سادسًا: يوم الرب، وعلاقة أدوم به (ع15، 16)
«فإنه قريب يوم الرب على كل الأمم. كما فعلت يُفعل بك، عملك يرتد على رأسك. لأنه كما شربتم على جبل قدسي، يشرب جميع الأمم دائمًا، يشربون ويجرعون ويكونون كأنهم لم يكونوا» (ع15، 16).
***
لقد ورد يوم الرب في العهدين القديم والجديد، ونذكر على سبيل المثال لا الحصر، الشواهد الآتية: (إش 2: 12؛ حز 13: 5؛ يؤ 1: 11؛ عا 5: 18؛ صف 1: 7؛ زك 14: 1؛ 1تس 5: 4؛ 2بط 3: 10).
ويُسمى هذا اليوم بيوم رب الجنود (إش 2: 12).
ويُسمى أيضًا اليوم العظيم (يؤ 1: 11؛ 2: 3؛ صف 1: 14)
ويُسمى أيضًا اليوم (إش 2: 20؛ 10: 20).
ويبدأ هذا اليوم بظهور الرب مُستعلنًا بالمجد والقوة، وينتهي باحتراق السماوات والأرض الأولى، لتُفسح المجال ليوم الله الأبدي، يوم السماوات الجديدة والأرض الجديدة التي يسكن فيها البر.
ومن هنا نفهم أن يوم الرب عبارة عن فترة طويلة تشمل 75 يومًا، وهي المدة من ظهور الرب إلى بداية إقامة المُلك الألفي، والتي فيها سيُجري الرب معاركه المُتعددة التي في نهايتها يكون الرب قد نقى ملكوته من جميع المعاثر وفاعلي الإثم. وهي فترة عصيبة تُسمى يوم ظلام وقتام، يوم شدة وضيق، لأن الرب فيها سيُستعلن في نار لهيب مُعطيًا نقمة للذين لا يعرفون الله (2تس 1: 8). بعدها يُقيم الرب المُلك الألفي.
ثم بعد المُلك الألفي يجيء الزمان اليسير الذي في ختامه يتم انحلال العناصر واحتراق الأرض والسماء الأولى.
معنى ذلك أن يوم الرب مدته هكذا: 75 يومًا + 1000 سنة + الزمان اليسير
علاقة أدوم بشعبه في يوم الرب
«وأما جبل صهيون فتكون عليه نجاة ويكون مقدسًا ويرث بيت يعقوب مواريثهم ويكون بيت يعقوب نارًا وبيت يوسف لهيبًا وبيت عيسو قشًا، فيشعلونهم ولا يكون باقٍ من بيت عيسو، لأن الرب تكلم. ويرث أهل الجنوب جبل عيسو وأهل السهل الفلسطينيين ويرثون بلاد أفرايم وبلاد السامرة، ويرث بنيامين جلعاد وسبي هذا الجيش من بني إسرائيل يرثون الذين هم من الكنعانيين إلى صرفة وسبي أورشليم الذين في صفارد* يرثون مدن الجنوب» (ع17- 21).
نفهم من هذه الأعداد أنه وإن كانت مملكة أدوم قد قُضيَ عليها في الماضي، وتم خرابها كما تذكر النبوات، لكن تتطلع النبوة هنا إلى المستقبل، إلى الأيام الأخيرة التي فيها سيظهر أدوم متحالفًا مع بعض الأمم كما نقرأ في (مز 83؛ إش 11: 14؛ دا 11: 41). والأمم التي سيتحالف معها، تُعرف نبويًا بالتحالف الأشوري، أو ملك الشمال. فعند هجوم ملك الشمال أو الأشوري على أرض إسرائيل، سيفلت كل من أدوم وموآب وبني عمون، كما يذكر سفر دانيال، فنقرأ: «وهؤلاء يفلتون من يده؛ أدوم وموآب ورؤساء بني عمون»
(دا 11: 41) وانفلاتهم من ملك الشمال لسببين:
السبب الأول: أنهم حلفاء معه
السبب الثاني: لأن القضاء على أدوم سيكون بواسطة البقية التقية الأمينة من الشعب الأرضي، كما هو مذكور في نبوة إشعياء. فنقرأ «يكون على أدوم وموآب امتداد يدهما وبنو عمون في طاعتهما» (إش 11: 14). وكما هو مذكور هنا أيضًا، فنقرأ «ويكون بيت يعقوب نارًا (والمقصود ببيت يعقوب هو مملكة يهوذا) وبيت يوسف لهيبًا (والمقصود ببيت يوسف: مملكة إسرائيل أو الأسباط العشرة)» وكما يذكر حزقيال ص 37 أن المملكتين ستتحدان وتصبحان مملكة واحدة، والرب يسوع سيكون ملكًا عليهم. ثم يستطرد عوبديا الكلام فيقول «وبيت عيسو قشًا فيشعلونهم ويأكلونهم ولا يكون باقٍ من بيت عيسو، لأن الرب تكلم».
ويتضح من هذه الأعداد أنها تتحدث عن خلاص يُجريه الرب على الأرض، إنه رجوع شعب أرضي، وليس رجوع الكنيسة. ويتكلم الروح القدس عن جبل صهيون على الأرض، كما يتكلم عن جبل عيسو (ع19) وسهول فلسطين، وحقول أفرايم والسامرة، والنار المذكورة هنا هي نار القضاء، مُستخدمًا فيها البقية الضعيفة، مثلما يذكر النبي زكريا «ويكونون كالجبابرة الدائسين طين الأسواق في القتال، ويحاربون لأن الرب معهم (زك 10: 5). وأيضًا «فيكون العاثر منهم في ذلك اليوم مثل داود، وبيت إسرائيل مثل الله، مثل ملاك الرب أمامهم» (زك 12: 8).
سابعًا: ملكوت ربنا يسوع المسيح
«ويكون المُلك للرب».
وكما خلّص الرب شعبه من بابل قديمًا، سيُخلِّص شعبه من كل الأعداء ويُقيم ملكوته، وسيتقدس جبل صهيون وتُزال منه النجاسة المتمثلة في رجسة الخراب التي قال عنها دانيال النبي، أعني العبادة الوثنية المتمثلة في جلوس النبي الكذاب في الهيكل، ووضع تمثال الوحش فيه (2تس 2: 4- 11؛ دا 9: 27، 12: 11؛ مت 24: 15).
وستتحقق المواعيد التي أعطاها الرب لإبراهيم وإسحاق ويعقوب على مبدأ النعمة. وهكذا ستشغل البقية الأرض التي وعدهم بها الرب عندما يملك الرب عليهم، وعندما يكون المُلك للرب، وهكذا كل أولاد الله ينظرون إلى الأمام، ينتظرون تحقيق هذا العصر السعيد الذي فيه يملك الحبيب، يوم تصير ممالك العالم لربنا ومسيحه (رؤ 11: 15). عندما يكون الرب ملكًا كبيرًا على كل الأرض، وفي ذلك اليوم يكون الرب وحده واسمه وحده (زك 14: 9)، عندما تجثو باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء ومَنْ على الأرض ومن تحت الأرض، ويعترف كل لسان أن يسوع المسيح هو رب، لمجد الله الآب (في 2: 10، 11).
(تم)