أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
 
 
عدد يوليو السنة 2018
المحبة المسيحية الحقيقية
تكبير خط المقالة تصغير خط المقالة

المحبة هي تاج الفضائل المسيحية. إنها الميول المقدسة التي أُعطيت لنا حين وُلدنا ثانية من الله، وهي محبة الله التي انسكبت في قلوبنا بالروح القدس. إن المحبة المسيحية الحقيقية تتميز بالوداعة والرقة، ومع ذلك فهي تفوق كثيرًا المجاملات واللطف اللذين منبعهما الجسد.

يجب علينا أن نحذر كي لا نخلط بين العواطف واللطف الإنساني والمجاملات الجسدانية والدماثة، مع المحبة المسيحية الحقيقية. المحبة التي يأمرنا بها الله، التي تتجه نحو شخصه هو أولاً ثم للآخرين، ليست محبة بشرية. إنها ليست مُتغيّرة، ولا تطلب ما لنفسها، كالمحبة التي فينا بالطبيعة. إننا إذا سمحنا لأولادنا أن ينشئوا ببساطة بدون تأديب مسيحي، يقول سفر الأمثال صراحة أننا بهذا لا نحبهم، بغض النظر عن العواطف والمشاعر الإنسانية التي نحملها تجاههم. فالمحبة ليست هي دغدغة مشاعر أحدنا الآخر مع عدم الاكتراث والتساهل من جهة سيرنا وطاعتنا أمام الرب. المحبة المسيحية ليست هي أن يتستر بعضنا على أخطاء بعض، كي نتملق بعضنا بعضًا، ونرضي غرورنا.

إن جوهر طبيعة المحبة المسيحية الحقيقي هو مبدأ البر الذي يطلب أفضل الخير للآخرين، والرغبة القوية في إسعادهم. وممارسة المحبة يجب أن تكون في توافق كامل مع مشيئة الله المُعلنة، فنحن يجب أن نحب بالحق. إن المحبة بين الإخوة بعيدة كل البعد عن مجرد خلق مجتمع توافقي تتشابه فيه الآراء، بل المحبة التي تظهر بسبب ما نرى من المسيح في إخوتنا، إننا نحبهم من أجل المسيح.

إن الرب يسوع نفسه مثالنا، فهو لم يكن فقط جليلاً ووديعًا ومنكرًا لذاته وطويل الأناة، لكنه أيضًا راجع أُمّهِ، واستخدم سوطًا في الهيكل، كما وبخ تلاميذه بشدة حين شكوا، وقاوم المرائين. فالمحبة المسيحية الحقيقية هي إظهار الأمانة تجاه الله قبل كل شيء، وعدم المساومة مع الشر، ونحن لا يمكننا أن نعلن “سلام وأمان” بينما في الواقع هناك انحدار وخراب روحي!

المحبة المسيحية الحقيقية صعبة جدًا في ممارستها، لأنها ليست محبتنا الطبيعية. بالطبيعة نحن نُفضل محبة العواطف التي تُنشئ مشاعر حلوة. كذلك في مرات عديدة لا تُقابَل المحبة المسيحية الحقيقية بالمحبة بل بالبغضة، كما أبغضها الفريسيون. فعلينا أن نُصلي كي يملئنا الله بمحبته، ولكي يُمكّننا من ممارستها دون مواربة مع الجميع.

آرثر بنك