أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
 
 
عدد مايو السنة 2008
بكاء الضاحكين، وضحك الباكين - إنجيل الله
تكبير خط المقالة تصغير خط المقالة

أولاً: الباكون الآن، الضاحكون قريبًا

في كلمة الله نقرأ عن فريقين مختلفين كل الاختلاف، مختلفين في طابع حياتهم الزمني، وفي مستقبلهم الأبدي. الفريق الأول هو فريق المؤمنين الحقيقيين، الذين حزنوا حزنًا بحسب مشيئة الله فأنشأ فيهم توبة لخلاص بلا ندامة. هؤلاء هم الذين يتألمون ويحزنون في أرض تغربهم، يقول عنهم بطرس الرسول: «إِنْ كَانَ يَجِبُ ­ تُحْزَنُونَ يَسِيرًا بِتَجَارِبَ مُتَنَوِّعَةٍ» (1بط1: 6)، هم الذين يتألمون نتيجة لبرَّهم، وبسبب رفضهم التجاوب مع الخطية والتجربة. هؤلاء هم الذين يبغضهم العالم ويقاومهم لأنهم ليسوا منه ومختلفون عن أهله، هم الذين يحملون الصليب كل يوم تابعين سيدهم العظيم، هم من يعبرون وادي البكاء، وهم الذين يزرعون بالدموع. عن هذا الفريق قال ربنا المعبود: «اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ سَتَبْكُونَ وَتَنُوحُونَ وَالْعَالَمُ يَفْرَحُ» (يو16: 20). إلا أن ما يبهج ويعزي قلوبنا أنه بمجيء ربنا يسوع لاختطافنا إليه، ستنتهي كل أحزاننا وأوجاعنا. لذلك يستطرد المسيح فيقول: «أَنْتُمْ سَتَحْزَنُونَ، وَلكِنَّ حُزْنَكُمْ يَتَحَوَّلُ إِلَى فَرَح»، ويقول له المجد أيضًا: «طُوبَاكُمْ أَيُّهَا الْبَاكُونَ الآنَ، لأَنَّكُمْ سَتَضْحَكُونَ» (لو6: 21).

إذًا يا أحبائي فلنتشجع لأننا إن كنا نزرع الآن بالدموع، فقريبًا سنحصد بالابتهاج (مز126: 5، 6). وهناك لا نعود نذكر أتعاب الحياة، ولنتذكر كلمات الترنيمة الحلوة:

سأنسى أنا أتعابي هنا   سأنسى أنا آلامي هنا
حين ألقى يسوع الحبيب

ثانيًا: الضاحكون الآن، الباكون عاجلاً

هؤلاء هم من وجدوا لذتهم في العالم ومسراته، هم الذين إلههم بطنهم ومجدهم في خزيهم، الذين يجدون متعتهم في الخطية والنجاسة، الذين يحسبون تنعم يوم لذة (2بط2: 13). إلا أنه على قدر ما يغترفون من مياه العالم تظل قلوبهم ظمأى، ألم يقل سليمان: «أَيْضًا فِي الضِّحِكِ يَكْتَئِبُ الْقَلْبُ، وَعَاقِبَةُ الْفَرَحِ حُزْنٌ» (أم14: 13). وعن ضحك الجهال يقول الجامعة: «لأَنَّهُ كَصَوْتِ الشَّوْكِ تَحْتَ الْقِدْرِ هكَذَا ضَحِكُ الْجُهَّالِ» ( جا7: 6)، ذلك لأن الشوك ضعيف وهش، فعندما تشتعل به النار فإنه يُحدث صوتًا عظيمًا ولهيبًا عاليًا لوقت قصير، لكن بسرعة تخمد النار دون أن يستفيد القدر شيئًا. حقًا «فرح الفاجر إلى لحظة» (أي20: 5).

إلا أنه وإن تمتعوا بالخطية، وتلذذوا بالإثم، لكن بانتهاء العمر أو بمجيء المسيح – أيهما أقرب – تنتهي لذتهم ولا يبقي لهم سوى الشقاء الأبدي. ومع أول لحظة في الهاوية يتبدل الضحك والمجون إلى البكاء وصرير الأسنان.

صديقي إن كنت من هذا الفريق، فأني أدعوك من كل قلبي أن تتوب قبل فوات الأوان، ويكفي في النهاية أن أضع أمامك كلمات المسيح: «وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الضَّاحِكُونَ الآنَ، لأَنَّكُمْ سَتَحْزَنُونَ وَتَبْكُونَ» (لو6: 25).

عادل حبيب