أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
 
 
عدد نوفمبر السنة 2024
ظلال الكنيسة
تكبير خط المقالة تصغير خط المقالة

(تك٤١: ٤٥-٥٤؛ ٤٧: ١١)

نجد في ”أَسْنَات بِنْت فُوطِي“ صورة قديمة حديثة من العهد القديم، للكنيسة. وهي صورة متميزة عن الباقيات اللاتي تناولناها في مقالات سابقة.

التوقيت:

إن زمن ظهور أَسْنَات في المشهد لهو مُثير للغاية، وذلك نظرًا للعديد من الاعتبارات. فقبل ذكر اسمها، نقرأ أن فرعون أرسل ودعا يوسف، فأسرعوا به من السجن، ليُفسر حُلْمَي فرعون. ولما انبهر فرعون بتفسير يوسف، وقتها فقط أمكن لفرعون أن يقول: «هَلْ نَجِدُ مِثْلَ هذَا رَجُلاً فِيهِ رُوحُ اللهِ؟» (ع٣٨). وهكذا قرّر أن يُعطي يوسف أرفع مكانة في مصر، تاليًا له (ع٣٩، ٤٠)، وأعطاه ”أَسْنَاتَ بِنْتَ فُوطِي“ زَوْجَةً، وهذا (١) بعد زمن معاناته. (٢) في وقت رفعته وتمجيده. وهكذا الحال مع الكنيسة التي تكونت بعد زمن آلام المسيح، وبعد رفعته وتمجيده (أف٤: ٨).

ولكن ماذا عن إخوة يوسف الذين سبق وأن باعوه؟ عندما أُعطيت أَسْنَاتُ ليوسف، لم يكن إخوته يعرفون شيئًا عن تمجيده. بالنسبة لهم كان لا يزال بعد عبدًا مبيعًا للأمم. ومرة أخرى نجد في هذه الصورة شرحًا جميلاً لحقيقة أن الرب يسوع إنما قَبِلَ عروسه، بينما كان لا يزال مرفوضًا من شعبه الأرضي.

ثم نُلاحظ كلمات فرعون ليوسف: «انْظُرْ، قَدْ جَعَلْتُكَ عَلَى كُلِّ أَرْضِ مِصْرَ» (ع٤١). ألا توافق هذه الكلمات ما قاله الرسول بولس في رسالة أفسس، في تشابه عجيب، حيث يُقرّر أن الله أراد أن يُظهِر ”عَظَمَةُ قُدْرَتِهِ الْفَائِقَةُ، حَسَبَ عَمَلِ شِدَّةِ قُوَّتِهِ، فأقَام الْمَسِيحِ مِنَ الأَمْوَاتِ، وَأَجْلَسَهُ عَنْ يَمِينِهِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ، فَوْقَ كُلِّ رِيَاسَةٍ وَسُلْطَانٍ وَقُوَّةٍ وَسِيَادَةٍ، وَكُلِّ اسْمٍ يُسَمَّى لَيْسَ فِي هذَا الدَّهْرِ فَقَطْ بَلْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَيْضًا، وَأَخْضَعَ كُلَّ شَيْءٍ تَحْتَ قَدَمَيْهِ، وَإِيَّاهُ جَعَلَ رَأْسًا فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ لِلْكَنِيسَةِ“ (أف١: ١٩-٢٢)؟ إذًا، أَسْنَاتُ هي الزوجة التي أُعطيت ليوسف في ومن مجده ورفعته.

إن سبيل يوسف إلى مصر، حيث ارتبط بزوجته أَسْنَات، كان محفوفًا بالألم. ولكن لم يكن لأَسْنَات نصيب في هذه الآلام. بالنسبة لها كان الارتباط بيوسف يعني الفرح والمجد فحسب. وهكذا الأمر مع الكنيسة؛ لم تتألم مع المسيح لتُشاركه في مجده. صحيح أن للكنيسة نصيبًا في رفض المسيح، ولكن آلام الصليب، حيث مهر المسيح عروسه، فهذه الآلام كانت له وحده. لقد «أَحَبَّ الْمَسِيحُ أَيْضًا الْكَنِيسَةَ وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِهَا» (أف٥: ٢٥)، وهكذا «يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ إِنْسَانًا تَاجِرًا يَطْلُبُ لآلِئَ حَسَنَةً، فَلَمَّا وَجَدَ لُؤْلُؤَةً وَاحِدَةً كَثِيرَةَ الثَّمَنِ، مَضَى وَبَاعَ كُلَّ مَا كَانَ لَهُ وَاشْتَرَاهَا» (مت١٣: ٤٥، ٤٦).

فقط تخيَّل لبرهة كيف أَرْكَبَ فرعون يوسف في ”مَرْكَبَتِهِ الْثَّانِيَةِ“، وأمر أن يُنَادَوْا أَمَامَهُ: «ارْكَعُوا. وَجَعَلَهُ عَلَى كُلِّ أَرْضِ مِصْرَ» (ع٤٣). «ارْكَعُوا»؛ هذا هو الأمر الكوني اللائق بالعالمين أن يُطيعوه في زمن ما بعد آلام المسيح، وقت أن أُعطيت الكنيسة له. إن رفض الكثيرين إطاعة هذا الأمر لن يعفيهم منه مُطلقًا، بل سيأتي يوم حين يركعون له لا محالة «لِذلِكَ رَفَّعَهُ اللهُ أَيْضًا، وَأَعْطَاهُ اسْمًا فَوْقَ كُلِّ اسْمٍ، لِكَيْ تَجْثُوَ بِاسْمِ يَسُوعَ كُلُّ رُكْبَةٍ مِمَّنْ فِي السَّمَاءِ وَمَنْ عَلَى الأَرْضِ وَمَنْ تَحْتَ الأَرْضِ، وَيَعْتَرِفَ كُلُّ لِسَانٍ أَنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ هُوَ رَبٌّ لِمَجْدِ اللهِ الآبِ» (في٢: ٩-١١).

الاسم:

«وَدَعَا فِرْعَوْنُ اسْمَ يُوسُفَ: صَفْنَاتَ فَعْنِيحَ» (ع٤٥)؛ إن تغيير اسم يوسف يعني أنه اُختير لمهمة خاصة ومُتميزة، في هذه المرحلة من حياته. إن الترجمتين البديلتين لهذا الاسم، وثيقتا الصلة بشخص الرب يسوع، أثناء زمن الكنيسة. فالترجمة العبرية للاسم ”صَفْنَاتَ فَعْنِيحَ“ هي ”كاشف الأسرار“، تُقدّمه لنا باعتباره الشخص الذي أخبرنا بأسرار لم يعلم بها أحد قبل زمن الكنيسة؛ فقط تفكر في أسرار محبة الآب، وفي اسمه الذي أُعلِنَ لنا «أَنَا أَظْهَرْتُ اسْمَكَ لِلنَّاسِ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي مِنَ الْعَالَمِ ... وَعَرَّفْتُهُمُ اسْمَكَ وَسَأُعَرِّفُهُمْ، لِيَكُونَ فِيهِمُ الْحُبُّ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي بِهِ، وَأَكُونَ أَنَا فِيهِمْ» (يو١٧: ٦، ٢٦).

إن الدهر المسيحي هو الزمن الذي عُرِّف خلاله بالسِّر العظيم: سِّر المسيح والكنيسة (أف٥: ٣٢)، «السِّرِّ الَّذِي كَانَ مَكْتُومًا فِي الأَزْمِنَةِ الأَزَلِيَّةِ» (رو١٦: ٢٥)، «السِّرِّ الْمَكْتُومِ مُنْذُ الدُّهُورِ وَمُنْذُ الأَجْيَالِ، لكِنَّهُ الآنَ قَدْ أُظْهِرَ لِقِدِّيسِيهِ، الَّذِينَ أَرَادَ اللهُ أَنْ يُعَرِّفَهُمْ مَا هُوَ غِنَى مَجْدِ هذَا السِّرِّ فِي الأُمَمِ، الَّذِي هُوَ الْمَسِيحُ فِيكُمْ رَجَاءُ الْمَجْدِ» (كو١: ٢٦، ٢٧). كما أنه «عَرَّفَنَا بِسِرِّ مَشِيئَتِهِ، حَسَبَ مَسَرَّتِهِ الَّتِي قَصَدَهَا فِي نَفْسِهِ، لِتَدْبِيرِ مِلْءِ الأَزْمِنَةِ، لِيَجْمَعَ كُلَّ شَيْءٍ فِي الْمَسِيحِ، مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا عَلَى الأَرْضِ» (أف١: ٩، ١٠).

أما ترجمة الاسم ”صَفْنَاتَ فَعْنِيحَ“ في اللغة المصرية القديمة، فالرسالة التي تحملها هي أيضًا مؤَّكدة بذات القدر: فهي ”مُخلِّص العالم“. وهو ذات اللقب الذي للمسيح، كما يُقدّمه الإنجيل إلى العالم اليوم. إنه - تبارك اسمه - لم يعد فقط ”يَسُوع” الذي «يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ» (مت١: ٢١)، ولكنه «بِالْحَقِيقَةِ الْمَسِيحُ مُخَلِّصُ الْعَالَمِ » (يو٤: ٤٢). وهكذا قال الرسول يوحنا: «نَحْنُ قَدْ نَظَرْنَا وَنَشْهَدُ أَنَّ الآبَ قَدْ أَرْسَلَ الابْنَ مُخَلِّصًا لِلْعَالَمِ» (١يو٤: ١٤)، «وَلَيْسَ بِأَحَدٍ غَيْرِهِ الْخَلاَصُ. لأَنْ لَيْسَ اسْمٌ آخَرُ تَحْتَ السَّمَاءِ، قَدْ أُعْطِيَ بَيْنَ النَّاسِ، بِهِ يَنْبَغِي أَنْ نَخْلُصَ» (أع٤: ١٢).

فإبان فترة الكنيسة؛ أي منذ يوم الخمسين إلى الاختطاف، لم تعد صفة الرب يسوع على أنه يهوه أو القدير فقط، ولكن باعتباره المُخَلِّص الوحيد للعالم، وكاشف الأسرار.

أَسْنَاتُ بِنْتُ فُوطِي فَارَعَ كَاهِنِ أُونَ:

يُقدِّم لنا الوحي أَسْنَات باعتبارها ”بِنْتُ فُوطِي فَارَعَ كَاهِنِ أُونَ” (ع٤٥). وهذا في تمام المُباينة مع رِفْقَة، حيث أصر إبراهيم أن تكون زوجة إسحاق من عشيرته، لتكون مناسبة كعروس لابنه. في رِفْقَة نجد شرحًا لحقيقة أن الكنيسة هي كيان مدعو للخروج (إيكليسيا)، من بيئتها والمُحيطين بها، لتُسافر لملاقاة إسحاق، في نهاية الرحلة. بينما تشرح لنا أَسْنَاتُ حقيقة أخرى: فأَسْنَاتُ هي الأممية الغريبة عن وعود إسرائيل، وهي تُصوّر الكنيسة كالعروس التي جاءت من الأمم، وليس حصريًا من إسرائيل.

ثم يقول الكتاب عن يوسف، إن فرعون «أَعْطَاهُ أَسْنَاتَ بِنْتَ فُوطِي فَارَعَ كَاهِنِ أُونَ زَوْجَةً» (ع٤٥). وحقيقي أن الرب يسوع تعب وتألم لكي يربح عروسه، ولكنه حق أيضًا أن الآب أعطاه العروس. وهكذا صلّى المسيح: «أَيُّهَا الآبُ الْقُدُّوسُ، احْفَظْهُمْ فِي اسْمِكَ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي ... أَيُّهَا الآبُ أُرِيدُ أَنَّ هؤُلاَءِ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي يَكُونُونَ مَعِي حَيْثُ أَكُونُ أَنَا، لِيَنْظُرُوا مَجْدِي الَّذِي أَعْطَيْتَنِي» (يو١٧: ١١، ٢٤). وفي يوحنا ١٧ يُذكَر سبع مرات أن المؤمنين هم عطية الآب لابنه (يو١٧: ٢، ٦ (مرتين)، ٩، ١١، ١٢، ٢٤). إنه من الرائع أن نُفكر كيف أن الكنيسة مُكوَّنة من هؤلاء الذين أعطاهم الآب نفسه، هبة للابن.

ثم يقول الكتاب: «وَكَانَ يُوسُفُ ابْنَ ثَلاَثِينَ سَنَةً لَمَّا وَقَفَ قُدَّامَ فِرْعَوْنَ مَلِكِ مِصْرَ» (ع٤٦). وذكر عُمر يوسف، بعد ذكر أَسْنَات، رأى فيه البعض دلالة على أن الكنيسة كانت بالفعل في فكر الرب، وفي فكر الله، من قبل خروجه للخدمة العلانية، في سن الثلاثين، وقبل أن بذل نفسه لأجلها على الصليب. وسواء كان هذا هو القصد المُباشر من الرمز الذي نحن بصدده، أو لا، فإننا نترك هذا لتقدير القارئ.

سِنو الشِّبَعِ وسِنو الْجُوعِ:

لاحظنا بالفعل أن أَسْنَات قد استُحضِرَت إلى يوسف، بعد آلامه ثم تمجيده. وفي تلك الأثناء كان لا يزال غريبًا بالنسبة إخوته. وتضع الآية ٤٧ تفصيلة مُثيرة بخصوص عدد سِنِي الشِّبَعِ، فيقول الوحي: «وَأَثْمَرَتِ الأَرْضُ فِي سَبْعِ سِنِي الشِّبَعِ بِحُزَمٍ (بوفرة)». فزمن الكنيسة يتجاوب مع سِنِي الشِّبَعِ، حيث بُورك كل رَجُل (وكل امرأة)، انتمى للكنيسة، كما لم يُبارك أحدٌ من قبل. فخارج زمن الكنيسة، ليس لأحد من المؤمنين أن يدَّعي أنه مُختار من قبل تأسيس العالم، أو أنه مقبول في المحبوب. وحتى أعظم رجال الله، أو آدَم في براءته، لم يكن ليستطيع أن يدّعي أنه مُرتبط بالمسيح الرأس، أو أنه يمتلك أيًا من البركات العجيبة والوفيرة التي للمؤمن المسيحي فقط (أف١: ٣-٦). ولكن يبقى السؤال: هل نحن بالفعل نتمتع بهذا الفيض من الغنى، أم أننا نعيش - فِي سِنِي الشِّبَعِ – كالشحاذين؟

كما أن خلال سِنِي الشِّبَعِ تلك «وُلِدَ لِيُوسُفَ ابْنَانِ قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَ سَنَةُ الْجُوعِ، وَلَدَتْهُمَا لَهُ أَسْنَاتُ بِنْتُ فُوطِي فَارَعَ كَاهِنِ أُونَ» (ع٥٠). وينص الكتاب صراحة أن ذلك كان «قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَ سَنَةُ الْجُوعِ». إن ترتيب الأحداث يشرح بكل جلاء أن الكنيسة ووقت إثمارها، إنما ينتميان إلى سِنِي الشِّبَعِ، قبل وقت الضيقة (مت٢٤: ٢١؛ رؤ٣: ١٠؛ رؤ٦-١٩).

«وَدَعَا يُوسُفُ اسْمَ الْبِكْرِ «مَنَسَّى» قَائِلاً: لأَنَّ اللهَ أَنْسَانِي كُلَّ تَعَبِي وَكُلَّ بَيْتِ أَبِي. وَدَعَا اسْمَ الثَّانِى «أَفْرَايِمَ» قَائِلاً: لأَنَّ اللهَ جَعَلَنِي مُثْمِرًا فِي أَرْضِ مَذَلَّتِي» (ع٥١، ٥٢). معنيا اسم الولدين، يعكسان شيئين من حقيقة كيف هي الكنيسة بالنسبة للرب يسوع: ”مَنَسَّى“ يعني “أنساني“، ويشرح حقيقة أنه خلال زمن الكنيسة، نُحيَّ إسرائيل جانبًا، كما لو لم تكن له علاقة بهم كشعبه الأرضي المُختار. ولن يُعيد تأسيس هذه العلاقة، ويقتادهم إلى التوبة، إلا بعد أن يأخذ الكنيسة لتكون معه. ولذلك نجد ذكر علاقة يوسف بأَسْنَات فقط قبل أن يقتاد إخوته إلى التوبة.

بينما الاسم ”أَفْرَايِمَ“ فيعني ”ثمرًا مُضاعفًا“، ويُكلّمنا عن النصيب المُزدوج لابني يوسف، بحسب حقه كمن أخذ حق البكورية. هذا الإثمار المُضاعف يشرح غنى عائلة يوسف الحالية؛ الكنيسة، في انتظار لرد بيت إسرائيل.

الأرض:

النقطة الختامية في هذا المقال عن أَسْنَات سلبية، بمعنى أننا نستقي التعليم فيما لم يُقل عنها شخصيًا.

مدفوعون بضغط سِنِي الْجُوعِ، جاء إخوة يوسف إلى مصر. وأخيرًا رجعوا واستُرُدوا بعد اعترافهم بخطيتهم. ومن ثم ارتحلوا مع أبيهم إلى مصر، حيث قبلوا أفضل نصيب في الأرض: «فَأَسْكَنَ يُوسُفُ أَبَاهُ وَإِخْوَتَهُ وَأَعْطَاهُمْ مُلْكًا فِي أَرْضِ مِصْرَ، فِي أَفْضَلِ الأَرْضِ، فِي أَرْضِ رَعَمْسِيسَ كَمَا أَمَرَ فِرْعَوْنُ. وَعَالَ يُوسُفُ أَبَاهُ وَإِخْوَتَهُ وَكُلَّ بَيْتِ أَبِيهِ بِطَعَامٍ عَلَى حَسَبِ الأَوْلاَدِ» (تك٤٧: ١١، ١٢). ولكن لا ذكر لأَسْنَات هنا؟ ولكن لماذا؟! التفسير بسيط: إن إخوة يوسف وأَبيه، يكوّنون صورة لأُمَّة إسرائيل، وهي ترفل في بركات الغنى الأرضي، تحت حكم يوسف الحقيقي. ولكن ليس ههنا نصيب لأَسْنَات. وهي في ذلك رمز للكنيسة؛ إذ هي تتمتع بنصيب أفضل، بالاتحاد مع يوسف، الذي هو رأس فوق كل شيء. فخلال المُلك الألفي ستتمتع إسرائيل ببركات أرضية، في أرض وُعِدَ بها أسلافهم؛ إبراهيم وإسحاق ويعقوب، على وجه الخصوص. ودور الكنيسة في هذه الفترة مشروح في صورة أورشليم السماوية في رؤيا ٢١. وهذا موضوع يستحق ولا شك دراسة منفصلة. ويكفي هنا أن نُنوه إلى أن الكنيسة ليست أُمَّة أرضية، تحت حُكم ملك أرضي، ولكنها العروس السماوية، امرأة الشخص المجيد، الذي يُريدها أن تُشاركه أمجاده ورفعته.

دعونا ألا نتنكب عن سبيل دعوتنا العُليا ومزاياها، من أجل نصيب أدنى؛ فمثلاً: ننشغل ونُستغرقُ في محاولة تحسين المجتمع، أو أن نجعل الأرض مكانًا أفضل ... إلخ. هذا لا يعني سوى أننا لا نُقدِّر حقيقة الرابطة والعلاقة الوثيقة التي تربطنا بيوسف الحقيقي؛ كاشف الأسرار ومُخلِّص العالم، الذي يهب الخلاص لكل مَن يؤمن.


مايكل هاردت