أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
 
 
عدد يوليو السنة 2018
اَلْبَطِيءُ الْغَضَبِ
تكبير خط المقالة تصغير خط المقالة

«اَلْبَطِيءُ الْغَضَبِ خَيْرٌ مِنَ الْجَبَّارِ، وَمَالِكُ رُوحِهِ خَيْرٌ مِمَّنْ يَأْخُذُ مَدِينَةً»(أم١٦: ٣٢)

ضبط النفس الذي يتكلَّم عنه الكتاب، يتضمن: ضبط الأفكار، وضبط اللسان، وضبط الطبع (الحدة)، وعن هذا الأمر الأخير نتكلَّم الآن. وخير مثال يشرح عاقبة الاستسلام للغضب هو موسى. فهذا الذي رفض عرش مصر (عب١١: ٢٤-٢٦)، والذي يَذكر عنه الكتاب أنه كان «أَمِينًا فِي كُلِّ بَيْتِهِ كَخَادِمٍ» (عب٣: ٥)، والذي وُصف بأنه «كَانَ حَلِيمًا جِدًّا أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ الذِينَ عَلى وَجْهِ الأَرْضِ» (عد١٢: ٣). هذا الرجل الأمين لله ولحقه، رجل الله المقتدر، زلَّ وسقط في عين هذه الخطية «فَرَطَ بِشَفَتَيْهِ» (مز١٠٦: ٣٢، ٣٣)، وهي غلطة كلَّفته خسران كنعان.

ولدى سفر الأمثال الكثير ليقوله لنا في هذا الصدد. فهذا الرجل الذي يمضي في طريق الخصومة للنهاية هو رجل غبي (أم١٢: ١٦)، بينما على العكس منه، فإن «بَطِيءُ الْغَضَبِ كَثِيرُ الْفَهْمِ» (أم١٤: ٢٩). والحقيقة أن مثل الرجل الأخير أعظم من القائد الذي يحصد انتصارات عسكرية باهرة «اَلْبَطِيءُ الْغَضَبِ خَيْرٌ مِنَ الْجَبَّارِ، وَمَالِكُ رُوحِهِ خَيْرٌ مِمَّنْ يَأْخُذُ مَدِينَةً» (أم١٦: ٣٢).

يذكر ”ف. ب. ماير“ أنه تقابل مع جمع من المسيحيين في بيت ”وليم ولبرفورس“ حيث حكى كل واحد عن اختباراته بشأن استجابة صلواته للخلاص من ضيقة اكتنفته. ثم تكلَّم خادم مُسنّ فقال: “استمعت لكثيرين اختبروا الصلاة المستجابة للخلاص من ضيقة ما، ولكني اعتقد أنني تعلَّمت درسًا مختلفًا: كنت أتحدث في جمع من الأطفال في مدرسة الأحد بعد ظهر يوم قائظ، واكتشفت أن الزهور والطيور خارج القاعة تشد انتباههم، وأرادوا أن ينصرفوا عني ... وبدأت أفقد أعصابي ... فتحولت إلى الرب يسوع وقلت: “يا رب: بدأ صبري ينفد ... فامنحني صبرك” ... فألقى الرب في صدري فيضًا من الصبر، واستطعت أن أقف ثانية، رغم الازعاج والضيق”.

حقًا إن «الضِّيقَ يُنْشِئُ صَبْرًا» (رو٥: ٣).


جورج هندرسون