«وَمِنْ مِلْئِهِ نَحْنُ جَمِيعًا أَخَذْنَا وَنِعْمَةً فَوْقَ نِعْمَةٍ»(يو ١: ١٦)
إنه من الشاق على النفس جدًا أن تدرك فقرها العميق وعدم نفعها التام، وبالتالي عظمة النعمة الغنية.
إذا عرفنا كم نحن مساكين ومُعوزين إزاء محضر الله القدوس، نستطيع عندئذٍ أن نُقدِّر ذلك الشخص الغالي الذي بواسطته غمرتنا النعمة.
بلا شك أن أيوب، بعد خروجه من التجربة، كان - ولأول مرة - يُلقي بنفسه بالتمام على نعمة الله، وتذوَّق حلاوتَها عندما رأى الله، وعندئذ كُشفت أمامه ذاته وصرَّح قائلاً: «أَرْفُضُ وَأَنْدَمُ فِي التُّرَابِ وَالرَّمَادِ» (أي ٤٢: ٦).
إن القديسين لهم بالحق مركزًا مُباركًا وساميًا أمام الله في المسيح ... وإذ يروْن أنفسهم في المسيح، يستحيل عليهم أن يظنوا ظنًا ساميًا بأنفسهم.
وهكذا، فإن مكاننا كمؤمنين هو مركزٌ وضيعٌ وسامٍ في الوقت نفسه. وضيعٌ بالنسبة لذواتنا، وسامٍ بالنسبة للمسيح.
إن الشخص الذي يدرك هذا عن يقين، ويعيش في هذين المكانين في وقت واحد، لن يعيش لذاته بل لذاك الذي مات من أجله وقام.
إنه - فقط – عندما أَدرك إشعياء هذا الحق، أنه قد اُنْـتُزِعَ إِثْمُه وَكُفِّرَ عَنْ خَطِيَّتِه، عندئذٍ استطاع أن يقول: «هَأَنَذَا أَرْسِلْنِي» (إش ٦: ٥ - ٨).
يا لها من بركة أن نمتلك النعمة! ويا لها من بركة أن تملأ النعمة قلوبنا وعقولنا وحواسنا وكل حياتنا.
منبعُ الإحسانِ يشدو
قلـبي بالحبِ لكَ
إن نهرَ الحبِ يجري
دائمًا من قلبكَ
إنما النعمةُ ديْنٌ
كيف أوفيه لكَ
قيّدنْ قلـبي بقيده
فيلذّ قيدُكَ
ر. روبنسون