قصة حياة نُوح تتضمن لا طوفانًا واحدًا، بل طوفانين مأساويين. فالعالم في زمان نُوح قد اجتاحه طوفان الشر. فقد تدنى عدد مَن يذكرون إله الخليقة والكمال والمحبة إلى واحد فقط. ومن شعب الله لم يتبق إلا نُوح. وكان جواب الله على هذا الجحود القاسي أن منح الناس مهلة أخيرة طويلة بلغت ١٢٠ سنة كان خلالها نُوح يصور تصويرًا مجسمًا رسالة حياته ببنائه للفلك. فليس أوضح من بناء قارب كبير بهذا الحجم على اليابسة، لينطق بهذه الحقيقة.
وبالنسبة لنُوح، أطاع باستمراره في هذا المشروع طوال هذه الفترة، أما نحن فكثيرون تواجههم مصاعب عند شروعهم في أي مشروع، سواء كان هذا المشروع بتوجيه من الله أم لا. ومن الملذ أن نلاحظ أن نُوحًا أطاع لفترة تفوق عمر الإنسان اليوم. فأعظم مشروع متكامل، بل أقول المشروع الوحيد طويل الأمد الذي علينا بنائه هو حياتنا. وربما يكون ذلك هو التحدي العظيم الذي تضعه أمامنا حياة نُوح: أن نعيش مغمورين بنعمة الله طوال حياة نقضيها في الطاعة والعرفان بجميل الله علينا.