أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
 
 
عدد مارس السنة 2012
جانب من تأملات مجمع رزقة الدير - من أقوال المجامع
تكبير خط المقالة تصغير خط المقالة

1 صموئيل الاول  25

    أبيجايل ليست رمزًا للكنيسة، لكنها هنا ترمز للعروس الأرضية، لأنها ارتبطت برجل الناموس، فكانت عاقرًا. إرميا 31: 31 ارتبط الرب بشعبه كعروس أرضية بعد عبور البحر الأحمر. وسيباركها الرب في الملك الألفي وتكون عروسًا لمدة 1000 سنة فقط.

أما عروسه السماوية فهي نازلة من فوق من السماء من عند الله ولها مجد الله، وستملك على العروس الأرضية من دائرة تسمى “دائرة ملكوت الآب”

    هذا الأصحاح يبدأ بـ“جنازة” وينتهي بـ“جوازة”؛ فالبرية لا تخلو من كليه    ما. من مارَّة وإيليم.
    في هذا الأصحاح نقرأ عن موت اثنين: صموئيل ونابال.  لكن ليس موت صموئيل كموت نابال، هل يتساوى التقيّ والأحمق في موتهما؟ بالطبع لا.  هناك بونٌ شاسعٌ بين الشخصيتين.
    توجد ثلاث شخصيات في هذا الأصحاح: داود – نابال – أبيجايل. الأول (داود) رمز للمسيح، ووجوده يُظهر التباين الكبير جدًا بين نظرتي الزوجين؛ فنابال يقول عن داود إنه مجرد عبد منفلت هارب من تحت سيده شاول، أما أبيجايل فواضحة نظرتها له حتى من مجرد اللقب الذي دعته به؛ لقد نعتته: «سيدي» 14 مرة، وقالت عن نفسها «أَمَتك» 6 مرات.
    بداية علاقة داود بصموئيل النبي قديمة؛ منذ جاء صموئيل ليمسح ابنًا ليسَّى. كانت علاقة ابن مع أبيه.  لقد مات النبي الذي يعرف إسرائيل من دان إلى بئر سبع، والذي علَّم إسرائيل شريعة الرب. لكنه بالنسبة لداود فكان أبًا «ليس آباء كثيرون».  وهذا درس هامٌّ لنا حتى لا نتعلق بالناس، مهما كانوا.
    كان داود عظيمًا لأنه كان في عيني نفسه صغيرًا: كيف كانت نظرة الأب لابنه؟ «بقي بعد الصغير». استمر داود صغيرًا في عيني نفسه؛ فرغم أنه مُسح ملكًا، لكن الملك استمر يرعى لأبيه «الغنيمات القليلة»!! وحتى بعد أن انتصر على جليات انتصارًا مُدَوِّيًا، ولم يعرفْهُ الملك شاول ولا أبنيَر رئيس الجيش! عندما استدعاه الملك كانت إجابات داود مليئة بالاتضاع «عبدك يسى»! وبطول المطاردة الرهيبة من شاول التي لم يكن لداود فيها ذنب، ظل داود صغيرًا؛ ففي كلامه مع شاول يقول له عن نفسه: «برغوث».
    في الأصحاح السابق (1صموئيل24)، نقرأ عن مقتل الكهنة، وفي هذا الأصحاح نقرأ عن موت صموئيل (والنافعون قليلون). وبموت صموئيل يظهر نابال (والحمقى كثيرون) «الذين يفتكرون في الأرضيات»، لكن على كل حالٍ توجد أبيجايل (والفاهمون قليلون).
    لم تكن لنابال امتيازات كثيرة لكنه امتاز (على الأقل) بشيئين دون غيره: أولاً: كان غنيًا، لكنه لم يستخدم غناه في عمل الرب. وثانيًا: كان «كالبيّ» من عائلة كالب (حوالي 500 سنة الفارق بينهما). ينخدع أهل الفتيات بهاتين الميزتين: الإمكانيات المادية، والانتساب لعائلة تقيَّة. أيضًا وجد نابال هذه الفتاة الجميلة الصورة والحسنة الفهم، والمؤكد أنه اتخذها امرأة للسبب الأول، لا الثاني!
    موقف العالم من المسيح، كموقف نابال من داود. قال الفلسطينيون عن داود أنه «سيد الأرض»، بينما إخوته لم يُقَدِّروه!
    الشركة مع الرب هي التي تحفظنا من الانفعال والتهوُّر! قال داود لرجاله: «لِيَتَقَلَّدْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ سَيْفَهُ». فَتَقَلَّدَ كُلُّ وَاحِدٍ سَيْفَهُ، وَتَقَلَّدَ دَاوُدُ أَيْضًا سَيْفَهُ. وَصَعِدَ وَرَاءَ دَاوُدَ نَحْوُ أَرْبَعِ مِئَةِ رَجُل﴾ (1صم25: 13). بينما عندما سب شمعي داود قال الأخير: «دَعُوهُ يَسُبَّ لأَنَّ الرَّبَّ قَالَ لَهُ: سُبَّ دَاوُدَ. وَمَنْ يَقُولُ: لِمَاذَا تَفْعَلُ هكَذَا؟» (2صم16: 10). والكتاب بعلمنا: «لاَ تَنْتَقِمُوا لأَنْفُسِكُمْ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، بَلْ أَعْطُوا مَكَانًا لِلْغَضَبِ، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: لِيَ النَّقْمَةُ أَنَا أُجَازِي يَقُولُ الرَّبُّ» (رو12: 19).  حينما خرج آساف من المقادس (مزمور73)، فكل ما رأى، وسمع، وقال، كان خطأ
    هناك سبعة امتيازات لنابال:
1- رجل في معون (من يشوع 15 نعرف أن معون في جبل يهوذا). معون معناها ملجأ ويهوذا معناها فرح. كما أن أملاكه كانت في الكرمل (أرض مثمرة).
2- كان رجلا عظيمًا جدًا (3000 من الغنم، 1000 من الماعز) ومعروف أن البركات الأرضية كانت من مواعيد الله لشعبه.
3- ظل مع أملاكه محروسًا من رجال داود لفترة طويلة «سالم ... سالم ... سالم».
4- كانت له زوجة فاضلة (من داخلها وخارجها). وربما حماقته وشره هما الشيئان اللذان جعلاها فاضلة! نساء كثيرات نصحن أزواجهن بمشورة الرب. نحن لا ننسى زوجة بيلاطس «إياك وذاك البارّ».
5- «كالبيّ»: جده الكبير كان بطلاً (من بيت تقوى)
6- جاءه داود في يوم طيب (يوم نعمة)
7- جاءه برسالة طيبة «حييتَ وأنت سالم».
    وبالمقابل هناك سبعة شرور لنابال:
1- اسمه نابال أي جاهل: مزمور 14 «قال نابال في قلبه: ليس إله»؛ بحسب الآية في العبرية.
2- قاسٍ.
3- رديء الأعمال.
4- كان مشغولاً بنفسه «خُبْزِي وَمَائِي وَذَبِيحِيَ» (1صم25: 11). لم يكن يهمه مقتل الكهنة، ولا موت صموئيل! فأمور الله وشعب الله لا تساوي في نظره شيئًا.
5- مسرف «فَجَاءَتْ أَبِيجَايِلُ إِلَى نَابَالَ وَإِذَا وَلِيمَةٌ عِنْدَهُ فِي بَيْتِهِ كَوَلِيمَةِ مَلِكٍ» (1صم25: 36).
6- سكير «وَكَانَ نَابَالُ قَدْ طَابَ قَلْبُهُ وَكَانَ سَكْرَانَ جِدًّا» (1صم25: 36).
7- لئيم (بشهادة زوجته) وابن لئيم (بشهادة غلمانه)، فهو إذًا لئيم ابن لئيم!
    من عظمة هذه المرأة المبادرة: «فَبَادَرَتْ أَبِيجَايِلُ...»، وقال لها داود:«إِنَّكِ لَوْ لَمْ تُبَادِرِي وَتَأْتِي لاسْتِقْبَالِي، لَمَا أُبْقِيَ لِنَابَالَ إِلَى ضَوْءِ الصَّبَاحِ بَائِلٌ بِحَائِطٍ».
    داود بالمقارنة مع الرب يسوع: كان رجلاً بحسب قلب الله، وقد قيلت عنه هذه العبارة مرتين: الأولى قبل ظهوره (1 صم13)، والثانية بعد وفاته بمئات السنين (أع 13). وكان حسب قلب الله فيما يلي:
1- عندما يخطئ يعترف بالخطإ.
2- له قلب راعٍ (كان جليس الملك، لكن مع ذلك لم يترك غنيماته). يُختم مزمور 78 بداود الراعي: «فَرَعَاهُمْ حَسَبَ كَمَالِ قَلْبِهِ، وَبِمَهَارَةِ يَدَيْهِ هَدَاهُمْ» (مز78: 72). حتى عندما خيَّره الرب في العقاب، لم يختَر عقاب الشعب، وتكلم عنهم كخراف: «فَكَلَّمَ دَاوُدُ الرَّبَّ عِنْدَمَا رَأَى الْمَلاَكَ الضَّارِبَ الشَّعْبَ وَقَالَ: هَا أَنَا أَخْطَأْتُ، وَأَنَا أَذْنَبْتُ، وَأَمَّا هؤُلاَءِ الْخِرَافُ فَمَاذَا فَعَلُوا؟ فَلْتَكُنْ يَدُكَ عَلَيَّ وَعَلَى بَيْتِ أَبِي» (2صم24: 17)، «وَقَالَ دَاوُدُ ِللهِ: أَلَسْتُ أَنَا هُوَ الَّذِي أَمَرَ بِإِحْصَاءِ الشَّعْبِ؟ وَأَنَا هُوَ الَّذِي أَخْطَأَ وَأَسَاءَ، وَأَمَّا هؤُلاَءِ الْخِرَافُ فَمَاذَا عَمِلُوا؟ فَأَيُّهَا الرَّبُّ إِلهِي لِتَكُنْ يَدُكَ عَلَيَّ وَعَلَى بَيْتِ أَبِي لاَ عَلَى شَعْبِكَ لِضَرْبِهِمْ» (1أخ21: 17).
3- الصمت في مشاهد الإهانة:
• عندما جاء بالخير لإخوته (1صم17) أهانوه، ولم ينسَوا أن يأخذوا منه ما أتى به!
• لما سبَّه شمعي قال لهم: «دعوه».
• فقط هنا شذّ عن القاعدة، التي هي الصمت في مشاهد الإهانة.
4- انتظار الرب: هو الأكثر فيمن تكلموا عن انتظار الرب. وفي المواقف الرهيبة في مطاردات شاول له، وتهديده لحياته، نراه ينتظر الرب؛ في أصحاح 24 لم يسمح له قلبه بقتل شاول، بل ضربه قلبه عندما قطع طرف جبته (الأمر الذي يشير إلى إظهار عيوب الآخرين وتشويههم). وفي أصحاح 26 يُوقِف إبيشاي عن فعلته «فَقَالَ أَبِيشَايُ لِدَاوُدَ: قَدْ حَبَسَ اللهُ الْيَوْمَ عَدُوَّكَ فِي يَدِكَ. فَدَعْنِيَ الآنَ أَضْرِبْهُ بِالرُّمْحِ إِلَى الأَرْضِ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَلاَ أُثَنِّي عَلَيْهِ. فَقَالَ دَاوُدُ لأَبِيشَايَ: لاَ تُهْلِكْهُ، فَمَنِ الَّذِي يَمُدُّ يَدَهُ إِلَى مَسِيحِ الرَّبِّ وَيَتَبَرَّأُ؟  وَقَالَ دَاوُدُ: حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ، إِنَّ الرَّبَّ سَوْفَ يَضْرِبُهُ، أَوْ يَأْتِي يَوْمُهُ فَيَمُوتُ، أَوْ يَنْزِلُ إِلَى الْحَرْبِ وَيَهْلِكُ. حَاشَا لِي مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ أَنْ أَمُدَّ يَدِي إِلَى مَسِيحِ الرَّبِّ!» (1صم26: 8-11).
5- يُقَدِّر شعب الله: يقول عن شعب الرب: «لأَنَّهُ مَنْ هُوَ هذَا الْفِلِسْطِينِيُّ الأَغْلَفُ حَتَّى يُعَيِّرَ صُفُوفَ اللهِ الْحَيِّ؟».  مع أن الرجال قالوا عن شعب الرب: «أَرَأَيْتُمْ هذَا الرَّجُلَ الصَّاعِدَ؟ لِيُعَيِّرَ إِسْرَائِيلَ هُوَ صَاعِدٌ!» (1صم17: 25، 26).
6- في قلبه تقدير لأمور الله: كان يشغله أمر تابوت الرب جدًا، وفكر كثيرًا في مكان يليق بالتابوت.
7- يًقَدِّر كلام الله.

تقديم

بهجت عدلي