أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
 
 
عدد يوليو السنة 2024
الإناء ينضح بما فيه
تكبير خط المقالة تصغير خط المقالة

«لأَنَّهُ مِنَ الدَّاخِلِ، مِنْ قُلُوبِ النَّاسِ، تَخْرُجُ الأَفْكَارُ الشِّرِّيرَةُ: زِنىً، فِسْقٌ، قَتْلٌ، سِرْقَةٌ، طَمَعٌ، خُبْثٌ، مَكْرٌ، عَهَارَةٌ، عَيْنٌ شِرِّيرَةٌ، تَجْدِيفٌ، كِبْرِيَاءُ، جَهْلٌ. جَمِيعُ هذِهِ الشُّرُورِ تَخْرُجُ مِنَ الدَّاخِلِ وَتُنَجِّسُ الإِنْسَانَ» (مر٧: ٢١-٢٣).

يُحكى أن ”هدسون تايلور“، رائد المُرسَلين إلى الصين، استخدم في وعظه مرة وسيلة إيضاح مُعبِّرة، ذلك أنه ملأ كوبًا ماءً، ثم وضعه على طاولة أمامه. وبينما هو يتكلَّم، ضرب الطاولة بقبضته ضربةً قويَّة، جعلت رَشاش الماء يتناثر فوق سطح الطاولة كُلَّه. وإذ ذاك علَّق قائلاً: ”سوف تتعرَّضون لمصاعب جمَّة. ولكن عند حصول ذلك، تذكَّروا أن ما في داخلكم فقد يُنضَح إلى الخارج.

أمر جدير بالتفكير والاعتبار. فعندما تُساء مُعاملتُنا أو يُساءُ فهمُنا، فكيف تكون ردَّة فعلنا؟ أَ بكلمات المحبَّة وبالصبر واللطف؟ أم نردُّ الكيل كيلين، غاضبين؟

في أفسس ٤: ١٧-٢٢، نجد مُفارقة بين ما يكون عليه المرءُ قبل أن يصير مُخلَّصًا، وما ينبغي أن يكون عليه بعد ذلك. فحينما نعيش تحت سيطرة الروح القدس، نُظهِر ذلك بطريقة تجاوُبنا مع تجارب الحياة العنيفة، ومِحَنها الشديدة. فإن ردَّة فعلنا حيال الظروف المُخيِّبة للآمال والمُثبِّطة للعزائم، والتي تُحيق بنا فجأة، إنما تُشكِّل أحسن امتحان لمقدار نموِّنا في النعمة والإيمان.

من الممكن أن نستر خيباتنا، ونكظم غيظنا، لنظهر هادئين غير منزعجين. ولكن إذا كانت قلوبنا عامرة بمحبة المُخلِّص، نتجاوب إزاء التجربة غير المُتوَّقعة، التي قد تهز كياننا هزًّا، بالصبر واللطف، وكالكوب المملوء ماءً، يُنضَح إلى الخارج ما هو في الداخل.

إن المصاعب محكٌّ يكشف الخُلُق.