قُتل هابيل وجاء شيث بديلاً له، وفيه نرى صورة للمسيح في القيامة. بظهور شيث «حينئذٍ ابتُدئَ أن يُدعى باسم الرب» (تك4: 26)، وبظهوره أيضًا ظهر جنسان: نسل طبيعي متسلسل من قايين يسكن المدن، يعمِّر الأرض، يجمّل هذا العالم، ونسل متسلسل من شيث هم أبناء القيامة؛ الذين يدعون باسم الرب.
يكثر نسل قايين وينجحون ويمتدون حتى يصلوا في تسلسلهم إلى «لامك» الرجل ”الوضيع“ السابع من آدم رجل مزواج وقاتل. وفي الوقت نفسه يتقدم نسل شيث على طريق الآلام والنمو الروحي حتى يصلوا إلى «أخنوخ» الرجل ”الفاضل“ السابع من آدم أيضًا، لكن ما أبعد الفرق بين سابع وسابع آخر!
في أخنوخ نرى التصوير الأنسب لامتياز الكنيسة عندما تُرفع من الأرض بالاختطاف، وذلك قبل وقوع الدينونة على الأرض، كما أُخذ أخنوخ ولم يوجد، ثم بعد ذلك جاء القضاء بالطوفان على العالم.
يأتي بعد ذلك نوح ومعناه ”تعزية“ وينتهي التدبير ”النوحي“ بالخلاص والنجاة في وسط دينونة وضيقة عظيمة تقع على كل نسل قايين ـ ذلك النسل الذي ينتهي بالشر في الوضاعة، بينما ينتهي نسل شيث بالعزاء المتواضع، وما أبعد الفرق بين الوضاعة والتواضع.
أخنوخ يمثل أرقى مستوى في دعوة الكنيسة، وقد سُميَ السابع من آدم ”منتهى ارتقاء بني القيامة“. وأخنوخ، ذلك الرجل الفاضل لم يكن له تاريخ أرضي، ولا شأن له بسياسة العالم (إنه مجهول ولو أنه معروف) مجهول لدى العالم، لكنه معروف في السماء، مكرَّس لله. في السماء كان موطنه، وإلى السماء نُقل دون أن يرى الموت، قبل وقوع الغضب على الأرض. تمامًا كامتياز الكنيسة الآن مجهولة لدى العالم، ومعروفة لدى الله.
ذهب أخنوخ من الأرض بالاختطاف تاركًا وراءه هذا التقرير البسيط وهو: إذ سار بالإيمان، فإنه أرضى الله وتنبأ عن النهاية شاهدًا لمجيء الرب في ربوات قديسيه (يه14). ولسنا نشك أن هذا قيل عن المؤمنين الحقيقيين الذين آمنوا بالرب يسوع المسيح.