أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
 
 
عدد مايو السنة 2009
إنفلونزا الخنازير H1N1 - نظرة على الأحداث المعاصرة
تكبير خط المقالة تصغير خط المقالة

«وتكون أوبئة» (مت24: 7). 

تناقلت وسائل الإعلام هذا الخبر الذي أربك العالم كله في وقت واحد: وبأ جديد يهدد البشرية ”إنفلونزا الخنازير“.  وذكر تقرير لمنظمة الصحة العالمية أن الوقت قد تأخر على احتواء الوبأ. وتشير التقارير أن نصف سكان العالم سيصابون بإنفلونزا الخنازير في حال تحولها إلى وباء.

وإليك فكرة عن هذا الوبأ الخطير:

  1. هذا الفيروس نسخة من سلالة فيروس يعرف باسم H1N1  الذي يسبب الإصابة بالزكام عند البشر، وهذا أخطر من الإصابة بمرض إنفلونزا الطيور H5N1  لأن الفيروس الجديد له القدرة على الانتقال بين البشر.
  2. جيناته مزيج من مكونات فيروسية متمثلة في أعراض إنفلونزا الطيور والخنازير والإنسان مجتمعة.
  3. وأعراض المرض: درجة مرتفعة لحرارة الجسم، الشعور بالتعب والغثيان، الألم في الحنجرة.

بعض الدروس الروحية:

هذا الوبأ انتشر بسرعة رهيبة وانتقل بين العديد من الدول، وتخطى كل الحواجز بما في ذلك المحيطات. وهذا يذكرنا بكلام الرب يسوع النبوي في متى 24 ”وتكون أوبئة“.  إن ما يحدث الآن هو صورة بسيطة لأوبئة ستكون أكثر خطورة بعد اختطاف الكنيسة عندما تحين ساعة التجربة العتيدة أن تأتي على العالم كله لتجرب الساكنين على الأرض (رؤ3: 10).  ولقد أثر هذا الوبأ سلباً على اقتصاديات الدول، في الوقت الذي فيه يعاني العالم من انهيار اقتصادي وبطالة عامة، وقد توقفت بالفعل  بعض خطوط الطيران المتجهة للدول المنكوبة والتي تحمل أفواجاً سياحية، من ثم تأثرت الحركة السياحة على المستوى العالمي.

هذا يجعل الناس تعيش الآن في حيرة وارتباك شديدين، فالأطباء يسابقون الزمن لاحتواء الأزمة، والصيدليات توزع الأقنعة الواقية، والعلماء يجرون التجارب في المختبرات لتجهيز الأمصال الواقية، بينما تبلغ التكلفة مليارات الدولارات، والوقت اللازم للوصول للنتائج يستغرق حوالى ستة أشهر، وكل يوم تنقل لنا وكالات الأنباء أخبارًا غير مطمئنة، هذا يذكرنا بقول الرب يسوع: «على الأرض كرب أمم بحيرة. البحر والأمواج تضج، والناس يغشى عليهم من خوف وانتظار ما يأتي على المسكونة» (لو21: 26،25) . 

دروس من الخنزير:

  1. الخنزير حيوان نجس بحسب الشريعة اليهودية: «والخنزير لأنه يشق ظلفا ويقسمه قسمين، لكنه لا يجتر، فهو نجس لكم، لحمها لا تأكلوا، وجثثها لا تلمسوا. إنها نجسة لكم» (لا11: 8،7). والحيوانات الطاهرة يجب أن تتصف بأمرين وهما الاجترار وشق الظلف. الاجترار هو عملية (داخلية) هضم الطعام بعد تناوله، وأما شق الظلف فيدل على قوة السلوك أو السير في الطريق (حالة خارجية).  وتوجد علاقة بين الأمرين في حياة المسيحي الحقيقي، فالمؤمن الذي يتغذى على مراعي كلمة الله، ويجتر لهضم ما تناوله منها، هو المؤمن الذي يقرن كلمة الله بالصلاة فتظهر ثمرة اجتراره هذا في سلوكه. فلا بد من وجود الصفتين مقترنتين ببعضهما، إذ إن الحياة الداخلية والحياة الخارجية متلازمتان. ليت الرب يجعلنا مؤثرين في الآخرين بحياة التقوى الداخلية أمامه، والسلوك العملي الذي يمجده أمام الناس!
  2. قال الرب يسوع: «لا تعطوا القدس للكلاب، ولا تطرحوا درركم قدام الخنازير، لئلا تدوسها بأرجلها وتلتفت فتمزقكم» (مت7: 6). إن الكلاب والخنازير بحسب ناموس موسى هى حيوانات نجسة، وقد استُخدمت هاتان اللفظتان لتصوير الناس الأشرار، الذين يقابلون الحقائق الإلهية بالاحتقار والازدراء والعنف.  يقول الحكيم: «لاتوبخ مستهزء لئلا يبغضك. وبخ حكيما فيحبك»، «في أذني جاهل لاتتكلم لأنه يحتقر حكمة كلامك» (أم9: 8؛ 23: 9).
  3. من منا لا يعرف قصة الابن الضال في لوقا 15 الذي سئم العيش في بيت أبيه، وقرر مغادرته، وما أن فقد كل أمواله حتى عمّت المنطقة أزمة اقتصادية كاسحة، وابتدأ يعاني العوز.  والعمل الوحيد الذي تمكن من الحصول عليه هو إطعام الخنازير. ”وكان يشتهى أن يملأ بطنه من الخرنوب الذي كانت  الخنازير تأكله“.  فالطعام كان متوفرًا لها أكثر منه.  ويبدو أن أحدًا لم يهتم بمساعدته.  لقد توارى أصدقاؤه وأمسى وحيدًا.  ولكن الله حوّل المجاعة والضيق والقرار الخاطئ إلى بركة، واستخدم كل هذه الضغوط لتقوده إلى التفكير مرة أخرى للرجوع إلى أبيه. إنني أناشد كل شخص ترك الله، ويعيش في التيه والضلال والموت أن يرجع إلى نفسه، ودون تأجيل يأخذ قرار العودة إلى أبيه: العودة إلى الله.
  4. أشار الرسول بطرس إلى أناس سمعوا كلمة الله، وتأثروا بها وقتيا دون أن يكون هناك عمل إلهي في القلب، وتظاهروا بأنهم هربوا من نجاسات العالم، يرتبكون أيضًا فيها فينغلبون، فقد صارت لهم الأواخر أشر من الأوائل «قد أصابهم ما في المثل الصادق: كلب قد عاد إلى قيئه، وخنزيرة مغتسلة إلى مراغة الحمأة (الطين العفن)» (2بط2: 20-22). فالخنزير حيوان رمام، يأكل أي شيء يقابله. وهو يصور الخاطئ الذي يعيش في طين العالم وأوحاله، الأمر الذي يظهر في سلوكياته الأدبية المنحطة التي تضر نفسه وتؤذي الآخرين. ولا شيء يطهره إلا دم المسيح.

فيروس الخطية

إن كنت أخاف عليك من انفلونزا الخنازير، هذا المرض الخطير الذي قد يودي بحياتك في أي وقت، وفي فترة وجيزة، لكنني أخاف عليك أكثر من فيروس أشد خطرًا وأكثر فتكا بحياة الانسان، لأنه لا يضر الجسد فقط بل أيضا النفس والروح، وُينهي حياة المريض به، لا بالموت الزمني فقط، بل أيضًا بالهلاك الأبدي، هذا الفيروس لم يكتشف حديثا، إذ إنه أقدم فيروس في تاريخ البشرية، أخبرنا عنه الكتاب المقدس منذ آلاف السنين.

أعراض المرض: سلوك في الظلام، والانطواء في الأماكن المستترة، خوف واضطراب من افتضاح أمره.  كراهية شديدة للكتاب المقدس الذي يكشف حقيقته، ويدين الشر داخله. عدم احتمال الوجود في محضر الله.  خلل في الذهن والتفكير والانصياع إلى قرارات خاطئة. وإذا كان متزوجًا يعامل زوجته وأولاده بقسوة وبعنف.

آثار المرض: تدمير لحياة الإنسان المصاب وضياع مستقبله الروحي والزمني.  تسوء سمعته، ويفقد ثقة الناس فيه.  إنحطاط أخلاقه، وتصبح تصرفاته دونية حيوانية «إنسان في كرامة ولا يفهم يشبه البهائم التي تباد» (مز49: 20).

طرق الوقاية والعلاج: استخدام الكمامة الروحية، لمنعه من استنشاق هواء فاسد أو ملوث، ويجب عدم مخالطة المرضي، والتواجد في شركة روحية مع القديسين والأفاضل في دائرة النور.  وقراءة كلمة الله، والمواظبة على الصلاة، فنُحفظ من كل زلل وشطط.

مصير المريض الذي يهمل علاجه: عندما يزداد شره، ويكون وجوده خطرًا على الآخرين،  يقطعه الله من على الأرض بالموت «لأن الشر يميت الشرير» (مز34: 21)، والنتيجة يفقد مستقبله الأبدي، فمن يموت بخطاياه، لا تبقى له إلا الدينونة ثم الطرح في البحيرة المتقدة بالنار والكبريت، هناك يكون البكاء وصرير الأسنان.

العلاج الحقيقي: هو أن تتعرف بالرب يسوع المسيح، وتؤمن به كالمخلص الوحيد من الخطية ونتائجها المريرة، وعقوبتها الأبدية. واعلم أن فيروس أنفلونزا الخطية أخطر بكثير جدًا من فيروس أنفلونزا الخنازير . النعمة معك .

أفرايم فخري