّه قلوبهم إلى مجيء المسيح، وإلى المجد الذي سيملأ بيته الأرضي. ونحن أيضًا نعلم بأن رجاءنا المبارك هو رجوع الرب الذي أحبنا وأسلْم نفسه لأجلنا.
وكلمة «يَأْتِي» ترد فى الأصل بصيغة الجمع.  ألا يخبرنا هذا أن ليس المسيح وحده هو الذي سيأتي، بل كل من هو له ومثله.  وياله من تشجيع لنا! فاليوم ربما يكون يومِ الأُمُورِ الصَّغِيرَة، ولم يعد للبيت رونق يجذب إليه الأنظار، لكن «مَجْدُ هَذَا الْبَيْتِ الأَخِيرِ (الهيكل الألفي) يَكُونُ أَعْظَمَ مِنْ مَجْدِ الأَوَّلِ (هيكل سليمان)، قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ.  وَفِي هَذَا الْمَكَانِ أُعْطِي السَّلاَمَ، يَقُولُ رَبُّ الْجُنُودِ» (حج2: 9).  نعم، سيُعطي الرب سلامًا، على النقيض من حروب الأيام الحاضرة.  لذلك يحقّ لنا – نحن المؤمنين - أن نُغني بوجوه طلقة، ونقول: “إن الأفضل لنا لم يأتِ بعد”.
وتلخيصًا لما سبق، يُمكننا القول إن:
مواجهة الشعور بصغر النفس
تتم عن طريق المصادر الإلهية،
ولمواجهة بطء وصول البركة
علينا الاتكال على وعود الرب،
ولمواجهة قوة الأعداء
علينا بالتفكر في وعد مجيئه الأكيد والسريع.
«آمِينَ. تَعَالَ أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوعُ
».

دانيال و. باترسون

 

.