أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
 
 
عدد سبتمبر السنة 2022
تكلفة الحياة المسيحية الحقيقية
تكبير خط المقالة تصغير خط المقالة

مع أن الخلاص بلا ثمن، إلا أنه كلَّف الله أغلى الأثمان وأفدحها؛ كلَّفه دم ابنه على صليب الجلجثة. والمؤمن الذي يشتهي أن يحيا كما يريد المسيح، لا بد له من دفع ثمن يدفعه، ولهذا يتراجع الكثيرون.

الحياة المسيحية الحقيقية تُكلّفنا أن نتواضع:

لنتذكر أولاً أن خلاصنا هو هبة مجانية بنعمة الله، وأننا لم ولن نعمل شيئًا يؤهلنا للحصول على هذا الخلاص. ولكن طبيعتنا الداخلية تميل دائمًا إلى الإشارة إلى ما حصلنا عليه من عطايا، وما تؤديه من جلائل الأعمال. ولكن إذا أردنا أن ننتصر عن تجارب كهذه، لكي نتمكن من إعطاء الفضل كله للمجيد الذي خلَّصنا، والذي يهبنا كل يوم ما نحن في حاجة إليه من قوة وحكمة، فإن هذا يُكلّفنا مجهودًا كبيرًا، وهذا ليس بالأمر الهين!

الحياة المسيحية الحقيقية تُكلّفنا الاتكال على الرب:

الحياة المسيحية ليست سلسلة من الاختبارات السارة، بل هي حلقات متصلة لا نهاية لها من المشاكل والأحزان والتجارب والشكوك والأمراض، ولكن عندما نتحقق أن نعمة الله كافية لنا، وأن جميع الأشياء تعمل معًا للخير للذين يُحبون الله، عندئذٍ نتعلَّم أن الشعور بالاتكال عليه هو ثمن واجب السداد للحصول على سلام القلب واطمئنانه.

الحياة المسيحية الحقيقية تُكلّفنا حياة الانفصال:

إن الأمور العالمية التي يلتذ بها الجسد، تمنع الروح عن التمتع بالأمور الروحية، وتجعل المؤمن بائسًا حزينًا. وما أكثر هؤلاء البائسين الذين يرجون في المسيح فرحًا وسعادة، فلا يجدون إلا ما يُحزن قلب المسيح وقلوبهم، وذلك لأنهم يرفضون التحرر من العالم، والاعتزال عنه.

إننا يجب أن نُدرك أن فرحنا يتوقف على رغبتنا في الاتيان بكل شيء أمام الرب – كل شيء بلا استثناء – ثم نسير بحسب ما يُسره ويُرضيه، فنضع حدًا للتهاون والتراخي، عندئذٍ نكون قد دفعنا ثمنًا كبيرًا. وكما أن الحصاد من جنس الزرع، وأوفر كثيرًا، هكذا كثيرًا ما نتطلع إلى الوراء، ويأخذنا العجب، ونتساءل: لماذا كان التردد من جانبنا – ولو للحظة واحدة – في الانفصال والاعتزال عن الروح العالمية، مع أننا تمتعنا بالكثير من البركات، وربحنا الراحة الطيبة؟!

الحياة المسيحية الحقيقية تُكلّفنا الكثير من الوقت:

معظمنا مشغول، بل مشغول للغاية، ومن السهل أن نتخذ هذا الوضع كذريعة، فندعي أنه لا وقت لدينا لدراسة كلمة الله والصلاة. ولكن المسيحي الذي لا يقرأ كلمة الله ولا يدرسها، هو مسيحي جاهل. والمسيحي الذي لا يُخصّص لنفسه وقتًا للصلاة، ليحمد الرب ويلتمس إرشاده، هو شخص متحير تائه لا حول له ولا قوة، بل هو – في الحقيقة – على جانب كبير من الفقر، بالرغم من أن الرب جعل في متناول أيدينا: غناه الذي لا يُستقصى، وقدرته غير المحدودة. ولكننا لكي نُطالع كلمته، وننحني أمامه في الصلاة، فإن هذا يُكلّفنا فسحة من الوقت، ولكنه وقت نتنسم فيه عبير السماء.

الحياة المسيحية الحقيقية تُكلّفنا إساءة فهم الآخرين لنا:

إننا نخدع أنفسنا إذا كنا نظن أن المؤمن المسيحي بوسعه أن يعيش في هذا العالم ويسلك كما سلك الرب يسوع، دون أن يُساء فهمه، بل ويُضطهَد. فالغالبية العًظمى ليست مؤمنة، وليس لها البصيرة الروحية، وتحيا للجسد وليس للرب. فإذا سلك المؤمن في اتضاع، معتمدًا على الرب إلهه، مُطيعًا للتحريض: «تَوَكَّلْ عَلَى الرَّبِّ بِكُلِّ قَلْبِكَ، وَعَلَى فَهْمِكَ لاَ تَعْتَمِدْ. فِي كُلِّ طُرُقِكَ اعْرِفْهُ، وَهُوَ يُقَوِّمُ سُبُلَكَ» (أم ٣: ٥، ٦)، وأيضًا «سَلِّمْ لِلرَّبِّ طَرِيقَكَ وَاتَّكِلْ عَلَيْهِ وَهُوَ يُجْرِي» (مز ٣٧: ٥)، والتحذير للامتناع عن كل شَرّ وكل شِبْهِ شَرّ (١تس ٥: ٢٢). إذا سلك المؤمن هكذا، فمن المؤكد أنه سيُساء فهمه، وسيُقال عنه إنه مُتعصب أو مُتطرف، وغير مرغوب فيه. وإن إساءة الفهم تحتاج إلى كُلفة عظيمة يجب أن تُدفَع.

الحياة المسيحية الحقيقية تُكلّفنا المحبة:

يُصرح الرسول بولس في ١كورنثوس ١٣ أن المحبة يجب أن تكون المُحرك للخدمة المسيحية، وهي تأتي عن طريق الامتلاء بالروح القدس. وبدون الروح القدس، يُعتَبر كل نشاط آخر من الجسد. فسلامة التعليم، وكثرة المجهود، لا يمكن أن تحل محل المحبة «إِنْ أَعْطَى الإِنْسَانُ كُلَّ ثَرْوَةِ بَيْتِهِ بَدَلَ الْمَحَبَّةِ، تُحْتَقَرُ احْتِقَارًا» (نش ٨: ٧). ولكننا متى امتلأنا بالروح القدس، تفيض المحبة تلقائيًا، لأن «ثَمَرُ الرُّوحِ ... هُوَ: مَحَبَّةٌ» (غل ٥: ٢٢)، وتصير شهادتنا المسيحية نشطة وفعالة.

عزيزي: هل رأيت معي كم تتكلَّف الحياة المسيحية الحقيقية!

 
كاتب غير معروف