حقيقة يختبرها كل مؤمن، وهي أنه كثيرًا ما يفشل في اتباع الراعي. تُرى لماذا؟ السبب الحقيقي لهذه الحقيقة والوضع المؤسف، هو أن طريق الراعي طريقٌ ضيقٌ، لا مكان فيه للثقة بالنفس، ولا لعمل الإرادة الذاتية. وإذ أستصعب التخلي عنهما، أختار لنفسي طريقًا آخر، وأترك الرب - الذي أُحبه - في الطريق الضيق.
وعندما أبعد عن الراعي، تبدأ مشاعري في الخمول، ولهيب محبتي يبرد، وبالتالي شركتي معه تقل، وخدمتي له تضمر، وأدرك ساعتها أنني أحتاج إلى رد نفسي، وأحاول جاهدًا أن أعيد الشركة فأصلي، وأواظب على حضور الاجتماعات، وألتجئ إلى كل وسائط النعمة، هذا مع احتفاظي بثقتي في نفسي، وعمل إرادتي دون التحقق من مشيئة الله في حياتي. وللأسف دون أن أنتبه إلى السبب الحقيقي للمشكلة.
هنا مكمن الخطر ، فلا يمكن أبدًا أن تُرد نفسي إلا وأنا في معيته؛ أي في الوضع المتوافق معه تمامًا. وما هو ذلك الوضع؟ هو أن أتخلى - أولاً - عن تمسكي بثقتي في نفسي، وأُلقي عني إرادتي، وأخلع ثوب الكبرياء الذاتية البغيضة، وأرتمي على الرب مجردًا من كل فكر مستقل، خاليًا من كل ثقة بالذات، نافضًا عن نفسي كل اعتداد بها.
صحيح أنني في هذا الوضع الجديد أكون مُهيأً لرد النفس، لكنني لا يمكنني رد نفسي، الرب ... راعيَّ ... هو الذي يقوم برد نفسي.
تقول نُعْمي: «إِنِّي ذَهَبْتُ»، ولكن «أَرْجَعَنِيَ الرَّبُّ» (را١: ٢١)؛ أنا قمت بفعل الذهاب والرب قام بفعل الإرجاع.
أخي: هل فقدت بهجة خلاصك؟ ... نعم.
هل فقدتَ لهيب حبك وغيرتك للرب؟ ... صحيح.
هل تشتاق إلى رد نفسك، وإلى المحبة الأولى؟ ... بشدة.
هل تريد - أخي المؤمن - أن تعود إلى محبتك وتكريسك وخدمتك الأولى؟
إذًا توقف من فضلك قليلاً، وبأمانة راجع حالتك، واكشف قلبك أمام الله، مرتميًا بالتمام على نعمته، وبتواضع حقيقي اتكل عليه وحده، وهو سيقوم برد نفسك، فهذه هي مهمته التي أخذها على عاتقه، وسيقوم بها على أكمل وجه.