«ترك اليهودية ومضى أيضًا إلى الجليل. وكان لا بد له أن يجتاز السامرة» (يو4: 3، 4).
****
تعجبنا كلنا رحلة الابن المُسرف التي قام بها من الكورة البعيدة، أرض مذلته وتعاسته، متجهًا إلى بيت أبيه (لو15)، لأنها صورة مؤثرة لرجوع الخاطئ التائب، تحت عمل وإرشاد الروح القدس، إلى الله. على أنه توجد في الإنجيل رحلة أخرى تختلف عن رحلة الابن المُسرف اختلافًا كُليًا، أو بالحري تتناسب معها تناسبًا تبادليًا مَحضًا. ونعني بها رحلة ذاك المجيد الذي أتى من السماء، من عند الآب، متجهًا إلى الكورة البعيدة. مفتشًا عن ضالته في عالم الخطاة. إنه ـ تبارك اسمه ـ هو الذي نراه قائمًا بتلك الرحلة الثانية، فنراه يذهب إلى السامرة النجسة، التي هي صورة لهذا العالم المرفوض، إذ إنها كانت كالأبرص، منفصلة انفصالاً كاملاً عن أرض البر والقداسة، ومُعتَبرة كأنها شيء خارج المحلة. ومع ذلك، فإلى هذه الأرض الملعونة ـ أرض الضالين المُسرفين ـ قد ذهب الرب يسوع مفتشًا عن امرأة خاطئة، وهي كأنها لم تَزَل مع الخنازير في حقل رجل غريب، مُشتهية أن تأكل من الخرنوب، ولكن لا تجد شيئًا لنفسها.