أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
 
 
عدد مايو السنة 2012
لا فشحور بل مجور مسايب
تكبير خط المقالة تصغير خط المقالة
«قَالَ لَهُ إِرْمِيَا: لَمْ يَدْعُ الرَّبُّ اسْمَكَ فَشْحُورَ، بَلْ مَجُورَ مِسَّابِيبَ»
(إر20: 3)
 “فَشْحُورُ” والاسم يعني “كتان أبيض” أو “ازدياد”، وهو ابْنُ إِمِّيرَ الْكَاهِنُ، وكان نَاظِر أَوَّل فِي بَيْتِ الرَّبِّ، في الأيام التي سبقت سبي يهوذا إلى بابل (إر20: 1).  والكتان الأبيض يُشير إلى حياة القداسة العملية، وكانت سراويل الكهنة تُصنع من كتان (خر28: 42).  ولكنه للأسف لم يكن اسمًا على مسمي، ولم يعش هذا الكاهن حياة القداسة كما تكلَّم الرب قائلاً: «فِي الْقَرِيبِينَ مِنِّي أَتَقَدَّسُ، وَأَمَامَ جَمِيعِ الشَّعْبِ أَتَمَجَّدُ» (لا10: 3).  
وعندما سَمِعَ “فَشْحُورُ” كلام الرب – بخصوص تدمير أورشليم - على فم نبيه إرميا: «هأَنَذَا جَالِبٌ عَلَى هذِهِ الْمَدِينَةِ وَعَلَى كُلِّ قُرَاهَا كُلَّ الشَّرِّ الَّذِي تَكَلَّمْتُ بِهِ عَلَيْهَا، لأَنَّهُمْ صَلَّبُوا رِقَابَهُمْ فَلَمْ يَسْمَعُوا لِكَلاَمِي» (إر19: 14، 15)، بدلاً من أن يرق قلبه أمام كلمة الرب، ويندم ويتوب توبة حقيقية على حالته وعلى حالة الشعب بصفته كاهنًا، وينادي بتوبة وانكسار أمام الله، نراه يضرب نبي الله إرميا ويضعه في المقطرة يومًا كاملاً.  لقد مات قلبه في داخله وصار كحجر أمام كلمة الرب، كما حدث قبلاً مع نابال الأحمق، الذي ضربه الرب فمات (1صم25: 37، 38).  
«وَكَانَ فِي الْغَدِ أَنَّ فَشْحُورَ أَخْرَجَ إِرْمِيَا مِنَ الْمِقْطَرَةِ.  فَقَالَ لَهُ إِرْمِيَا: لَمْ يَدْعُ الرَّبُّ اسْمَكَ فَشْحُورَ، بَلْ مَجُورَ مِسَّابِيبَ، لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: هأَنَذَا أَجْعَلُكَ خَوْفًا لِنَفْسِكَ وَلِكُلِّ مُحِبِّيكَ، فَيَسْقُطُونَ بِسَيْفِ أَعْدَائِهِمْ وَعَيْنَاكَ تَنْظُرَانِ» (إر20: 3، 4).
لم يُصدّق فشحور أقوال الرب على فم إرميا فكانت النتيجة أن الخوف امتلكه من كل جانب وهذا ما تعنيه كلمة “مَجُورَ مِسَّابِيبَ” (خوف من كل جانب)، كما حدث مع آدم وحواء في الجنة، حينما صدقا أقوال الشيطان الكاذبة، وأكلا من الشجرة.  ولما سمع آدم صوت الرب كانت النتيجة أنه اختبأ من وجه الرب وسط شجر الجنة، قائلاً: «سَمِعْتُ صَوْتَكَ فِي الْجَنَّةِ فَخَشِيتُ، لأَنِّي عُرْيَانٌ فَاخْتَبَأْتُ».  لقد اختبأ لأن الخوف تملَّكه من كل جانب.  وهذه حالة كل إنسان لا يُصدّق أقوال الله، ويؤمن باسم ابن الله الوحيد ربنا يسوع المسيح؛ يعيش والخوف يحاصره من كل جانب، مثلما رأينا مع “فَشْحُور”.  ومكتوب «اَلشِّرِّيرُ يَهْرُبُ وَلاَ طَارِدَ».  ولكن مَن يُصدِّق أقوال الرب، ويؤمن باسم ابن الله الوحيد، ينطبق عليه القول: «أَمَّا الصِّدِّيقُونَ فَكَشِبْل ثَبِيتٍ» (أم28: 1)، لأنه «لاَ خَوْفَ فِي الْمَحَبَّةِ، بَلِ الْمَحَبَّةُ الْكَامِلَةُ تَطْرَحُ الْخَوْفَ إِلَى خَارِجٍ. لأَنَّ الْخَوْفَ لَهُ عَذَابٌ، وَأَمَّا مَنْ خَافَ فَلَمْ يَتَكَمَّلْ فِي الْمَحَبَّةِ» (يو4: 18).
ولقد أوقع الرب القضاء على “فَشْحُور” بالسبي والموت في بابل «وَأَنْتَ يَا فَشْحُورُ وَكُلُّ سُكَّانِ بَيْتِكَ تَذْهَبُونَ فِي السَّبْيِ، وَتَأْتِي إِلَى بَابِلَ وَهُنَاكَ تَمُوتُ، وَهُنَاكَ تُدْفَنُ أَنْتَ وَكُلُّ مُحِبِّيكَ الَّذِينَ تَنَبَّأْتَ لَهُمْ بِالْكَذِبِ» (إر20: 6).  
عزيزي: أيهما تختار: أَ تُصدّق الله وتعيش في سلام والنهاية حياة أبدية، أم تُصدّق الشيطان وتعيش في خوف من كل جانب، والنهاية البحيرة المتقدة بنار وكبريت، لأن هذا نصيب الخائفين (رؤ20: 8).
منسى ملاك

منسى ملاك