«لأنه كما تكثُرُ آلامُ المسيحِ فينا، كذلك بالمسيحِ تكثُرُ تعزيتُنا أيضًا» (2كو1: 5)
تناسب رائع .. وصفقة مربحة ..
أبشر أيها المتألم، أنت لست خاسرًا بل رابحًا.
تسألني كيف؟ أعد قراءة الآية التي في مطلع موضوعنا، التي تُصَوِّر لنا ميزان العناية الإلهية وهو يضيف – مع كل وزنة ألم – وزنة تعزية إلهية.
وعندما تكون كفة الألم خالية تقريبًا، فإن كفة التعزيات تكاد تخلو تمامًا. أليس هذا هو اختبارك واختباري.
عندما يرخي الليل سدوله وتقوم العاصفة الهوجاء يكون القبطان أقرب ما يكون إلى بحارته المنزعجين.
عندما نُطرح أرضًا بظروف طاحنة، فلتتحول عيوننا في الحال إلى السيد الذي منه يأتي عوننا. عوننا فقط؟ كلا، بل فرحنا وسلامنا وتعزيتنا. إننا في كل ظروف حياتنا لسنا بمتروكين. لكن ما أجمل لمسات السيد الحانية في وقت المرائر والأحزان، ما أروع ثغره البسام عندما تداهمنا السقام!
إن فأس الألم تحفر في أرضنا عميقًا لتمتلىء حُفرنا بفيض السلام والتعزيات الإلهية.
عندما يأتي الله إلى قلوبنا فيجدها ملآنة، فإنه يقوم بعملية تكسير لما هو بداخل قلوبنا ليكون له هو مكان فيها. وكلما زاد التكسير زاد حلول المسيح بتعزياته فينا.
عندما يمتلىء البيدر لا يحتاج الإنسان إلى الله، وعندما ينتفخ الجيب يستطيع أيضًا أن يعيش بدون الله، وعندما تكون كل الأمور في نصابها يشعر الإنسان بالاكتفاء والاستغناء.
هذه هي حال الإنسان الطبيعي، فماذا عن المؤمن؟
من المؤسف أنه قد ينام المؤمن على وسادة الأمان والطمأنينة، ويستريح على فراش الشهرة والجاه، ويلتحف بالأموال والغنى الجزيل، ويشعر بالاكتفاء والاستغناء، ويقول: «إني أنا غنيٌّ وقد استغنيت» (رؤ3: 17)، وإن لم ينتبه للقول: «استيقظ أيها النائم وقُمْ مِنَ الأموات فيُضيءَ لك المسيح» (أف5: 14)، فإن الرب في نعمته ومعاملاته الإلهية يسحب من تحته الوسادة، وينتزع من فوقه الغطاء، ولكنه يمنحه بدلاً منهما وسادة التعزيات وغطاء الأفراح، وقُرب وارتواء هنا على الأرض، وثقل مجدٍ أبدي هناك في السماء.