«كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحىً بِهِ مِنَ اللهِ،
وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ»
(٢تي٣: ١٦)
ربما يكون لوقا الطبيب قد بنى مستشفى طبيًا في مدينة كبيرة مثل أنطاكية، حيث من المحتمل أن يكون التقى بالرسول بولس لأول مرة، ولكنه اختار أن يخدم الرب مُضحيًا بعمله الزمني ليكون أكبر عون لبولس. لا شك أنه كان مؤمنًا مُكرسًا، وخير دليل على ذلك رفقته لبولس، وخدمته، وإنكاره لذاته.
أحد أشهر علماء الآثار في بداية القرن العشرين: سير وليم رامزي، عزا سبب رجوعه إلى الله، أو على الأقل جانب منه، إلى الدقة المذهلة التي ظهرت في كتابات لوقا في وصفه للأحداث التي جرت في القرن الأول. لوقا لم يكن دقيقًا فقط فيما شاهده، بل أيضًا فيما نقله عن آخرين. ولا ريب أنه سيق بقوة علوية لاضطلاعه بهذه المهمة.
إنَّ تناول لوقا للأحداث ممتع لعدة أسباب، في مقدمتها: أنه أراد أن يُدافع عن الإنجيل مُقدمًا البرهان الدامغ على صحته، الأمر الذي شاركه فيه بولس. لقد شدد وأثبت جدارة المسيحية بالقبول من الرومان، رغم رفض قادة اليهود. ولعله من اللافت للنظر كيف حاول بيلاطس الدفاع عن يسوع منذ أن علم بنية قادة اليهود لقتله حسدًا.
وفي سفر الأعمال نجد خمس ”مرافعات“ قدَّمها بولس، ولخصها لوقا، للدفاع عن المسيحية، أمام قادة اليهود تارة، وأمام حكام روما تارة.
نعم، كان لوقا أداة أعدها الله وجهزها علميًا وطبيًا، وجعله كاتبًا وباحثًا دقيقًا ومقتدرًا ومؤرخًا موثوقًا به ... ولكنه يبقى في النهاية خادمًا للمسيح.
وكم يشهد ذلك بوضوح للآية المقتبسة في صدر المقال!