أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
 
 
عدد يونيو السنة 2007
عطية الروح القدس - دراسات عن الروح القدس
تكبير خط المقالة تصغير خط المقالة
أعمال2؛ أعمال8؛ أعمال10؛ أعمال19 **** بطرس يفتح باب ملكوت السماوات للأمم ننتقل الآن إلى المناسبة الثالثة في أعمال10، حيث نجد هناك ما يعطينا فائدة عظيمة. هنا نرى الأمم لأول مرة يُحضَرون إلى الكنيسة، جسد المسيح على الأرض. وما بين الأصحاح الثامن والعاشر من سفر الأعمال، نجد بولس رسول الحق الخاص بسر الكنيسة، وقد دُعيَ لهذا الغرض. إن ذلك الخادم المُعتبر لله، الذي كان رسول الأمم، و«الإناء المختار» لإعلان الحق الخاص بذلك السر ـ جسد المسيح، والذي توضح كتاباته ذلك الحق، كان قد دُعيَ وأُحضِرَ إلى الكنيسة وكان قد بدأ في العمل. أمام بطرس الذي أعطاه الرب في الأصحاح السادس عشر من إنجيل متى ـ مفاتيح ملكوت السماوات (لاحظوا، أنه ليست مفاتيح السماء ـ بل هي مفاتيح ملكوت السماوات)، وبعد أن فتح في أعمال2 ضلفة الباب اليهودية لكي يدخل اليهود إلى الملكوت، نراه الآن في أعمال10 منقادًا من الرب لكي يفتح الضلفة الأخرى للأمم. وفي الحقيقة لم يكن متحمسًا لهذا العمل. في البداية كان متباطأً، واحتاج الأمر إلى بعض الوقت قبل أن يفعل ذلك الذي كان يريده أن يفعله، لكنه فعله. والحادثة جديرة بالملاحظة لِما تحمله من فائدة. إيمان كرنيليوس وأهل بيته وقبولهم للروح القدس هناك نقرأ عن قائد مئة روماني كان يسكن في قيصرية ـ وهو تقي وخائف الله، حيث يُخبرنا الجزء الأول من الأصحاح العاشر أنه «تقي وخائف الله مع جميع بيته، يصنع حسنات كثيرة للشعب، ويصلي إلى الله في كل حين». كان إنسانًا مهتديًا converted أُحيي بواسطة روح الله، لكنه لم يكن قد قبل الروح القدس، لم يكن له سلام مع الله. كان يشير إلى آلاف النفوس اليوم ـ نفوس أوقظها الروح القدس، لهم رغائب إلهية، مُحسنين ومُصلين، مع ذلك هم بدون سلام. إنهم لا يعرفون ماذا يعني الغفران. وبينما كان هذا الشخص يصلي، أرسل الله ملاكًا إليه، مُخبرًا إياه أن يرسل لأجل بطرس. وبينما بطرس على سطح المنزل، أيضًا وهو يصلي، أعطاه الرب رؤيا من السماء المفتوحة، إناءً نازلاً مثل ملاءة عظيمة، مربوطة بأربعة أطراف، ومُدلاة على الأرض «وكان فيها كل دواب الأرض، والوحوش، والزحافات، وطيور السماء». ثم صار إليه صوت «قم يا بطرس، اذبح وكُل». وقد رفض بطرس تنفيذ هذا الأمر، لكن الصوت صار إليه ثانية قائلاً: «ما طهّره الله لا تدنسه أنت». وقد تكرر هذا على ثلاث مرات. وأخيرًا بينما هو «يرتاب في نفسه ماذا عسى أن تكون الرؤيا التي رآها»، إذا بالروح يقول له، كما نقرأ في عدد19 «هوذا ثلاثة رجال يطلبونك. لكن قُم وانزل واذهب معهم غير مرتاب في شيء، لأني أنا قد أرسلتهم». وقد أبلغه هؤلاء الرجال برسالتهم، وفي الغد خرج بطرس معهم. أما كرنيليوس فكان ينتظرهم وقد دعا أنسباءه، وأصدقاءه الأقربين. إنه عندما سمع من الله أن رسوله قادمٌ إليه، في الحال أراد أن يتشارك معه آخرون في البركة. وإني أعتقد أن كل شخص مولود من الله، ونال البركة منه، لا بد أن تنشأ في داخله الرغبة في أن أولئك الذين حوله يتشاركوا معه في هذه النعمة. وقد أخبر كرنيليوس بطرس السبب في استدعائه، وختم ما كان يقوله بهذه الكلمات «والآن نحن جميعًا حاضرون أمام الله، لنسمع جميع ما أمرك به الله». كانت بالحقيقة جماعة مجتهدة ومتحمسة تلك التي اجتمعت في محضر الله. وليس من العجيب أنه كانت هناك بركة عميقة في بيت كرنيليوس. لقد عرف بطرس الآن الحق: فقد تعلم درس الملاءة العظيمة بينما هو يقول: «بالحق أنا أجد أن الله لا يقبل الوجوه، بل في كل أمة، الذي يتقيه ويصنع البر، مقبول عنده». إن القبول هنا هو على أُسس مختلفة كُلية كما نتعلم من أفسس1: 6. كان هذا درسًا جديدًا تمامًا بالنسبة لبطرس. وواضح أن دعوة الله لم توجه إلى شخص أممي عابد وثن، فبطرس يتحدث عن أولئك الذين يتقون الله ويصنعون البر. وهذا تمامًا ما فعله كرنيليوس. والرب برهن على قبول كرنيليوس بإرسال ملاكه إليه. لم يكن ما صدر عنه مجرد اعتراف أجوف، لكنها حالة حقيقية للنفس. إن كونه يخاف الله، ويتقيه، ويصلي إليه، لهي دلائل على ولادته ثانية وتغيره، لكن ليس هو بعد ما يسميه الكتاب المقدس «مُخلَّص» (أع 11: 14). وهي كلمة تتضمن ملء البركة بمعرفة الارتباط بمخلص مُقام ومنتصر. لكن، كم يُظهر الله حكمته في توجهه إلى الأمم، بأن يبدأ بهذا الإنسان، الذي حتى أعظم اليهود المقاومين لا يستطيع أن ينكر تقواه! وبهذا ترون إنسانًا يمكن أن يكون تقيًا، لكنه لا يعرف امتيازات المسيحية. هذه الامتيازات تُقدَم له الآن «الكلمة التي أرسلها إلى بني إسرائيل، يُبَشَّرً بالسلام بيسوع المسيح (هذا هو رب الكل). أنتم تعلمون الأمر ...» (ع36، 37). هكذا يقول بطرس. لم يكن كرنيليوس، عديم العلم بهذا الأمر. لقد سمع على ما يبدو أن الله كان يبشر بالسلام بواسطة يسوع المسيح، لكن ذلك كان إلى «بني إسرائيل». والآن، لماذا لم يحصل كرنيليوس على السلام؟ لسبب جميل. كان تقيًا ومستقيمًا، وكان يعلم أنه لم يكن في دائرة الحظوة التي لإسرائيل. وقد اعتبر أن هذه الحظوة ليست له. لقد رغب أن يحصل على السلام، لكن هذا السلام كان لإسرائيل، وهو لم يكن في تلك الجماعة المحظوظة. وبينما، يرغب بعمق في البركة، شعر في نفسه أنه غير لائق لها، وأنه ليس له حق فيها. وهنا تأتي نعمة الله بعذوبة متناهية. ثم يستمر بطرس في حديثه، ويُخبر كيف أن يسوع «جال يصنع خيرًا»، وكيف قتله اليهود، وكيف أقامه الله من الأموات، وصار ظاهرًا بعد قيامته لشهود كثيرين. ثم يختم شهادته بقوله: «له يشهد جميع الأنبياء، أن كل مَنْ يؤمن به، ينال باسمه غفران الخطايا. فبينما بطرس يتكلم بهذه الأمور، حل الروح القدس على جميع الذين كانوا يسمعون الكلمة». ما هو الذي قد سمعوه؟ آه! إنها أخبار سارة لك ولي، لأننا نحن جميعًا أمم. هل تبغي غفران خطاياك؟ أنت مُرحَّب بك في هذا الأمر «له يشهد جميع الأنبياء، أن كل مَن يؤمن به ينال باسمه غفران الخطايا». لكن ربما تقول، وماذا عن التوبة؟ إن الله لا يقول شيئًا عنها هنا. لكني لا أشك في أنهم قد تابوا. لم تكن هناك حاجة للحث عليها لأولئك الذين كانوا في عُمق الاشتياق ليسمعوا الكلمة. ما احتاجوا إليه كان إنجيل يسوع البسيط الجميل: «له يشهد جميع الأنبياء أن كل مَنْ يؤمن به، ينال باسمه غفران الخطايا». إذا كنت أيها القارئ العزيز لا تزال في خطاياك، وترغب في أن تُرفَع عنك، أن تُغفر خطاياك، دعني أُخبرك بهذه الأخبار المُفرحة عن مخلص الخطاة «كل مَن يؤمن به، ينال باسمه غفران الخطايا». إن الله الآن، يبشر بغفران الخطايا إلى كل إنسان، يهودي أو أممي، عبد أم حر، وذلك بواسطة اسم الرب يسوع المسيح. فبواسطة العمل الذي أُكمل على الصليب قد أُبعِدَت الخطايا من أمام الله، وكل مَن يؤمن به ينال الغفران منه. لكن ماذا يعني بـ «كل مَن»؟ ألا يعني هذا أنت شخصيًا؟ نعم، بالتأكيد أنها تعنيك أنت كما أنا أيضًا. إذا كنت تقول بالحق: ”أنا أؤمن به“، ستنال غفران الخطايا. لكن ربما تقول: إنني لا أشعر بذلك. إنه لا يقول: ”كل مَن يؤمن به، سيشعر بغفران الخطايا“. إن الله يقول: سأغفر لكل نفس تلتصق وتتمسك بابني. إن الله سيسامح ويبارك النفس التي تؤمن بالمسيح. لقد عمل روح الله دون شك في قلوب كرنيليوس وأصدقائه، وأعطاهم الشعور بالاحتياج أمام الله. كان هناك الشعور بالاحتياج، وكان هناك إحياء بروح الله، قادهم إلى الإتيان في اتضاع بالتوبة. لكن كل هذا يختلف تمامًا عن معرفة الغفران، وقبول الروح القدس كالختم للإيمان. وماذا نجد هنا؟ «فبينما بطرس يتكلم بهذه الأمور، حلّ الروح القدس على جميع الذين كانوا يسمعون الكلمة». لا يمكن لأي شيء أن يفوق هذا الإظهار الغني والفريد لنعمة الله. ولا يوجد هنا أي سؤال عن المعمودية، ولا أي كلمة عن رُسل ينزلون ليصلوا لأجلهم، ويضعوا أيديهم عليهم. نعم، بقدر ما تعظم المسافة والبُعد عن الله، كما كانت الحالة مع الأمم، بقدر ما تخرج النعمة بحرية وسخاء إلى أولئك الذين ليس لديهم أي حق عند الله. إن المشهد يلمع ببهاء نعمة الله. إن اليهودي العاصي ينبغي أن يتوب ويعتمد علانية، والسامري شبه المتدين، يسمع الإنجيل، ويؤمن به، ويعتمد باسم يسوع، لكنه ينبغي أن ينتظر إلى أن ينزل الرسل، ويصلوا لأجلهم، ويضعوا أيديهم عليهم، قبل أن يأتي الروح القدس ويحل عليهم. أما الأممي، الذي كان بعيدًا تمامًا، ولم يكن له علاقة قومية مع الله ـ وذلك هو الوضع الذي كنا فيه أنا وأنت ـ فهو يسمع الحق ويؤمن بالإنجيل، وينال الروح القدس على الفور بدون أي شيء من هذه الأوليات. هذا حق مبارك، نفعل حسنًا إن تمسكنا به بإصرار، لأننا نعيش في زمن لا ينقصه وجود أولئك الذين يؤكدون أنه لا توجد إمكانية لقبول الروح القدس إلا عن طريق توسط الإنسان، ويدي الإنسان. إن الكتاب المقدس بما سجله عن طرق الله في بيت كرنيليوس، يسكت كل هذه الجهالات، لأنني لا أستطيع أن أسميها بغير ذلك. ولا يوجد شيء أكثر جمالاً من هذ الفيض والتدفق لنعمة الله بين هذه الرفقة من الأمم. لقد صدَّقوا الشهادة المُرسلة إليهم من جهة قيمة اسم يسوع في غفران الخطايا، ونتيجة لذلك «حل الروح القدس على جميع الذين كانوا يسمعون الكلمة. فاندهش المؤمنون الذين من أهل الختان، كل مَنْ جاء مع بطرس، لأن موهبة الروح القدس قد انسكبت على الأمم أيضًا». وكونهم قد قبلوا هذه الموهبة أو العطية المنقطعة النظير، تبرهن بما تبع ذلك «لأنهم كانوا يسمعونهم يتكلمون بألسنة ويعظمون الله». لقد كان البرهان على قبولهم للروح القدس واضحًا للأذن، وللعين، لبطرس وللأخوة اليهود. كان بطرس حريصًا من جهة جنسيته، لذلك أخذ معه برفقته ستة إخوة لكي يكونوا شهود عيان لِمَا سيحدث، وقد انضموا إليه في الشهادة فيما يتعلق بهذا الأمر أمام المعترضين في أورشليم في أعمال11. لقد قال الله «على فم شاهدين أو ثلاثة تقوم كل كلمة». وهكذا كان الأمر في هذه الحالة. دعونا نلاحظ جيدًا أنه على نفس النمط نقبل نحن الأمم المؤمنين الروح القدس. إن الله هو الكل في هذا المشهد، والإنسان لا مكان له ـ إنه يختفي أمام تفاضل نعمة الله. عندما كان التدخل الرسولي ضروريًا لقبول الأمم للروح القدس، فقد كان هناك رسول، إما ليُعمِّد، أو ليضع الأيدي، لكن ذلك لم يكن هو ترتيب الله الدائم. إذا كان أحد يُفضِّل أن يرجع إلى أساس يهودي أو سامري، فله أن يفعل ذلك. لكن الإيمان دائمًا يقبل بسرور أي تحول في طرق الله. والحقيقة أنه عندما كان الرسل موجودين هنا، احتقرهم الناس. والآن، بينما هم غير موجودين، فإن عدم الإيمان يعتقد أنهم ضروريون كالمجرى لإعطاء الروح. ولكن كم هي غنية نعمة الله التي تجعل العكس من ذلك واضحًا ومؤكدًا تمامًا في كلمة الله.
و. ت. ب. ولستون