«فَأَجَابَ الْيَهُودُ وَقَالُوا لَهُ: أَيَّةَ آيَةٍ تُرِينَا حَتَّى تَفْعَلَ هَذَا؟» (يو ٢: ١٨). «فَقَالُوا لَهُ: فَأَيَّةَ آيَةٍ تَصْنَعُ لِنَرَى وَنُؤْمِنَ بِكَ؟ مَاذَا تَعْمَلُ؟» (يو ٦: ٣٠)
عند رد الرب على الاستفهام المُقدَّم من الشعب: «أَيَّةَ آيَةٍ تَصْنَعُ لِنَرَى وَنُؤْمِنَ بِكَ؟ مَاذَا تَعْمَلُ؟» (يو ٦: ٣٠)، تكلَّم ربنا المعبود عن “الْخُبْز النَّازِلُ مِنَ السَّمَاءِ” باعتباره رمزًا لشخصه المُبارك، فقد قال لهم: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَيْسَ مُوسَى أَعْطَاكُمُ الْخُبْزَ مِنَ السَّمَاءِ، بَلْ أَبِي يُعْطِيكُمُ الْخُبْزَ الْحَقِيقِيَّ مِنَ السَّمَاءِ، لأَنَّ خُبْزَ اللَّهِ هُوَ النَّازِلُ مِنَ السَّمَاءِ الْوَاهِبُ حَيَاةً لِلْعَالَمِ ... أَنَا هُوَ خُبْزُ الْحَيَاةِ. مَنْ يُقْبِلْ إِلَيَّ فلاَ يَجُوعُ، وَمَنْ يُؤْمِنْ بِي فلاَ يَعْطَشُ أَبَدًا» (ع ٣٢-٣٥). فأولاً كان مجيئه ونزوله من السماء؛ أي تجسده «الْخُبْزُ الَّذِي أَنَا أُعْطِي هُوَ جَسَدِي الَّذِي أَبْذِلُهُ مِنْ أَجْلِ حَيَاةِ الْعَالَمِ» (ع ٥١). وقد كان ذلك تعليمًا واضحًا سهلاً يُشير إلى موته. وهكذا فهناك مدلولان متمايزان للخبز النازل من السماء: تجسده وموته.
وبصدد إجابة الرب على اليهود الذين سألوه: «أَيَّةَ آيَةٍ تُرِينَا حَتَّى تَفْعَلَ هَذَا؟» (يو ٢: ١٨)، أجاب الرب وقال لهم: «انْقُضُوا هَذَا الْهَيْكَلَ، وَفِي ثلاَثَةِ أَيَّامٍ أُقِيمُهُ» (ع ١٩). ويقول الوحي في ع ٢١ «وَأَمَّا هُوَ فَكَانَ يَقُولُ عَنْ هَيْكَلِ جَسَدِهِ». وكانت تلك إشارة إلى حتمية قيامته «فَلَمَّا قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ، تَذَكَّرَ تَلاَمِيذُهُ أَنَّهُ قَالَ هَذَا، فَآمَنُوا بِالْكِتَابِ وَالْكَلاَمِ الَّذِي قَالَهُ يَسُوعُ» (ع ٢٢). هذه إذن هي آية قيامته. وفي يوحنا ١١: ٢٥ قال الرب يسوع: «أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ». والقوة اللازمة لكليهما كامنة في شخصه المبارك المجيد.
ولقد كان بعد قيامته، وظهوره مرتين لتلاميذه المجتمعين، وحديثه الرقيق مع “تُومَا” في ظهوره الثاني، أننا نقرأ: «وَآيَاتٍ أُخَرَ كَثِيرَةً صَنَعَ يَسُوعُ قُدَّامَ تَلاَمِيذِهِ لَمْ تُكْتَبْ فِي هَذَا الْكِتَابِ. وَأَمَّا هَذِهِ فَقَدْ كُتِبَتْ لِتُؤْمِنُوا أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ، وَلِكَيْ تَكُونَ لَكُمْ إِذَا آمَنْتُمْ حَيَاةٌ بِاسْمِهِ» (يو ٢٠: ٣٠، ٣١).
ليُعطنا الرب أن نستفيد روحيًا من هذه الآيات الثلاثة: تجسده، وموته، وقيامته. وجميعها تتحد في إظهار مجد ربنا يسوع المسيح، ابن الله.