أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
 
 
عدد يناير السنة 2006
دراسات عن الروح القدس - دراسات عن الروح القدس
تكبير خط المقالة تصغير خط المقالة

غفران الخطايا وامساكها بحسب يوحنا (يوحنا 20 :19-23)

بقيت كلمة أخيرة سأضيفها بخصوص يوحنا 20. إن الرب يتابع ما كنا نتأمل فيه بهذه الكلمات: «من غفرتم خطاياه تغفر له، ومن أمسكتم خطاياه أمسكت». إنني أعرف كثيرين من المسيحيين يضطربون وينزعجون بسبب هذه العبارة. وقد كانت هناك صراعات ومعارك كثيرة حول معنى هذا العدد، مع أنه - كما أعتقد - هو بسيط وواضح مثل ضوء النهار. وبالطبع أعرف أنه قد أُتخذ حجة لبدعة الخلافة الرسولية التي لها السلطان لمغفرة الخطايا. ومرة أخرى أرجو أن تتذكروا أن الرب لا يتحدث إلى جماعة رسولية. إنها جماعة مسيحية عامة، وليست جماعة رسولية. لذلك كما ترون فإن مثل هذه الفكرة منقوضة من أساسها.

 ماذا إذًا نتعلم من كلمات ربنا المبارك؟ كان الرب مزمعًا أن يذهب إلى الآب تاركًا وراءه جماعة صغيرة أحبته وهو يقول لهم: ”استمروا فى عملي، وكل من غفرتم خطاياه تغفر له، ومن أمسكتم خطاياه أُمسكت“. وبعد خمسين يومًا من هذا الحديث كان لبطرس الصياد المحبوب صيدًا عجيبًا من السمك في يوم الخمسين، فقد آمن ثلاثة آلاف نفس في يوم واحد، وماذا فعل المئة والعشرون الذين تعمدوا فى ذلك اليوم بالروح القدس إلى جسد واحد وكوَّنوا كنيسة الله على الأرض، بينما كانوا مجتمعين باسم الرب؟ لقدغفروا خطاياهم، وسمحوا لهؤلاء الآلاف الثلاثة أن ينضموا إليهم، فأخذوا مكانهم فى حضن الكنيسة. إنهم بالطبع لم يسامِحوا أو يغفِروا خطاياهم أبديًا، فذلك لا يقدر أن يفعله إلا الله، لكن الثلاثة آلاف وهم عالمون أن خطاياهم قد غفرت من الله، طلبوا قبولهم وإدخالهم في الجماعة، وبناء على ذلك غفرت خطاياهم على أساس سياسة الله وحكومته على الأرض في اسم المسيح؟

 ومرة أخرى في أعمال 8 كان فيلبس يعمد كثيرين سبق أن اهتدت نفوسهم في السامرة. ثم أتى بطرس ويوحنا وصليا لأجلهم لكي ”يقبلوا الروح القدس“، وإذ رأى سيمون الساحر الذي اعترف باهتدائه أنه بوضع أيدي الرسل يُعْطَى الروح القدس، أراد أن يشتري هذا السلطان، وقدم لهما دراهم. فقال له بطرس: «لتكن فضتك معك للهلاك، لأنك ظننت أن تقتني موهبة الله بدراهم. ليس لك نصيب ولا قرعة في هذا الأمر». لقد أُمسكت خطاياه عليه، كما أن الكنيسة في السامرة رفضت أن تقبله معها.

 الحالة الثانية لهذا الغفران المتعلق بسياسة الله وحكومته، هي الخاصة بالمضطهِد المرعب، شاول الطرسوسي، الذي في لحظة رجع إلى الرب كما نجد في أعمال 9. وقد تبع ذلك ثلاثة أيام من التدريب العميق، ثم أرسل الرب إليه حنانيا. إنه يقول له: «أيها الأخ شاول، قد أرسلني الرب يسوع الذي ظهر لك في الطريق الذي جئت فيه، لكي تبصر، وتمتلئ من الروح القدس». ثم ما هو المشهد التالي؟ لقد مكث شاول مع التلاميذ فى دمشق أيامًا، لكنه بعد ذلك ذهب إلى أورشليم، وحاول أن يلتصق بالتلاميذ. لكن الإخوة كانوا جميعًا «يخافونه غير مصدقين أنه تلميذ» (أع9: 17، 26، 27). عند ذلك أخذه برنابا، وأحضره إلى الرسل. وماذا بعد ذلك؟ نقرأ أنه ”كان معهم“. وماذا فعلت الجماعة هناك؟ لقد غفروا خطاياه وقبلوه بينهم كإنسان غفر له الرب. إنه أمر يتعلق بسياسة الله وحكومته على الأرض. إنها مسئولية أولئك الذين هم للمسيح، أن يفعلوا هكذا لأجل المسيح. ولاحظوا أنه في الكنيسة لا يجب أن يكون هناك شخص غير مخلَّص، ففي كنيسة الله لا يوجد إلا المخلَّصون. يجب أن تكون الجماعة المسيحية مؤلفة فقط من أشخاص مخلَّصين حقيقة، ليس مزيجًا من الناس المتجددين وغير المتجددين معًا. فضلاً عن ذلك، فإن أولئك الذين يسلكون بغير لياقة نحو الرب، الجماعة مسئولة أن تخرجهم إلى خارج. وفي الأصحاح الخامس من رسالة كورنثوس الأولى نقرأ عن شخص كان سلوكه طالحًا، وقد أوصى الرسول بولس القديسين هناك أن يخرجوه من وسطهم، وقد فعلوا هذا. ماذا كان يعني ذلك؟ كان يعني ببساطة أن الكنيسة أو الجماعة تفعل ما يوصي به الرب في يوحنا 20: 23، حيث أمسكت خطايا هذا الرجل. وفي الرسالة الثانية إلى كنيسة كورنثوس، نجد أن هذا الشخص بعينه قد انسحقت نفسه تمامًا، والرسول يحثهم أن يغفروا له. وقد أدخلوه مرة أخرى إلى الجماعة وهكذا ”غفروا له خطاياه“.

 إن حكمة الرب ظاهرة في هذا التعليم. إنها مسئولية الجماعة - عاملة باسم الرب - أن تقبل كل من نال غفران خطاياه من الرب. ونحن يلزمنا أن نكون قادرين على تمييز أولئك الذين قد باركهم الرب. أنا أعلم أن البعض سيقول: ربما تُخدَع الجماعة. هذا صحيح، لكن الرب يستطيع أن يعطينا فكره وسيفعل هذا إذا كنا فقط متواضعين، وننتظر بصبر لأجله. إنني أعرف الجنيه الذهبي الحقيقي عندما أسمع رنينه. هكذا أيضًا نستطيع أن نعرف رنين النفس المستقيمة. ربما نخدع لكن غالبًا سوف لا نخدع. إن ما يخبرنا به الوحي هو أن نقبل الاخوة، وليس غير المغيَّرين، وماذا عن غير المغيَّرين؟ نقبلهم بعد رجوعهم وتوبتهم. وأنت يا صديقي غير المتغيِّر عليك أن تدرك أنك إذا ظللت غير تائب فسوف تدان، فليس أمامك إلا الدينونة الأبدية. كن واثقًا من هذا. إن عاصفة الغضب الإلهي المشرفة على هذا العالم، ستنفجر عاجلاً، والإنسان الذي سيظل غير تائب سيواجه بكل تأكيد الدينونة. إنه من الأفضل جدً لك أن تذهب إلى يسوع، وتخلص، وتحصل على الغفران، وتقبل الروح القدس، وستعطيك كنيسة الله يمين الشركة بمنتهى السرور. إن خلاصة الأصحاح العشرين من إنجيل يوحنا هي أن الرب هو الآن إنسان حي في يمين الله، والمؤمن متحد مع ذلك الإنسان الحي من الأموات فى نفس الحياة بواسطة الروح القدس. كما أن مكان المسيح وامتيازات المسيح ومقام المسيح هي كلها لكل مسيحي حقيقي. كذلك فإن الروح القدس قد نزل لكي يسكن في المؤمن ويعطيه اختباريًا في قلبه معرفة لما يمتلكه، وأيضًا للمكان الذي قريبًا جدًا سيرى فيه يسوع وجهًا لوجه.

و. ت. ب. ولستون