أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
 
 
عدد مايو السنة 2011
قبل أن تقع الشجرة
تكبير خط المقالة تصغير خط المقالة
قبل أن تقع الشجرة كان السوس ينخر فيها”... مثل صحيح يستحق التأمل ... ليتنا نتأمل فيه ونحن في محضر الرب، وقلوبنا مكشوفة أمامه، وبصدق وبإخلاص نفحص قلوبنا وضمائرنا ودوافعنا التي لا يراها سواه.
أليس من العجيب أن تقع فجأة الشجرة الوارفة الظلال؟ الشجرة التي كانت محل إعجاب المارة  واندهاشهم؟ الشجرة التي كانت تزهو بثمارها الشهية، والتي قطف من ثمارها الكثيرون، فرطبت حلوقهم الجافة، وضخت الصحة والحيوية في أجسادهم الهزيلة، بل وشفت أمراضهم، ونضرت بسببها وجوههم؟ كيف إذًا وقعت الشجرة؟
كيف؟
إنني أضع هذا السؤال أمام كل شخص مخلص يقرأ هذا المقال ليتوقف عنده ولو للحظات ... فقد تكون، قارئي العزيز، شخصًا مكرسًا لك خدمتك وموهبتك، وهذا حسنٌ جدًا، ولكن إذا فحصت قلبك بأمانة ستدرك أن هناك خللاً ما يعطل أفراحك، وحينها يجب أن تتوقف.  نعم.  تتوقف،  فالوقفة هنا في غاية الأهمية.  إنني أرجوك، وأقولها بكل محبة وإخلاص، أرجوك أن تتوقف لتفحص قلبك في محضر الرب، وتحكم على كل رغبة أو فكر أو دافع منافي لكلمة الله وللحق الذي تعلمته.
وإذا كان الحكم على نفسك يبدو صعبًا ومؤلمًا لأنه سيعني التخلي عن أمور لها في قلبك مكان غال وعزيز، فاعلم يا أخي الحبيب أن الدموع التي ستذرفها بسبب حكمك على نفسك أقل كثيرًا جدًا من الدموع التي ستذرفها لو حكم الله عليك، ووقعت تحت التأديب.  والألم الذي ستعانيه لهو أهون كثيرًا جدًا من الألم الذي ستتجرعه لو أنك لم تتوقف وسرت في طريقك الذي اخترته لنفسك غير مبال بتحذيرات الله.
واعلم عزيزي أنه قبل أن يقع داود كان السوس ينخر في عظامه، فلم يعد يحارب حروب الرب، إذ كان قد ألقى بسلاحه جانبًا.  وما أبشع وأقسى وأمَرّ ما حصده!
وقبل أن يقع شمشون كان سوس من نوع آخر ينخر في عظامه؛ سوسٌ ما زال الشيطان يستخدمه بضراوة وبأساليب متنوعة وكثيرة.
أخشى عليك عزيزي المؤمن  أن يكون هناك سوس ينخر في عظامك وأنت غافلٌ عنه، ولا تشعر إلا باختفاء الأفراح الأولى، ومع هذا تستمر سائرًا في طريقك شاعرًا بسلامٍ وهمي، ولا تعلم أنه لا بد أن تقع الشجرة فجأة، ووقتها ستستيقظ ولكن بعد فوات الأوان،  بعد أن تكون يد الرب قد خرجت عليك.
لكن أخشى ما أخشاه، وما يضطرب له قلبي بشدة هو أن يجد السوس مكانًا له في اجتماعاتنا، وإذ لا يجد من يقاومه يبدأ بالنخر الذي سيستمر ولا ينتهي، حتى تهوي الشجرة العظيمة الوارفة؛ شجرة الشهادة الأمينة للكنيسة.
ماذا أقول ... إنني في الحقيقة لا أجد الكلمات التي تعبر حقيقة عن جزعي الشديد أن ينطبق هذا المثل المخيف على اجتماعاتنا وعلى عبادتنا.  ليتنا نتوقف كجماعة خارجة لتتبع الرب بأمانة، نتوقف ونفحص طرقنا وعبادتنا، ونحكم على أنفسنا قبل أن ينطبق علينا هذا المثل القاسي، ونقع تحت تأديب مرير.
كاتب غير معروف
.