أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
 
 
عدد يونيو السنة 2007
حياة الإيمان
تكبير خط المقالة تصغير خط المقالة
«فَخَرَجَ وَهُوَ لاَ يَعْلَمُ إِلَى أَيْنَ يَأْتِي» (عب11: 8) *** لا حاجة للرؤية مع الإيمان «الإِيمَانُ فَهُوَ الثِّقَةُ بِمَا يُرْجَى وَالإِيقَانُ بِأُمُورٍ لاَ تُرَى» (عب11: 1). وإذا أمكننا أن نرى فهذا ليس إيمانًا وإنما عيانًا وعقلانية. لقد أدركنا معنى الإيمان بينما كنا نعبر المحيط الأطلنطي. لم نستطع أن نرى أي طريق واضح أمامنا على صفحة المياه، ولا أثر للشاطئ الذي نقصده، ولكننا كنا نستطيع، يومًا بعد الآخر، وعلى سبيل التقرير بالإيمان، أن نحدِّد مكاننا على الخريطة التي تتقدم خطوطها إلى الأمام حيث مقصدنا، كما لو كان هناك خطًا مرسومًا واضحًا على صفحة المياه. وعندما اقتربنا من الشاطئ تبيَّن لنا، أننا سلكنا السبيل الصحيح كما لو كنّا حددناه وشاهدناه من ثلاثة آلاف ميل سابقة. كيف تمَّ لنا ذلك؟ كيف أمكننا قياس وتحديد مسارنا وتعيين طريقنا المائي بدقة وإحكام. يوميًا كان القبطان يأخذ منظاره الكبير وأدواته العلمية ويركز نظره في السماء، ويحدِّد مساره عن طريق حركات الشمس. لقد كان يبحِر بإرشاد الأنوار السماوية لا الأرضية. وهكذا الإيمان، ينظر إلى أعلى ويتقدَّم في الإبحار بواسطة الشمس؛ شمس الله العظيم ”الرب يسوع المسيح“، دون أن يرى خطًا واحدًا لشاطئ أو منارة أرضية أو طريقًا مرسومًا. وكثيرًا ما تقوده خطواته إلى عدم يقينية كاملة، بل وأحيانًا إلى ظلام أو مخاطر، بل وإلى أسى وحزن ويأس، غير أن إقامتنا في هذه الأحوال لا تطول إذ أن «رئيس الإيمان ومكمِّله» يفتح ويمهد الطريق، وكثيرًا ما يحول ظلام نصف الليل إلى نور وضَّاء ويجعله بابًا للنهار الكامل. فلنسير اليوم إذًا ونتقدَّم، غير عالمين، ولكننا واثقون. كثيرون منا يريدون رؤية ومعرفة نهاية الطريق قبل الشروع في سلوكه، وقبل أن يبدأوا خطوتهم في أي اتجاه. ولكن لو تسنّى لنا ذلك فمن أين كان نمونا الروحي في النعمة وفي معرفة ربنا ومخلصنا يسوع المسيح. وكيف كان يمكننا الحصول على البركات والخيرات المسيحية؟ ... إن الإيمان والرجاء والمحبة هي ثمار لا يمكن قطفها من الأشجار كتفاحات ناضجة. إننا لا نكتسبها إلا بعد السير بالإيمان في الطريق الشائك الوعر. وبعدئذٍ يمدّ لنا الله يد المعونة. الإيمان أولاً ثم العون. إن الإيمان والإتكال وانتظار الرب يأتي بنا إلى ختام رحلتنا أسرع بكثير مما تأخذنا أقدامنا بمحاولاتنا الشخصية الإنسانية. لا أنت تدري – أبدًا – ولا أنا أفراحها، أحزانها، بل كلها غير أن العين تخترق الستار مهما يعج البحر حولنا غاضبًا يأمرُهُ فيهدأ في لحظةٍ عن رحلةِ العمرِ التي أمامنا قد سُتِرَت عنا وعن أنظارنا نحو يديْ مَنْ يصنع الخير لنا فهو بأمرِ الربِ لن يبلَعَنا يحملنا بالرفقِ نحوَ شطَّنا
فيبي فارس