أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
فايز فؤاد ما أجمل أن يذكر داود، في ختام حياته، أسماء وأعمال الرجال الأبطال الذين التصقوا به، وتبعوه في زمان رفضه واحتقاره، وتألموا معه، حينما كان مرفوضًا ومُطَاردًا مِن شاول؛ رفاقٌ شجعان، استُؤمنوا فَرَعَوا الأمانة، وعُوهِدوا فحفظوا العهد، شاركوا داود معاناته وآلامه، وبأمانة خدموه أثناء رفضه، غير حاسبين أنفسهم ثمينة لديهم، من أجل خاطر سَيِّدهم، وكوفئوا من أجل خدماتهم له. وها نحن نقرأ عن أعمال البطولة والولاء التي قام بها هؤلاء الأتباع الأمناء، وكل هؤلاء صارت لهم مراكز في مملكة داود، تعيَّنت لهم على سبيل المكافأة. وفي يوم كرسي المسيح سيُظهَر كل شيء في النور. ولسوف يذكر الرب ما خدمناه به، وكل ما قدمناه له، وبحسب حكمته سوف يُعطي الأجرة ويوزع الأكاليل، وحينذاك ستُذكَر حتى كأس الماء البارد التي أُعطيت لأحد خاصة المسيح لأجل اسمه، وسيُجازى صاحبها (مت ١٠: ٤٣؛ مر ٩: ٤١ قارن ١أخ ١١: ١٥-١٩). وهذا الكتاب يشتمل على جزئين: في الجزء الأول: أبطال وأفعال ... ودروس للأجيال: سنُلقي نظرة عامة على تلك الصورة الحيَّة التي يرسمها الروح القدس لهذه السحابة المباركة من الأبطال، وعلى الصفات والسمات الأدبية التي يتشاركون فيها. وسيكون التركيز في هذا الجزء على الأصحاح الثاني عشر من سفر أخبار الأيام الأول. أما في الجزء الثاني: رؤساء الأبطال ... كثيرو الأفعال: فسيكون التركيز بوجه الخصوص على الأصحاح الحادي عشر من سفر أخبار الأيام الأول، للتأمل في قائمة أبطال داود الجبابرة العِظام، الذين صنعوا أعمالاً وإنجازات وبطولات عظيمة استثنائية. ويا ليتنا نتمثّل بإيمانهم العامل بالمحبة. الكتاب في 200 صفحة  وسعره 30 جنيهًا الكتاب متوفر في مكتبة الإخوة نشجعك على اقتنائه وقراءته.
 
 
عدد سبتمبر السنة 2020
تعالوا اليَّ
تكبير خط المقالة تصغير خط المقالة

«تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ»

(مت١١: ٢٨)

تُعْتبر هذه الآية من أشهر الآيات التبشيرية في الكتاب المقدس. والمسيح فيها لا يدعو المستريحين، ولا المنصـرفين إلى ملذات الحياة، بل يدعو كل من جف حلقه بحثًا عن السعادة، بلا جدوى. أمثال هؤلاء الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ، يدعوهم المسيح هنا ليُريحهم من ثقل خطاياهم. كم مِن ملايين التعابى في العالم يشعرون بالحمل الثقيل في قلوبهم، والتعب الشديد في ضمائرهم، هؤلاء جميعًا يدعوهم المسيح أن يأتوا إليه بكل بساطة، واعدًا كل من يأتي إليه بالراحة الكاملة. والتعب هو حصة كل إنسان من نتيجة الخطية، وحتمًا - عاجلاً أم آجلاً - سيحس كل إنسان بالتعب الشديد والحمل الثقيل. فيا مَن تئن تحت حمل الخطية، أسرع إلى مُريح التعابى! هذا هو كل المطلوب من الإنسان: أن يأتي كما هو. بل حتى هذا الدور ينبغي أن نفهمه في ضوء الإعلان الإلهي الشامل، حيث يقول المسيح: «لاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يُقْبِلَ إِلَيَّ إِنْ لَمْ يَجْتَذِبْهُ الآبُ الَّذِي أَرْسَلَنِي» (يو٦: ٤٤). وعبارة «أَنْ يُقْبِلَ» معناها “أن يؤمن”. بدون معونة منه لن يمكنك أن تُقبل أو أن تؤمن، فاطلب ذلك منه بكل اتضاع، وهو حتمًا سيعطيك.

أيها المتعبون: بغض النظر عن ماضيكم، وبغض النظر عن سر تعبكم، إن المسيح يدعوكم إلى الراحة، إن أتيتم إليه برغبة مُخلِصة وصادقة، وبتوبة حقيقية وإيمان قلبي. إنه يعرف تمامًا أن الخاطئ يُتعب نفسه، دون طائل، بحثًا عن أن يخلص نفسه. ولكن المطلوب هو أن يتحول الإنسان عن كل شيء، ويهرع إلى المسيح، لينال منه الراحة فورًا وبالمجان.

ونحن نعلم أنه إذا كان المُخَلِّص يستطيع أن يزيل حمل الخطايا عن الخاطئ، فذلك لأنه قد أخذ هذا الحمل على نفسه فوق الصليب، وتحمل قصاص الله بسببها، وأبعدها من قدام الله، ونزعها من على المذنب الذي يؤمن بقيمة ذبيحة المسيح. والمسيح الآن، وهو في قمة المجد، ما زال يدعو، بكلماته هذه، كل متعب ومُثقَّل، أن يأتي إليه ليمتعه بالراحة. عندما أرسل نوح الحمامة من الفلك، عادت إليه نحو المساء إذ لم تجد مقرًا لرجلها. لقد رجعت إلى الفلك، ووجدت الراحة في داخله. هكذا المسيح، فُلك نجاتنا، يستطيع وحده أن يهب الراحة للنفوس المتعبة البائسة، التي لم تجد في العالم الملوث مقرًا لرجلها. ولقد صدق القديس أوغسطينوس عندما قال: “يا الله قد خلقتنا لذاتك، ونفوسنا لن تجد راحتها إلا فيك”.

يوسف رياض