أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
(المُجلد الثاني - الأصحاحات ١٠-٢٠) في المجلد الأول (ص١-٩) رأينا المسيح مُقَدَّمًا للشعب، عارضًا عليهم المُلك بشرط توبتهم، وفي هذا المجلد (ص١٠-٢٠)، إذ اتضح رفض الشعب للتوبة والإيمان، فإن الروح القدس انتقل من الحديث عن الملكوت المُقدَّم لإسرائيل، إلى الحديث عن مكتومات منذ تأسيس العالم (ص١٣)، كما تحدث المسيح عن الكنيسة التي كان سيبنيها على شخصه الكريم (ص١٦)، وتحدث أيضًا صراحة عن موته وقيامته. وفي أصحاح ١٠ أرسل الرب رُسُله الاثني عشر إلى إسرائيل عارضًا عليهم الملكوت بشرط التوبة، لكنه في خطاب الإرسالية أشار إلى رفض الأمة له ولرُسُله، فهو كان يعرف النهاية من البداية. في أصحاح ١١ نقرأ عن رفض الشعب للمَلك، وبالتالي توجَّه المسيح إلى التعابى من كل البشر، واعدًا أن يعطيهم الراحة. وفي أصحاح ١٢ نجد رفض القادة للمَلك، ووقوع الأمة في الخطية التي لا غفران لها. والمسيح أشار إلى آية يونان النبي، ثم في ختام الفصل أعلن أنه ما عاد يعترف بالعلاقات الطبيعية مع الإنسان حسب الجسد. في أصحاح ١٣ تحدث الرب عن أمثال ملكوت السماوات التي اعتبرها مكتومات منذ تأسيس العالم. وفي أصحاح ١٤ قدَّم البشير صورة مُعَبِّرة للعالم في فترة غياب الملك: نجاسة وشراسة الإنسان من جانب، وهياج الشيطان ومناوئته للتلاميذ من الجانب الآخر. وفي أصحاح ١٥ يتحدث البشير عن رفض المسيح لرياء المتدينين، وتجاوبه مع استغاثة الملهوفين. ثم في أصحاح ١٦ يُحذر المسيح من خمير الفريسيين والصدوقيين، ويُقدِّم الإعلان الأول في الوحي عن الكنيسة، كما يهُيئ تلاميذه للحدث الجلل: موته له المجد على الصيب. وفي أصحاح ١٧ يُوَضِّح أن الآلام مع المسيح ستنتهي بالأمجاد معه. كما يُظهر المسيح قوته على الشيطان، ثم يعطي دروسًا لتلاميذه في الوداعة، وفي كيفية التصرف في هذا العالم بعد خروجه الوشيك منه بالموت، عندما لا يكون معهم بالجسد. ويواصل تعليمه لتلاميذه في أصحاح ١٨ عن أخلاق بني الملكوت، والصفات التي يجب أن يتحلى بها كل من هو في كنيسة الله. ثم في أصحاح ١٩ يُوَضِّح نظرته السديدة لكل ما له تقدير عند البشر. وأخيرًا في أصحاح ٢٠ يُحدِّثنا البشير عن رحلة المسيح الأخيرة إلى أورشليم حيث كان سيُصلب، وفي اليوم الثالث كان سيقوم. والمجلد الثاني من الكتاب في ٦٤٠ صفحة. ومتوفر في مكتبات الإخوة. نشجعك على اقتنائه وقراءته.
 
 
عدد يوليو السنة 2023
كَلَلٌ وشَيْبَةٌ
تكبير خط المقالة تصغير خط المقالة

«وَيَكُونُ لَكِ لإِرْجَاعِ نَفْسٍ وَإِعَالَةِ شَيْبَتِكِ. لأَنَّ كَنَّتَكِ الَّتِي أَحَبَّتْكِ قَدْ وَلَدَتْهُ، وَهِيَ خَيْرٌ لَكِ مِنْ سَبْعَةِ بَنِينَ» (را ٤: ١٥).

يا نفسي العليلة، لقد طالَ كلَلُكِ، وسُقمٌ اعتراكِ، فلقد رُشَّ الشيبُ على أفرايمَ وفي تغيُّبِهِ لم يعرِف وأما أنتِ فتعلمين! يا رأسي الكليلة، لقد طمَتْ أسقامُكِ، واعتلالٌ اعتلاكِ، فلقد حُلِقَتْ سبعُ خُصَلِ رأسِ شمشونَ ولم يكن يعلم، وأما أنتِ فلستِ مِن الغافلين!

وأفراحُ بيتِ لحمٍ تدُقُّ، وتعلو أنغامُ الحصَّادين، ولكن أين أوتارُ قلبِكِ ليعزِفَ؟ ارتَخَتْ وانقطعَ آخِرُها مع أصواتِ كَنَّتيكِ والباكين؟ وها حقلُ بوعز بِكلِّ يانِع أثمارِه وإيفةُ الشعير مِلءُ كفِّ الفتاةِ، ولكن أين وسيعُ جُعبتكِ، أضاقت ولم يغدُ حنككِ مِن المتذوقين؟ وها بيدرُ بوعز وها ليلةُ الوعودِ، وعلى ذيلِ صفحاتِها، توقيعُ الشريفِ. وستةٌ مِن الشعير، عربونُ الأفراحِ، والرَّجُلُ لا يهدأ، فأجيبي يا نفسي لماذا لا تمتلئين؟

فأجابت نفسي: عراقةُ الوطنِ، ومستعذَبُ اللحنِ وقوتُ البدنِ والوعدُ بواحدٍ مِن الفاكِّين، رخيمٌ، ثمينٌ، ولكن عذبٌ لي وللحصَّادين. ولكن أين ملءُ الفؤاد؟ فمن ذا الذي يجعلُني أنا مِن الحاضنين؟

فمَن ذا الذي يُرجِعُ نفسي ويعول شيبتي، فمن لي بابنٍ وليٍّ؟ فكنَّتي التي أحبتني أحبُها، ولكن أتفعلُ بمفردها ما يفعلَهُ سبعةُ بنين؟ تمهَّلي يا نفسي، فللعظيمِ انتظرتِ، وإن كنتِ تحسبين بوعزَ وليًّا ثانٍ، وهو بالحق كذلك، ولكنني أُبشِّرُكِ أنه أيضًا آخِرٌ، والخمرُ آخِرًا أجوَدُ بما لا يُقاسُ مِن الدُّونِ لمذاقِ الذوَّاقين! وأقولُ مع أنه حُسِبَ ثانٍ، بعد الوليِّ الأول برجالِه العشرةِ، ولكن أيضًا آخِرٌ كما هتفَ له وبهِ واحدٌ مِن المبتلين: «أَمَّا أَنَا فَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ وَلِيِّي حَيٌّ، وَالآخِرَ (أخيرًا) عَلَى الأَرْضِ يَقُومُ» (أي ١٩: ٢٥).

أتكُن هذه هي المفاجأةُ الكُبرى أن يدخُلَ بوعزُ على راعوثَ، فتُرزَقُ منه واحدٌ من أمثالِ كثيرين؟ أو تدعوه الجاراتُ عوبيد، فيُكتبُ هكذا في سجلِ المولودين؟ كلاَّ ... ولكن سِجلّ السماءِ يفاجئنا بالعُجابِ. فها ذراعُ مَن أودعت محلونَ وكليونَ يومًا، بواطِنَ أرض الموآبيين، تعود فتتشددُ، وقد أنهضتها آمالٌ تألقت بعد أن خابت، ونفسًا تجددت بعد أن شاخت، فالمولود هو عوبيد وهو أبو يسى أبي داود. وكأنَّ النفس التي شاخت فعجزت أن تُمسِكَ بكلِّ الهبات، والعين التي ذابت، فلم تُذِهب عنها تقرُّحَها وميضُ، بل وبريقُ البركات، حضر لمشهدها توًا مَن هو أثمنُ مِن كل البركات، معلنًا عن نفسِهِ لاهوتًا وناسوتًا وملكوتًا بمجموع الإعلاناتِ: «أَنَا يَسُوعُ، أَرْسَلْتُ مَلاَكِي لأَشْهَدَ لَكُمْ بِهذِهِ الأُمُورِ عَنِ الْكَنَائِسِ. أَنَا أَصْلُ وَذُرِّيَّةُ دَاوُدَ. كَوْكَبُ الصُّبْحِ الْمُنِيرُ» (رؤ٢٢: ١٦)! أنحن في خاتمةِ سفرِ راعوث أم في خاتمةِ سفر الرؤيا وزُبدِ الإعلاناتِ؟ فهل تقبعين يا نفسي في أحزانِكِ أم تُرجَعينَ؟ فهذا ما اقترفتيه طويلاً، ولكن هذه سماءُ المعجزات!


بطرس نبيل