«اِحْمَدُوا الرَّبَّ لأَنَّهُ صَالِحٌ لأَنَّ إِلَى الأَبَدِ رَحْمَتَهُ. احْمَدُوا إِلَهَ الآلِهَةِ لأَنَّ إِلَى الأَبَدِ رَحْمتَهُ. احْمَدُوا رَبَّ الأَرْبَابِ لأَنَّ إِلَى الأَبَدِ رَحْمَتَهُ» (مز ١٣٦: ١ - ٣)
هذا مزمور من طراز فريد. فكل عدد حَمَلَ فكرة معينة ثم يتبعها بالتأكيد «لأَنَّ إِلَى الأَبَدِ رَحْمَتَهُ». هذه العبارة تتكرر ٢٦ مرة، وإذا ما كرر الله شيئًا ما في كلمته فذلك يعني أنه ذو أهمية خاصة. فالله الذي يعرف أن قلوبنا مجبولة على النسيان، يذكّرنا هنا أن بالحقيقة «إِلَى الأَبَدِ رَحْمَتَهُ».
وفي قراءتنا هذا المزمور، نقرأ الأعداد الأولى منه كاملة فندرك أن الجزء الثاني من كل عدد مجرد تكرار لعبارة «لأَنَّ إِلَى الأَبَدِ رَحْمَتَهُ»، من ثم نكمل قراءة المزمور مركزين على الشطرة الأولى، في حين نمر سريعًا على الجزء الثاني، تصورًا منا أن الشطرة الأولى هي الأهم.
ولكن إذا فعلنا ذلك سنفقد حقيقة الفكر الرئيسي في هذا المزمـور، وسنغفل الجزء الأهم. فالله يرينا أنه – بغض النظر عن الظروف – وفي كل ظرف جديد «إِلَى الأَبَدِ رَحْمَتَهُ». وبعد الأعداد الأولى من المزمور والتي تُخبرنا هذه الحقيقة المجيدة، يسترسل المزمور فيركز على مجالات متعددة ... أولاً الطبيعة تحكي أن «إِلَى الأَبَدِ رَحْمَتَهُ»، ثم لا يلبث أن ينتقل إلى أمر الخلاص، ثم يصل إلى رحلتنا في البرية؛ في كل تحدٍ جديد ... في كل معركة جديدة ... حتى في ضعفنا وفي فشلنا «إِلَى الأَبَدِ رَحْمَتَهُ».
وحتى في الأمور التي تبدو عادية وليست ذات أهمية، كطعام الجسد اليومي، فإننا نحصل عليه «لأَنَّ إِلَى الأَبَدِ رَحْمَتَهُ». ثم يُختم المزمور بالقول: «احْمَدُوا إِلَهَ السَّمَاوَاتِ لأَنَّ إِلَى الأَبَدِ رَحْمَتَهُ».
لذلك عندما نقرأ هذا المزمور، ليتنا نقرأ الشطرة الثانية من كل عدد بتدقيق واهتمام، وليته يستحث أفكارنا وقلوبنا عالمين أن تلك هي طبيعة إلهنا «إِلَى الأَبَدِ رَحْمَتَهُ».