«ثُمَّ رَجَعَ الرُّعَاةُ وَهُمْ يُمَجِّدُونَ اللهَ وَيُسَبِّحُونَهُ
عَلَى كُلِّ مَا سَمِعُوهُ وَرَأَوْهُ كَمَا قِيلَ لَهُمْ» (لو ٢: ٢٠)
ربما نتفكِّر أن الابتهاج الشديد، بمرأى الطفل يسوع المسيح، قد استولى وتملَّك على هؤلاء الرعاة، حتى إنهم لم يهتموا بأن يعودوا لعملهم الرتيب في الحقول. وبعض الناس قد تستغرقهم النشوة لتكريس أنفسهم إلى حد أن يشعروا بالنفور من الأمور العادية التي تُمثل الحياة اليومية المعتادة. لقد أراد بطرس أن يبقى ماكثًا على جبل التجلي، وظن أن الحياة - بمتاعبها ومصارعاتها - قد أصبحت رتيبة مألوفة، بعد هذه المشاهد المُبهرة التي رآها. وبالتأكيد لم يحدث أن حملقت عيون بشرية على أمجد من هذه الرؤيا التي شاهدها هؤلاء الرعاة، في تلك الليلة. ومع ذلك فقد عادوا لجهادهم المتضع. ولا شك أنهم قد ظلوا بعد ذلك رعاة أمناء، مثلما كانوا من قبل.
ونحن نحتاج لأن نتعلَّم درسًا من هنا. فكل استمتاعنا الروحي من شأنه أن يجعلنا أكثر اجتهادًا وأمانةً في واجبات دعوتنا العادية. إن ما يصرفنا عن واجبنا ليس هو الاختبار التكريسي الصحيح. وكلما اقتربنا أكثر للمسيح، كلما أدينا عملنا بأفضل صورة. ومحبتنا للشركة مع الله ومع شعبه لا تجعلنا مُهملين في أداء واجباتنا التي يجب أن تقع على عاتقنا في اليوم العملي المعتاد. ويجب علينا بعد أن ننال اختبارات سماوية في يوم الرب أو مخدع الصلاة، أن نعود إلى عملنا، بانتعاش ولذة، وبمنتهى الجدية دائمًا أبدًا. فالله يُعطينا أوقات غبطة روحية، ولمحات من وجهه ومجده، وتذوق للأفراح السماوية، وشذرات من الرؤى السماوية، وكل ذلك بغرض أن تجعلنا أكثر قوة وشجاعة لأداء واجباتنا واهتماماتنا. وكم هو محزن حقًا إذا ما جعلتنا هذه الأمور المجيدة، أقل لياقة للحياة هنا، بأثقالها واهتماماتها! ويجب علينا أن نسعى إلى استحضار هذه الرؤى، وأن نجعلها أمورًا حقيقية متجسدة في حياتنا، كي ما يرى الآخرون جمال وروعة هذه الأمور، وأن يبتهجوا بها. إذ لا بد أن ساعات الشركة مع الرب يسوع، تترك بعضًا من لمحات البريق واللمعان على وجوهنا، عندما نسير في طرق الحياة الغبراء.