أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
الأربعون يومًا في الكتاب المقدس و. ت. ولستون لا شك أن كل قارئ يقظ للكتاب المقدس، لا بد وأن يُلاحظ كثرة تكرار الرقم “أربعين” بالارتباط مع الأيام أو السنوات. وكل الأرقام في كلمة الله لها معاني ودلالات. ولا يوجد شك بالنسبة للتعليم المرتبط بالرقم “أربعين”، وبكونه يرتبط دائمًا بتجربة أو امتحان الإنسان من ناحية، ومن ناحية أخرى بسياسة الله مع العقوبة للخطية ودينونتها. وسنجد “أربعين يومًا” مرتين في تاريخ نوح، وتاريخ موسى، وتاريخ الرب يسوع، ونجدها مرة واحدة بالارتباط مع يوسف ويشوع وجليات وإيليا وحزقيال ويونان. ومجموع هذه المرات اثنا عشر. وتبدأ بالمرة التي دان فيها الله خطية الإنسان، في ذات شخصه، ثم اكتسحته الدينونة العارمة. وتُختتم في أيام الرب يسوع، حينما جرى التعامل مع الخطية ومحوها بموته الفدائي، وأعلن هو ثمار وآثار نصرته للقديسين والخطاة على حد سواء. والآن أعتقد أن كل شخص يرى على الفور معنى هذا المصطلح: فالتجربة والامتحان بالارتباط بتاريخ الإنسان الأول، ينتهيان فقط بالفشل والموت والدينونة. ولست بحاجة لأن أقول إنها كانت على العكس تمامًا في حالة ربنا يسوع المسيح. فحينما جرَّبه الشيطان للأربعين يومًا الأولى في البرية، فإنه لم يظهر منه سوى النصرة الكاملة على عدو البشر. وحينما نأتي إليه في أيامه الأربعين الثانية، بعد القيامة، نجد أجمل وأروع وأعظم ما يتكشف مما يُظهره الإنسان الثاني، وآثار نصرته على الشيطان والخطية والموت. وفي القيامة يفتتح المسيح في مدة الأربعين يومًا، حقبة جديدة من البركات والأمجاد، مؤسسة على الفداء. وهو في 334 صفحة وسعره 40 جنيهًا الكتاب متوفر في مكتبة الإخوة نشجعك على اقتنائه وقراءته.
 
 
عدد يوليو السنة 2021
تكريس إِتَّاي الْجَتِّيِّ
تكبير خط المقالة تصغير خط المقالة

«فَأَجَابَ إِتَّايُ الْمَلِكَ وَقَالَ: حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ وَحَيٌّ سَيِّدِي الْمَلِكُ، إِنَّهُ حَيْثُمَا كَانَ سَيِّدِي الْمَلِكُ، إِنْ كَانَ لِلْمَوْتِ أَوْ لِلْحَيَاةِ، فَهُنَاكَ يَكُونُ عَبْدُكَ أَيْضًا» (٢صم ١٥: ٢١)

كشعلة متقدة في ليلة حالكة الظلام، هكذا لمع تكريس إِتَّاي الْجَتِّيِّ بوضوح في مشهد الاضطراب. فمُلك داود على إسرائيل يبدو أنه انهار فجأة إذ دبر ابنه أبشالوم انقلابًا ناجحًا، حيث استرق قلوب رجال إسرائيل. وحتى أخيتوفل مشير داود ومحل ثقته، ربط مستقبله بالنجم الصاعد أبشالوم.

هذا ما يجعل تكريس إتاي بديعًا! لقد رُفض داود من شعبه، وكان الولاء لأبشالوم هو الأمر الشائع. وبالإضافة إلى ذلك جاء إِتَّاي من جَتّ، مدينة أعداء داود، بما فيهم جليات. وكان إِتَّاي قد عرف داود من زمن قريب، ولم يضع داود عليه أي ضغط، ليصير خادمًا له، ويتبعه، بل في الواقع شجعه داود ليذهب حيثما تبدو الأمور أيسر (ع ١٩، ٢٠).

أما إِتَّاي فلم يُثنى عن اتباع داود، فتعبير تكريسه من كل القلب لداود يذكرنا بكلمات مشابهة للرسول بولس في فيلبي ١: ٢١ «لأَنَّ لِيَ الْحَيَاةَ هِيَ الْمَسِيحُ وَالْمَوْتُ هُوَ رِبْحٌ». لقد احتقر التكلفة والخطر، ولم يبالِ بما يظنه الآخرون، أو يفعلوا. كان قلبه مُتعلقًا بداود، مُعتبرًا أنه شرف عظيم له أن يتبع ملك إسرائيل المرفوض إلى المنفى.

بشكل ملفت كان تكريس إِتَّاي مُعديًا جدًا. ٦٠٠ رجل تبعوه من جَتّ، وهؤلاء الرجال مع جميع الأطفال الصغار، عبروا معه ورافقوه، إذ وضع حياته على المحك. من منهم علم بالمخاطر التي يحتضنها بتبعية داود؟ وسرعان ما عُيّن إتاي مسؤولًا عن ثلث جيش داود، وهم زاحفون إلى المعركة المحتومة ضد قوات أبشالوم.

انتصر رجال داود بما فيهم إِتَّاي في تلك المعركة، لكن ليست هذه هي النقطة الآن بل تكريس إِتَّاي البسيط الذي جعله ينجذب إلى داود، ويضع حياته عند قدميه، بالرغم من كل العقبات. يا ليت لنا المزيد من إِتَّاي في مناصب جيش المسيح اليوم!


جرانت ستيدل