أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
 
 
عدد ديسمبر السنة 2006
طلبته فما وجدته
تكبير خط المقالة تصغير خط المقالة

«في الَّليل على فراشي طلبتُ من تُحبُه نَفْسي. طَلَبتُهُ فما وَجَدْتُهُ. إني أقوم وأطوف في المدينة، في الأسواق وفي الشَّوارع، أطلبُ مَنْ تُحبُّه نَفْسِي. طَلَبتُهُ فَمَا وَجَدْتُهُ» (نش 3 :1و2)

نعم إنه ليل! ليل غياب العريس. ولقد استيقظت عواطف العروس وخرجت لطلب عريسها. كان العريس هو الذي يطلب، أما الآن فنجد أن العروس هي التي صارت تطلب. فعندما تستيقظ المحبة فالمسيح وحده يكفي أن يشبع قلب المؤمن المسيحي. ولكن من المُلاحظ أن العروس الطالبة لم تجد بغيتها. ألعلها أخطأت في طلب الشخص؟ كلا لقد طلبت الشخص الصحيح بعينه، ولكنها طلبته بطريقة خاطئة. قالت : «على فراشي.. طلبتهُ». نعم طلبته، ولكن أرادت أن تحتفظ بكسلها. إنها كالكثيرين منا الذين يتمنون أن يمتلكوا المسيح مع احتفاظهم بالجسد.

إن محبة المسيح تدفعنا أن نتبع المسيح، ولكن محبة الراحة تريحنا بعيدًا عنه. نحن نطلبه ولكن على فراشنا، كما فعلت عروس النشيد، ولذلك لا نجده. وننسى قول الرب : «إن أراد أحدٌ أن يأتي ورائي، فليُنكِر نفسه، ويحمل صليبه كل يوم، ويتبعني»

ولم تلبث أن تغلبت العروس على ميلها للراحة والكسل، ولكنها تعثرت في فشل آخر. كانت قد طلبت محبوبها بطريقة خاطئة، والآن تطلبه في مكان خاطئ. إنه لا يوجد في الشوارع أو في الأسواق. إنه يرعى بين السوسن. ونحن أيضًا قد نسقط في الفخ ذاته. فنحن نحب أن نمتلك المسيح، ولكننا نحب أيضًا بجانبه ساحات هذا العالم وأسواقه. فإن كنا لم نستطيع أن نمتلك المسيح ونحتفظ بالجسد. فإننا لا نقدر أيضًا أن نمتلك المسيح ونستبقى العالم. وماذا قدم العالم للمسيح سوى البغضة والصليب. لقد طرحه العالم بعيدًا «لذلك يسوع أيضًا... تألَّم خارج الباب» فإذا أردنا أن نجد المسيح «فلنخرج إذًا إليه خارج المحلة حاملين عاره» (عب 13 :12، 13). وللمرة الثالثة تفشل العروس في سؤالها. كانت تطلب عريسها بطريقة خاطئة، والتمسته في مكان خاطئ. والآن تطلبه بين أُناس ليسوا ذوي اختصاص. فهي تسأل عنه «الحرسُ الطَّائف في المدينة» (ع3). إن عمل الحرس الطائف هو تتميم الأحكام وحفظ النظام وتوفير الأمان. إنهم قد يخدمون العدالة والبر، ولكنهم لا يقدرون أن يجلبوا العون في طلب المحبوب. فعندما تكون القضية ظلمًا أو خبثًا رديًا (جناية فاحشة)، فإن ”غاليون“ هذا العالم يتعامل معها، أما إذا كانت المسألة «محبة» و«يسوع» فهي في نظر العالم مجرد ”مسألةً عن كلمة، وأسماء“ والعالم «لا يشاء أن يكون قاضيًا لهذه الأمور» (أع 18: 14، 15) ولكن العروس تَغلَّبتْ في النهاية على كل عثرة وصعوبة أمامها: السرير، والمدينة، والحرس الطائف. فلم تتجاوزهم إلا قليلاً حتى وجدت محبوبها، ولما وجدته أمسكته ولم تُرْخِهِ، وتشبثت به ولم تُطلِقُه (قارن تكوين 32: 26).