«لَمَّا سَمِعَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ أَنَّهُ الرَّبُّ ... أَلْقَى نَفْسَهُ فِي الْبَحْرِ» (يو٢١: ٧)
بعد أن ذهب التلاميذ ليتصيدوا، ولم يمسكوا شيئًا طوال الليل، قال لهم الرب يسوع: «أَلْقُوا الشَّبَكَةَ إِلَى جَانِبِ السَّفِينَةِ الأَيْمَنِ فَتَجِدُوا»، فألقوا الشبكة إلى جانب السفينة الأيمن، وأمسكوا ١٥٣ سمكة كبيرة. هكذا تسير الأمور معه دائمًا، فكلمة واحدة منه تغير المشهد كله فجأة للأحسن.
ثم نقرأ «فَقَالَ ذَلِكَ التِّلْمِيذُ الَّذِي كَانَ يَسُوعُ يُحِبُّهُ لِبُطْرُسَ: هُوَ الرَّبُّ. فَلَمَّا سَمِعَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ أَنَّهُ الرَّبُّ، اتَّزَرَ بِثَوْبِهِ لأَنَّهُ كَانَ عُرْيَانًا، وَأَلْقَى نَفْسَهُ فِي الْبَحْرِ»، واتجه مباشرة إلى الرب يسوع (يو٢١: ٧). لاحظ أنه كان على بطرس أن يقرر إما أن يترك صيده الثمين ويعود إلى الرب يسوع، أو أن يبقى في مكانه ويستمتع بالنجاح الذي تعب من أجله. إنه امتحان نجتازه جميعًا عندما نحقق أهداف حياتنا، وتمتلئ شباكنا عندما نكون أخيرًا قد وصلنا لما نتوق إليه. والتحدي هو: هل نمكث لنُبقى على ازدهارنا، ونتمتع بما أنجزناه، أم نُلقي بأنفسنا من أجل الرب، مستودعين إياها بالتمام له؟
في فيلبي ٣ يتطرق الرسول بولس باختصار إلى نجاحاته، فيقول: «لِي أَنْ أَتَّكِلَ عَلَى الْجَسَدِ أَيْضًا ... مَخْتُونٌ فِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ، مِنْ جِنْسِ إِسْرَائِيلَ، مِنْ سِبْطِ بِنْيَامِينَ، عِبْرَانِيٌّ مِنَ الْعِبْرَانِيِّينَ. مِنْ جِهَةِ النَّامُوسِ فَرِّيسِيٌّ. مِنْ جِهَةِ الْغَيْرَةِ مُضْطَهِدُ الْكَنِيسَةِ. مِنْ جِهَةِ الْبِرِّ الَّذِي فِي النَّامُوسِ بِلاَ لَوْمٍ» (فيلبى٣: ٣-٦). لقد كان من الوجهة العملية ممتازًا، لكن اسمعه الآن وهو يقول: «لَكِنْ مَا كَانَ لِي رِبْحًا ... حَسِبْتُهُ ... خَسَارَةً ... نُفَايَةً ... لِكَيْ أَرْبَحَ الْمَسِيحَ» (فى٣: ٧، ٨). لقد أدرك بولس أن هويته الحقيقية لا تكمن في إنجازاته، بل في علاقته بالرب يسوع. هل لك هذا الشعور؟
في تلك الليلة، ربما شعر بطرس وكأنه قد خسر كل شيء، إلا أنه عندما وصل إلى الشاطئ وجد أن الرب يسوع كان مشغولاً بتجهيز الطعام والدفء لهم! ومهما كان حجم احتياجك ستجد تسديده عند الرب يسوع. ومهما تركت من أجله، سيرده لك أضعاف. إن ما تتركه وتتنازل عنه من أجله، هو الذي يحدد مقدار ما يأتمنك عليه.
كاتب غير معروف