ذكرنا في العدد السابق من المجلة، أن العهد الجديد يُسجل ٧ آيات صنعها الرب يسوع بالارتباط باحتياجات بطرس. هذه الآيات تُعلمنا الكثير، لأن ذات الدروس التي كان على بطرس أن يتعلَّمها، قد سُجلت لتعليمنا ولمساعدتنا، لنخدم السَيِّد بطريقة أفضل. وقد تأملنا فيما سبق في أربع آيات:
الآية الأولى: صيد السمك الكثير (لو ٥: ١-١١).
الآية الثانية: شفاء حماة بطرس (مت ٨: ١٤، ١٥؛ مر ١: ٢٩-٣١؛ لو ٤: ٣٨، ٣٩).
الآية الثالثة: السير فوق الماء (مت ١٤: ٢٢-٣٣).
الآية الرابعة: السمكة والإستار (مت ١٧: ٢٤-٢٧).
ونواصل في عددنا هذا التأملات في هذا الموضوع الشيّق:
«وَبَيْنَمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ إِذَا جَمْعٌ، وَالَّذِي يُدْعَى يَهُوذَا، أَحَدُ الاِثْنَيْ عَشَرَ، يَتَقَدَّمُهُمْ، فَدَنَا مِنْ يَسُوعَ لِيُقَبِّلَهُ. فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: يَا يَهُوذَا، أَبِقُبْلَةٍ تُسَلِّمُ ابْنَ الإِنْسَانِ؟ فَلَمَّا رَأَى الَّذِينَ حَوْلَهُ مَا يَكُونُ، قَالُوا: يَا رَبُّ، أَنَضْرِبُ بِالسَّيْفِ؟ وَضَرَبَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَبْدَ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ فَقَطَعَ أُذْنَهُ الْيُمْنَى. فَقَالَ يَسُوعُ: دَعُوا إِلَى هَذَا! وَلَمَسَ أُذْنَهُ وَأَبْرَأَهَا» (لو ٢٢: ٤٧-٥٠).
لقد قُبض على الرب في بستان جثسيماني وأراد بطرس أن يدافع عن سيده بحسن نية كما هو واضح، إلا أنه كان مخطئًا تمامًا. يعتقد الكثيرون أنه طالما أنك مخلص فيما تفعل، فلا بأس، لكن فعلة بطرس - رغمًا عن إخلاصه - لم يحالفه فيها الصواب مطلقًا. ليس قبل ذلك بكثير اعترض بطرس بدوافع نقية عندما تحدث الرب عن آلامه العتيدة، فما كان من الرب إلا أن وبخه، لكن يبدو أنه لم يتعلَّم الدرس بعد. لسنا أفضل منه بل نحن بطيئي التعلم (لو ٢٤: ٢٥). كل هذه الأمور كتبت من أجل تعليمنا، وهكذا نتعلَّم الكثير من الآية الخامسة التي صنعها الرب ليُعين بطرس. لوقا الطبيب وحده هو من سجل أن الرب شفى مَلْخُس عبد رئيس الكهنة، مُعيدًا له أذنه التي قطعها بطرس. وبعد تتميم عمل المسيح على الصليب – وموته وقيامته وصعوده إلى السماء – ابتدأ بطرس يفهم. الآن أصبح مستعدًا لأن يفسر للجموع في أورشليم، أن خطة الله كما تنبأ عنها الكثيرون من كتبة العهد القديم، كان ينبغي أن تتم (أع ٢: ٢٢، ٢٣)، تمامًا كما سبق الرب وأخبرهم (مت ٢٦: ٥٤). بحمله السيف في غيرته كان بطرس حجر عثرة للرب، وكان سيُوقع نفسه في مشاكل جمة أيضًا لو لم يشفِ الرب الخادم. «فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: رُدَّ سَيْفَكَ إِلَى مَكَانِهِ. لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ السَّيْفَ بِالسَّيْفِ يَهْلِكُونَ!» (مت ٢٦: ٥٢). للأسف في تاريخ الكنيسة لم تُحترم وصية الرب هذه فأتت العواقب وخيمة. «أَتَظُنُّ أَنِّي لاَ أَسْتَطِيعُ الآنَ أَنْ أَطْلُبَ إِلَى أَبِي فَيُقَدِّمَ لِي أَكْثَرَ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ جَيْشًا مِنَ الْمَلاَئِكَةِ؟ فَكَيْفَ تُكَمَّلُ الْكُتُبُ: أَنَّهُ هَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ؟» (مت ٢٦: ٥٣، ٥٤). لم يزل بطرس بحاجة لأن يتعلَّم الخضوع لأفكار الله، التي هي أعلى من أفكار الإنسان (إش ٥٥: ٨). إن العدو يريدنا أن نأخذ الأمور على عاتقنا، لكن هذه الآية التي صنعها الرب أثناء القبض عليه توضح لنا أنه ليس من الصواب أن نأخذ الأمور بين أيدينا نحن.
«بَعْدَ هَذَا أَظْهَرَ أَيْضًا يَسُوعُ نَفْسَهُ لِلتّلاَمِيذِ عَلَى بَحْرِ طَبَرِيَّةَ. ظَهَرَ هَكَذَا: كَانَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ، وَتُومَا الَّذِي يُقَالُ لَهُ التَّوْأَمُ، وَنَثَنَائِيلُ الَّذِي مِنْ قَانَا الْجَلِيلِ، وَابْنَا زَبْدِي، وَاثْنَانِ آخَرَانِ مِنْ تلاَمِيذِهِ مَعَ بَعْضِهِمْ. قَالَ لَهُمْ سِمْعَانُ بُطْرُسُ: أَنَا أَذْهَبُ لأَتَصَيَّدَ. قَالُوا لَهُ: نَذْهَبُ نَحْنُ أَيْضًا مَعَكَ. فَخَرَجُوا وَدَخَلُوا السَّفِينَةَ لِلْوَقْتِ. وَفِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ لَمْ يُمْسِكُوا شَيْئًا. وَلَمَّا كَانَ الصُّبْحُ، وَقَفَ يَسُوعُ عَلَى الشَّاطِئِ. وَلَكِنَّ التّلاَمِيذَ لَمْ يَكُونُوا يَعْلَمُونَ أَنَّهُ يَسُوعُ. فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: يَا غِلْمَانُ أَلَعَلَّ عِنْدَكُمْ إِدَاماً؟ أَجَابُوهُ: لاَ! فَقَالَ لَهُمْ: أَلْقُوا الشَّبَكَةَ إِلَى جَانِبِ السَّفِينَةِ الأَيْمَنِ فَتَجِدُوا. فَأَلْقَوْا، وَلَمْ يَعُودُوا يَقْدِرُونَ أَنْ يَجْذِبُوهَا مِنْ كَثْرَةِ السَّمَكِ. فَقَالَ ذَلِكَ التِّلْمِيذُ الَّذِي كَانَ يَسُوعُ يُحِبُّهُ لِبُطْرُسَ: هُوَ الرَّبُّ. فَلَمَّا سَمِعَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ أَنَّهُ الرَّبُّ، اتَّزَرَ بِثَوْبِهِ، لأَنَّهُ كَانَ عُرْيَانًا، وَأَلْقَى نَفْسَهُ فِي الْبَحْرِ. وَأَمَّا التّلاَمِيذُ الآخَرُونَ فَجَاءُوا بِالسَّفِينَةِ، لأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا بَعِيدِينَ عَنِ الأَرْضِ إِلاَّ نَحْوَ مِئَتَيْ ذِرَاعٍ، وَهُمْ يَجُرُّونَ شَبَكَةَ السَّمَكِ. فَلَمَّا خَرَجُوا إِلَى الأَرْضِ نَظَرُوا جَمْرًا مَوْضُوعًا وَسَمَكًا مَوْضُوعًا عَلَيْهِ وَخُبْزًا. قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: قَدِّمُوا مِنَ السَّمَكِ الَّذِي أَمْسَكْتُمُ الآنَ. فَصَعِدَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ وَجَذَبَ الشَّبَكَةَ إِلَى الأَرْضِ، مُمْتَلِئَةً سَمَكًا كَبِيرًا مِئَةً وَثلاَثًا وَخَمْسِينَ. وَمَعْ هَذِهِ الْكَثْرَةِ لَمْ تَتَخَرَّقِ الشَّبَكَةُ. قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: هَلُمُّوا تَغَدَّوْا! وَلَمْ يَجْسُرْ أَحَدٌ مِنَ التّلاَمِيذِ أَنْ يَسْأَلَهُ: مَنْ أَنْتَ؟ إِذْ كَانُوا يَعْلَمُونَ أَنَّهُ الرَّبُّ. ثُمَّ جَاءَ يَسُوعُ وَأَخَذَ الْخُبْزَ وَأَعْطَاهُمْ وَكَذَلِكَ السَّمَكَ. هَذِهِ مَرَّةٌ ثَالِثَةٌ ظَهَرَ يَسُوعُ لِتلاَمِيذِهِ بَعْدَمَا قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ» (يو٢١: ١-١٤).
إن الآية السادسة التي صنعها الرب خصيصًا من أجل بطرس حدثت بعد قيامة المسيح وأثناء الـ٤٠ يوم التي كان فيها مع تلاميذه. وهي المرة الثالثة التي ظهر فيها المسيح لتلاميذه بعد القيامة، والتي تمدنا بنص رد نفس بطرس، بعد إنكاره لسيده. عندما ميّز التلميذ يوحنا أنه «هُوَ الرَّبُّ» (ع ٧)، رأى الجميع أنه قد أعد كل شيء ليتغذوا. فهذا من وجهة يبين أن الرب كفيل بتسديد كل احتياجهم، لكن من الوجهة الأخرى أنه يريدهم أن يشتركوا معه.
لقد فهم بطرس ذلك وجذب الشبكة ممتلئة سمكًا كبيرًا إلى الشاطئ (ع ١١)، ولم تتخرق الشبكة، بعكس ما حدث بعد الآية الأولى للسمك، عندما دعا الرب بطرس وآخرين ليتبعوه. على أساس موت المسيح وقيامته تأسس نظامًا جديدًا: الرب يفعل كل شيء، لكنه يريد خاصته أن يشتركوا ويعملوا معه. ولكي يحدث هذا لا مجال للشك أو عدم الثقة أو أي نوع من الفشل. وينبغي أن تُرد نفس بطرس علنًا قبل أن يتمكّن من أن يثبّت إخوته (لو ٢٢: ٣٢). من اللافت للنظر أن الرب استخدم الطعام «هَلُمُّوا تَغَدَّوْا!» (ع ١٢)، كخلفية لرد نفس بطرس العلني. إنه يذكرنا بالتعليمات التي أعطاها بولس، أن يحكم الإنسان على نفسه ويمتحنها «وَلَكِنْ لِيَمْتَحِنِ الإِنْسَانُ نَفْسَهُ، وَهَكَذَا يَأْكُلُ مِنَ الْخُبْزِ وَيَشْرَبُ مِنَ الْكَأْسِ» (١كو ١١: ٢٨).
«فَبَعْدَ مَا تَغَدَّوْا قَالَ يَسُوعُ لِسِمْعَانَ بُطْرُسَ: يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا، أَتُحِبُّنِي أَكْثَرَ مِنْ هَؤُلاَءِ؟ قَالَ لَهُ: نَعَمْ يَا رَبُّ، أَنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي أُحِبُّكَ. قَالَ لَهُ: ﭐرْعَ خِرَافِي. قَالَ لَهُ أَيْضاً ثَانِيَةً: يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا، أَتُحِبُّنِي؟ قَالَ لَهُ: نَعَمْ يَا رَبُّ، أَنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي أُحِبُّكَ. قَالَ لَهُ: ﭐرْعَ غَنَمِي. قَالَ لَهُ ثَالِثَةً: يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا، أَتُحِبُّنِي؟ فَحَزِنَ بُطْرُسُ لأَنَّهُ قَالَ لَهُ ثَالِثَةً: أَتُحِبُّنِي؟ فَقَالَ لَهُ: يَا رَبُّ، أَنْتَ تَعْلَمُ كُلَّ شَيْءٍ. أَنْتَ تَعْرِفُ أَنِّي أُحِبُّكَ. قَالَ لَهُ يَسُوعُ: ﭐرْعَ غَنَمِي. اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: لَمَّا كُنْتَ أَكْثَرَ حَدَاثَةً كُنْتَ تُمَنْطِقُ ذَاتَكَ وَتَمْشِي حَيْثُ تَشَاءُ. وَلَكِنْ مَتَى شِخْتَ فَإِنَّكَ تَمُدُّ يَدَيْكَ وَآخَرُ يُمَنْطِقُكَ وَيَحْمِلُكَ حَيْثُ لاَ تَشَاءُ. قَالَ هَذَا مُشِيرًا إِلَى أَيَّةِ مِيتَةٍ كَانَ مُزْمِعًا أَنْ يُمَجِّدَ اللَّهَ بِهَا. وَلَمَّا قَالَ هَذَا قَالَ لَهُ: ﭐتْبَعْنِي» (يو ٢١: ١٥-١٩).
إن الآية المذكورة في إنجيل يوحنا التي حدثت بعد قيامة الرب (ع ٦-١٣)، أعطتنا الخلفية للجزء الختامي من رد نفس بطرس. لقد استعاد الرب العلاقة مع تلاميذه، والآن أعاده إلى ملء الشركة مع باقي التلاميذ. لما وضع بطرس ثقته في نفسه مرة، ادعى أنه لن ينكر الرب أبدًا (مت ٢٦: ٣٣- ٣٥). بهذه الثقة في الذات كان لا بد لبطرس أن يفشل. إلا أن الرب لم ينحى تلميذه جانبًا، كلا، بل رده وساعده أن يضع ثقته فعليًا فيه. في يوحنا ٢١ هناك تأكيد على ما أعده الرب؛ لقد جهز كل شيء، لكن يوجد أيضًا مجال لبطرس ليعمل به، وهو أن يجر الشبكة، إلخ. في كل هذا، نجد توازنًا ملحوظًا بين عمل الله ومسؤولية الإنسان.
بطريقة بسيطة لكن عميقة وبالأسئلة الثلاثة التي سألها لبطرس رد الرب نفس تلميذه تمامًا. قبل إنكاره الرب، يبدو أن بطرس كان يظن أنه أفضل من باقي التلاميذ، أما الآن فقد تعلم أن يحكم على ذاته تمامًا ويضع ثقته كاملة في الرب. على هذا الأساس أمكن للرب أن يأتمن بطرس على عناية خاصة بالقطيع، وليس السيادة على القطيع (١بط ٥: ٣)، بل ليُطعم القطيع ويقوده حسب احتياجه، ولمجد الله. بلا شك كان بطرس بعد رد نفسه ليتفق تمامًا مع صلاة داود «اخْتَبِرْنِي يَا اللهُ وَاعْرِفْ قَلْبِي. امْتَحِنِّي وَاعْرِفْ أَفْكَارِي. وَانْظُرْ إِنْ كَانَ فِيَّ طَرِيقٌ بَاطِلٌ، وَاهْدِنِي طَرِيقاً أَبَدِيًّا» (مز ١٣٩: ٢٣، ٢٤). إننا جميعًا بحاجة إلى هذا التوَّجه، حتى نبقى قريبين من الرب.
«وَفِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مَدَّ هِيرُودُسُ الْمَلِكُ يَدَيْهِ لِيُسِيَء إِلَى أُنَاسٍ مِنَ الْكَنِيسَةِ، فَقَتَلَ يَعْقُوبَ أَخَا يُوحَنَّا بِالسَّيْفِ. وَإِذْ رَأَى أَنَّ ذَلِكَ يُرْضِي الْيَهُودَ، عَادَ فَقَبَضَ عَلَى بُطْرُسَ أَيْضًا. وَكَانَتْ أَيَّامُ الْفَطِيرِ. وَلَمَّا أَمْسَكَهُ وَضَعَهُ فِي السِّجْنِ، مُسَلِّمًا إِيَّاهُ إِلَى أَرْبَعَةِ أَرَابِعَ مِنَ الْعَسْكَرِ لِيَحْرُسُوهُ، نَاوِيًا أَنْ يُقَدِّمَهُ بَعْدَ الْفِصْحِ إِلَى الشَّعْبِ. فَكَانَ بُطْرُسُ مَحْرُوسًا فِي السِّجْنِ، وَأَمَّا الْكَنِيسَةُ فَكَانَتْ تَصِيرُ مِنْهَا صَلاَةٌ بِلَجَاجَةٍ إِلَى اللهِ مِنْ أَجْلِهِ.
وَلَمَّا كَانَ هِيرُودُسُ مُزْمِعًا أَنْ يُقَدِّمَهُ، كَانَ بُطْرُسُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ نَائِمًا بَيْنَ عَسْكَرِيَّيْنِ مَرْبُوطًا بِسِلْسِلَتَيْنِ، وَكَانَ قُدَّامَ الْبَابِ حُرَّاسٌ يَحْرُسُونَ السِّجْنَ. وَإِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ أَقْبَلَ، وَنُورٌ أَضَاءَ فِي الْبَيْتِ، فَضَرَبَ جَنْبَ بُطْرُسَ وَأَيْقَظَهُ قَائِلاً: قُمْ عَاجِلاً! فَسَقَطَتِ السِّلْسِلَتَانِ مِنْ يَدَيْهِ. وَقَالَ لَهُ الْمَلاَكُ: تَمَنْطَقْ وَالْبَسْ نَعْلَيْكَ. فَفَعَلَ هَكَذَا. فَقَالَ لَهُ: الْبَسْ رِدَاءَكَ وَاتْبَعْنِي. فَخَرَجَ يَتْبَعُهُ. وَكَانَ لاَ يَعْلَمُ أَنَّ الَّذِي جَرَى بِوَاسِطَةِ الْمَلاَكِ هُوَ حَقِيقِيٌّ، بَلْ يَظُنُّ أَنَّهُ يَنْظُرُ رُؤْيَا. فَجَازَا الْمَحْرَسَ الأَوَّلَ وَالثَّانِيَ، وَأَتَيَا إِلَى بَابِ الْحَدِيدِ الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى الْمَدِينَةِ، فَانْفَتَحَ لَهُمَا مِنْ ذَاتِهِ، فَخَرَجَا وَتَقَدَّمَا زُقَاقًا وَاحِدًا، وَلِلْوَقْتِ فَارَقَهُ الْمَلاَكُ» (أع ١٢: ١-١٠).
إن الآية السابعة التي صنعها الرب بالارتباط باحتياجات بطرس كانت من خلال تدخله من السماء، كما يفعل أيضًا أثناء زمن النعمة من السماء. وليتمم الرب هذه الآية استخدم الرب ملاكًا «مَلاَكُ الرَّبِّ». إن بطرس دائم النشاط مستريح الآن، واثق تمامًا في الرب الذي قال له إن خدمته ستستمر إلى أن يشيخ (يو ٢١: ١٨-١٩). هكذا علم بطرس أن وقت موته لم يحن بعد، لذلك استطاع أن ينام، بالرغم من علمه أن الملك هيرودس أمر بقتله في اليوم التالي. لقد أفسح الفصح اليهودي المجال لفترة زمنية بين القبض على بطرس وبين إعدامه كما خطط هيرودس. هذا التأخير أتاح وقتًا للمؤمنين أن يصلوا بلجاجة من أجل إنقاذ بطرس، ومما لا شك فيه أن الله استخدم هذه الصلوات.
إن السبع آيات التي صنعها الرب من أجل تلميذه زودته ليكون «إِنَاءً لِلْكَرَامَةِ، مُقَدَّسًا، نَافِعًا لِلسَّيِّدِ، مُسْتَعَدًّا لِكُلِّ عَمَلٍ صَالِحٍ» (٢تي ٢: ٢١). وهكذا استخدمه صانعًا به آيات. هناك العديد من الأحداث في سفر الأعمال التي تبرهن على هذه النقطة. هل يستطيع الرب أن يستخدمك ويستخدمني لنكون أدواته؟ يا رب اجعلني بركة، ولو لواحد، اليوم!