«يَا سَيِّدُ لَنَا خِزْيُ الْوُجُوهِ لِمُلُوكِنَا لِرُؤَسَائِنَا وَلآبَائِنَا لأَنَّنَا أَخْطَأْنَا إِلَيْكَ. لِلرَّبِّ إِلَهِنَا الْمَرَاحِمُ وَالْمَغْفِرَةُ لأَنَّنَا تَمَرَّدْنَا عَلَيْهِ» (دا٩: ٨، ٩)
في الأصحاح العاشر يدعو الرب دَانِيآل: «الرَّجُلُ الْمَحْبُوبُ (للغاية)» (دا١٠: ١١). لم يكن هذا وليد عصمة دَانِيآل أو خلوه من الخطية، ولكن لأن دَانِيآل اعترف بخطيته للرب، كما اعترف بخطية شعبه إسرائيل؛ الأمر المذكور في الأصحاح التاسع. ويا له من تباين بين موقف دَانِيآل، وموقف اللائمين لحالة هذه الأمَّة الخاطئة. لذلك لاق بِدَانِيآل أن يقول «لَنَا خِزْيُ الْوُجُوهِ»، لأن إسرائيل هو شعب الله المختار، وهو فرد من هذا الشعب. لقد أحبَّ دَانِيآل أُمَّتهُ، وحيث أنهم لم يعترفوا بذنبهم أمام الله، لذلك ها هو - في محبة خالصـة لهم – يعترف بالذنب بدلاً منهم. وهذا هو المبدأ عينه الذي يُرى في كهنة إسرائيل عند أكلهم من ذبيحة الخطية (لا٦: ٢٥, ٢٦). على أن الأمر الأعجب أن هذا المبدأ عينه هو الذي حدا بالرب يسوع لأن يقول «يَا اللهُ أَنْتَ عَرَفْتَ حَمَاقَتِي وَذُنُوبِي عَنْكَ لَمْ تَخْفَ» (مز٦٩: ٥). ويقينًا لم يكن الرب يسوع أحمق، حاشا! ولم يرتكب ذنوبًا من أي نوع، ولكنه اعترف بخطايا خاصته. يا لها من نعمة! ثم أكثر من ذلك، لم يقف الرب يسوع عند حدّ الاعتراف بخطايا شعبه، ولكنه حمل خطاياهم، آخذًا موقف البديل على الصليب. ولم يكن بديل سواه بلا خطية يُمكنه أن يُكمل مثل هذا العمل. لقد استطاع دانيال أن يعترف بخطايا شعبه، ولكن لم يكن بوسعه أن يحملها.
وإذا نظرنا إلى دَانِيآل المُعترف وإلى آكلي ذبيحة الخطية، فسيكون بمقدور المؤمن أن يعترف بالفشل المريع، والخطية الشنيعة التي قد يرتكبها شعب الله – الكنيسة – كما لو كانت خطيته، لأننا معشر المُخلَّصين جزء لا يتجزأ من شعب الله الذي اختاره، ولذلك فمن منطلق محبتنا نحو جميع المؤمنين سنعتبر عصيانهم عصياننا، فنعترف به لله، مُصَلِّين من أجل جميع القديسين.