«فَأَجَابَ إِتَّايُ الْمَلِكَ وَقَالَ: حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ وَحَيٌّ سَيِّدِي الْمَلِكُ، إِنَّهُ حَيْثُمَا كَانَ سَيِّدِي الْمَلِكُ، إِنْ كَانَ لِلْمَوْتِ أَوْ لِلْحَيَاةِ، فَهُنَاكَ يَكُونُ عَبْدُكَ أَيْضًا» (٢صم ١٥: ٢١)
كشعلة متقدة في ليلة حالكة الظلام، هكذا لمع تكريس إِتَّاي الْجَتِّيِّ بوضوح في مشهد الاضطراب. فمُلك داود على إسرائيل يبدو أنه انهار فجأة إذ دبر ابنه أبشالوم انقلابًا ناجحًا، حيث استرق قلوب رجال إسرائيل. وحتى أخيتوفل مشير داود ومحل ثقته، ربط مستقبله بالنجم الصاعد أبشالوم.
هذا ما يجعل تكريس إتاي بديعًا! لقد رُفض داود من شعبه، وكان الولاء لأبشالوم هو الأمر الشائع. وبالإضافة إلى ذلك جاء إِتَّاي من جَتّ، مدينة أعداء داود، بما فيهم جليات. وكان إِتَّاي قد عرف داود من زمن قريب، ولم يضع داود عليه أي ضغط، ليصير خادمًا له، ويتبعه، بل في الواقع شجعه داود ليذهب حيثما تبدو الأمور أيسر (ع ١٩، ٢٠).
أما إِتَّاي فلم يُثنى عن اتباع داود، فتعبير تكريسه من كل القلب لداود يذكرنا بكلمات مشابهة للرسول بولس في فيلبي ١: ٢١ «لأَنَّ لِيَ الْحَيَاةَ هِيَ الْمَسِيحُ وَالْمَوْتُ هُوَ رِبْحٌ». لقد احتقر التكلفة والخطر، ولم يبالِ بما يظنه الآخرون، أو يفعلوا. كان قلبه مُتعلقًا بداود، مُعتبرًا أنه شرف عظيم له أن يتبع ملك إسرائيل المرفوض إلى المنفى.
بشكل ملفت كان تكريس إِتَّاي مُعديًا جدًا. ٦٠٠ رجل تبعوه من جَتّ، وهؤلاء الرجال مع جميع الأطفال الصغار، عبروا معه ورافقوه، إذ وضع حياته على المحك. من منهم علم بالمخاطر التي يحتضنها بتبعية داود؟ وسرعان ما عُيّن إتاي مسؤولًا عن ثلث جيش داود، وهم زاحفون إلى المعركة المحتومة ضد قوات أبشالوم.
انتصر رجال داود بما فيهم إِتَّاي في تلك المعركة، لكن ليست هذه هي النقطة الآن بل تكريس إِتَّاي البسيط الذي جعله ينجذب إلى داود، ويضع حياته عند قدميه، بالرغم من كل العقبات. يا ليت لنا المزيد من إِتَّاي في مناصب جيش المسيح اليوم!