«لأن المسيح، إذ كُنَّا بَعْدُ ضُعَفَاءَ، مات في الوقت المُعيَّن لأجل الفُجَّار... ولكن الله بَيَّنَ محَّبته لنا، لأنه ونحن بعد خطاةٌ مات المسيح لأجلنا» (رو 5 :6و8)
لقد اختبر الله الإنسان بشتى الطرق فتبرهن أنه «ضعيف». ففي جنة عدن، ووسط آلاف المسرات، صَدَّق كذب الشيطان ولم يصدق حق الله (تك3). وعندما طُرد من الجنة. سلك سبيلاً من الشر المتواصل إلى أن انصبت دينونة الله على كل الجنس البشري عدا نوح وعائلته (تك 6و7). وبعد الطوفان، وبعدما تقلد الإنسان سيف الحكومة على الأرض، سَكِرَ وتَعَرَّى (تك 9). وعندما حاز ثقة الله بمنحه نظام الكهنوت المقدس. إذ به يُقدِّم نارًا غريبة لم يأمره بها (لا10). وعندما نصَّبه الله ملكًا عظيمًا وأغناه بثروة طائلة، تَزَوَّج نِسَاءً أجنبيات وسجد لآلهتهن (1مل 11). ولو استعرضنا كل تاريخ الإنسان لما وجدنا سوى ذلك الفشل المُخَزِي المُذِلّ.
على أن الإنسان لم يكن فقط «ضعيفًا» بل أيضًا «فاجرًا». فليس ثمة حلقة وصل أدبية أو روحية تربطه بالله الحيّ الحقيقي. امتحن أي قلب غير متجدد، فلن تجد فيه فكرًا واحدًا صائبًا عن الله، فضلاً عن كونه خاليًا من أية عاطفة صحيحة تجاهه. قد تجد الكثير من اللطف والأخلاق العالية الممدوحة في نظر الناس. قد تجد الكثير من الفضائل الاجتماعية. قد تجد الكثير من الصفات الممتازة. وذلك لأن الطبيعة البشرية، حتى في خرابها، قد تحمل الكثير من صفات اليد التي كونتها وخلقتها. ولكني أؤكد للقارئ العزيز أن أفضل عينات البشر الممتازة هي «ضعيفة» و «فاجرة»...
غير أن الرسول لم يتوقف عن هذه الناحية السلبية، ولكنه استطرد ليوضح أن المسيح «ونحن بعد خطاة مات ... لأجلنا». الإنسان الوحيد الكامل الخالي من أدنى شائبة، مات عنا معشر الخطاة «البَارُّ من أجل الأثمة، لكي يُقرِّبنَا إلى الله» (1بط 3 :18)... فيا لنعمة إلهنا! يا لغناها! يا لسموها!
عزيزي... هل تمتعت بهذه النعمة الغنية المتفاضلة؟