أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
 
 
عدد مارس السنة 2011
لا تستغربوا - للمتألمين
تكبير خط المقالة تصغير خط المقالة
للحظة .. ما يُسعدُ الأنام

للحظة .. ما يسبب الكمد

إنما ما يستحق الاهتمام

هو ما يبقى للأبد


معظمكم يدرك صدق هذه الكلمات، ولكنني أريد أن أُعيدها على ذاكرتكم.

ما هي الأمور الأبدية؟ هي كل ما هو روحي، لا يُرى وباقٍ. قد تأتي التجربة ولكنها ستوليّ. في أيام، في شهور، أو في سنين، ستمضي وستُنسى. ولكن انفعالنا وطريقة مواجهتنا للتجربة، وموقفنا منها هو ما ستظل نتائجه إلى الأبد. إنه أمرٌ يُحدث فرقًا هائلاً، ما إذا كنا سنواجه التجربة ونتغلب عليها، أم ستغلبنا التجربة بسبب عدم صبرنا، أو عدم أمانتنا أو ضيقنا بها عندما تغمرنا.

لا شيء يبقى إلى الأبد سبب سرورٍ دائم، ولكنَّ هناك شيئًا يظل باقيًا في دواخلنا تجاه ذلك الذي نظن فيه سرورنا الدائم.

إذا قلت: “لا بد أن أحصل على هذا الشيء، ولن أكون سعيدًا أبدًا إذا لم أحصل عليه”، عندئذٍ، إذا حصلت عليه، ففي الغالب أنك لن تحصل منه على فائدةٍ باقية، أبدية، ولا تزول. ولكن ربما يُنتج خسارة فادحة، وربما خسارة أبدية.

هناك قول يُشبه هذا الفكر في الكتاب: «فَأَعْطَاهُمْ سُؤْلَهُمْ وَأَرْسَلَ هُزَالاً فِي أَنْفُسِهِمْ» (مز106: 15). ليتنا نطلب من الرب ألا يدع هذا القول ينطبق علينا في يوم من الأيام.

كنت أقرأ الأصحاح الأول من إنجيل لوقا – العدد السابع والثلاثين «لأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَى اللهِ»، ثم قرأت سفر أعمال الرسل الأصحاح الثاني عشر، فوجدت أن يعقوب قُتِلَ في السجن بينما بطرس أُطلقَ سراحه!

لم يستجب الله – الذي كل شيء ممكن لديه – لمُحبي يعقوب مثلما استجاب لصلاة مُحبي بطرس. كان يستطيع أن يُنجي يعقوب ولكنه لم يفعل.

«وَطُوبَى لِمَنْ لاَ يَعْثُرُ فِيَّ» (لو7: 23) ... إنني أرى هذه العبارة كما لو كانت تظلل صفحات الأصحاح الثاني عشر من سفر الأعمال.

ربما كان يوحنا، وربما كان التلاميذ أيضًا يتساءلون: “لماذا لم يُنقذ الرب يعقوب؟” ولربما كانوا يتعجبون: “لماذا لم يُرسل الرب ملاكه إلى يعقوب، مثلما فعل مع بطرس؟”. وكما لو كان الرب يُعيد كلمات هذه الآية مرة ومرات على مسامع التلاميذ: «طُوبَى لِمَنْ لاَ يَعْثُرُ فِيَّ».

ليتنا نحول كل تساؤلاتنا، واستفهاماتنا، وحيرتنا إلى فرص نختبر فيها الثقة الشديدة في الرب؛ هذه الثقة التي لا تُخزي أبدًا.

والآن فإن كل أيام الحزن والأسى قد نُسيت تمامًا من أصدقاء ومُحبي يعقوب. لقد كانوا معه في صحبة الرب منذ مئات السنين، ولا شيء بقيَ من تلك الذكرى سوى موقفهم من التجربة وقتئذٍ، عندما امتحن الرب إيمانهم إلى حدٍ بعيد. وهذا هو ما سيحدث مع الذين يشتاقون إلى معرفة سبب رفض الرب لطلباتهم وصلواتهم من أجل الذين هم في ألم وضيق ومتاعب؛ سيعرفون أنه بحكمةٍ صنع كل شيء.

بعد وقت قليل ... كم مقداره؟ لا نعرف على وجه التحديد، ولكنه قليل على أية حال، سنكون جميعًا في غمرة الأفراح الأبدية، وسننسى كل ما مضى، ولكن ما يستحق الاهتمام فعلاً هو: كيف واجهنا ظروف البرية، وكيف قضينا حياتنا التي وكلّنا الله عليها.

إمي كارمايكل

      

إمى كار مايكل