«مَعَ الرَّحِيمِ تَكُونُ رَحِيماً. مَعَ الرَّجُلِ الْكَامِلِ تَكُونُ كَامِلاً. مَعَ الطَّاهِرِ تَكُونُ طَاهِراً. وَمَعَ الأَعْوَجِ تَكُونُ مُلْتَوِياً» (مز18: 25، 26).
هل تعلم يا عزيزي أن كل أمورك، كل أفكارك، كل مشاعرك، كل ما تُبطن وما تخفي مكشوف تمامًا أمام الله؟
هل تعلم أن دوافعك لخدمة الله، دوافعك لخدمة الآخرين، دوافعك للظهور بمظهر لائق، كلها وبدون استثناء مكشوفة ومعروفة لدى الله؟
ماذا تفعل يا عزيزي لو أن أمورك بجملتها كُشفت وعُرّيت أمام الناس، ولم يختف شيء منها على الإطلاق؟ ماذا كنت تفعل؟ ... أعتقد أنه لو حدث معي هذا الأمر لبحثت عن أبعد مخبأ، ولو كان قبرًا، لأختبىء فيه.
هذا ما يحدث لو كُشفت أموري أمام الناس، فكم بالأحرى حين تُكشف أمام الله؟
حتى وإن كان الله عظيم الرحمة ورحمته بلا حدود، إلا أنه من المُسَلَّم به أن الله له معاملات خاصة مع المؤمن، وأن “مَنْ يَرحم الفقير يُرحم”. هل تريد أن تختبر رحمة الله؟ درب نفسك على الرحمة، هذه الرحمة التي تنبع من القلب، ولا تبحث عمن يشاهدها ويمدحها.
هل تريد أن تختبر كمال الله وصلاحه؟ دَرِّب نفسك على التقوى الحقيقية في السر وفي العلن. هل تريد أن تتمتع بحلاوة ونقاء قلب الله؟ دَرِّب نفسك على نقاء السريرة وصفائها، وإلا فأنت وحدك تتحمل تبعات إعوجاجك وعدم تقواك، فإنه يسلك معك بالإلتواء ... كيف؟ لا أعلم بالتحديد ولكن ما أعلمه يقينًا أنه يُجيزك في مواقف تصرخ فيها مُعترفًا بإعوجاجك وعدم أمانتك، كاشفًا أمامه كل ما بقلبك من رداءة وشر.
أخي ألا توفر على نفسك مشاق أو متاعب أو ربما أتون هذه المواقف؟ ألا تكشف الآن قلبك أمام الله طالبًا منه أن يُنقي قلبك ولسانك، ويُزيل منك العيوب، فتكون رحيمًا كاملاً، طاهرًا ومستقيمًا، فتختبر رحمته وكماله، ولطفه ونعمته. وتذكَّر – عزيزي – أن «اَللهُ لاَ يُشْمَخُ عَلَيْهِ. فَإِنَّ الَّذِي يَزْرَعُهُ الإِنْسَانُ إِيَّاهُ يَحْصُدُ أَيْضاً» (غل6: 7).