يا لها من كلمات رائعة نطقت بها شفتا ربنا يسوع المسيح! وكم تحوي فحوى هذه الكلمات من تشجيع لنفوسنا! لذا يلذ لنا أن نتأملها بخشوع في روح الصلاة.
من الأمور الواضحة التي لا تقبل شكًا ولا ريبًا أن الإنسان الطبيعي لا يتبع الرب بل خططه، كما يجري وراء طموحاته، ويلهث وراء المتع العالمية، ومن ثم فهو يتبع بكل قلبه كل ما ينطبق عليه القول المكتوب: «جميعها للفناء في الاستعمال» (كو2: 22) أما بالنسبة لنا فلقد افتدينا «لا بأشياء تفنى». لذا يحق لنا أن نهتف من أعماقنا «أتبعك يا سيد»، فأي شخص يستحق أن نتبعه سوى ذاك الذي مات عنا هنا ويحيا في المجد لأجلنا وسيأتي ثانية ليأخذنا لنفسه.
لقد قال الرب هذه الكلمات لبطرس بعد سقوطه ورد نفسه “اتبعني” (يو21: 19) لكن كان لا بد له أن يتعلم أولاً، من خلال الاختبار المرير، أنه ليست لديه القدرة في ذاته علي تبعية الرب، وأن يدرك عمليًا كيف تُقتلع الثقة بالنفس، وتستأصل من قلبه، وأن يفهم تمامًا أن القلب أخدع من كل شيء، وهو نجيس. من يعرفه؟
في يوحنا 13: 36- 37 نجد بطرس لديه رغبة شديدة في أن يعرف إلي أين يذهب سيده. «يا سيد إلي أين تذهب؟». فأجابه الرب: «حيث أذهب أنا، لا تقدر الآن أن تتبعني». لكن يا لها من كلمات مشجعة يضيفها الرب: «ولكنك ستتبعني أخيرًا»! “أخيرًا”، بعد كل ما تجتاز فيه من اختبارات: بعد اختبار السقوط، «إذًا من يظن أنه قائم فلينظر أن لا يسقط» (1كو10: 12)؛ وبعد اختبار التوبة، إذ “خرج إلي خارج وبكي بكاءً مرًا”، بعد اختبار كسر الإرادة الذاتية، وبعد التمتع برد النفس؛ بعد كل هذا، سوف تتبعني خلال حياتك، وخلال موتك، عندما يختفي كل شي آخر من أمام عينيك، لن تري في ذلك الوقت سوي يسوع !!! أجابه بطرس: «لماذا لا أقدر أن أتبعك الآن؟ إني أضع نفسي عنك». مسكين بطرس! حيث لم يفهم أنه سوف يتبع الرب بوجه أكمل ليس بعد أن يضع هو نفسه عن الرب، لكن بعد أن يضع الرب نفسه عنه!!
وعلي الرغم مما قاله بطرس، ففي تلك الليلة بالذات خاف علي حياته، فأنكر ثلاث مرات أنه لا يعرف المسيح، ذات الشخص الدذي كان يرغب وبشدة أن يضع نفسه عنه. هذا هو الإنسان، وكذلك نحن أيضًا بالطبيعة، لكن شكرًا لله فالذي استطاع أن يرد نفس بطرس ويرسله للخدمة – بعد أن تعلم الدرس – يمكنه أن يعضدنا ويشجعنا. وإذا دعت الحاجة يرد نفوسنا أيضًا وفي لحظة رد نفوسنا نسمع كلمته الحلوة “اتبعني”.