«إِلَى خَاصَّتِهِ جَاءَ، وَخَاصَّتُهُ لَمْ تَقْبَلْهُ»(يو ١: ١١)
هذه الصورة تُمثل المسيح آتٍ بنعمة لا حدود لها لأولئك الذين يُحبهم: خاصته وشعبه. ولكنهم لم يقبلوه، وليس ذلك فقط، بل وأغلقوا أبوابهم في وجهه. كانت هذه واحدة من الأشياء المُحزنة عن إرسالية المُخلِّص لهذا العالم. كان هو الحياة، وإله المجد، وقد جاء ليُحضِر لهم السماء إلى الأرض، ولكن عندما وقف أمام أبواب البشر وقرع، أغلقوا أبوابهم في وجهه، فما كان عليه إلا أن يتحول عنهم ويتركهم، مع أن في يديه بركات وعطايا ثمينة أحضرها لهم. فهؤلاء اليهود – خاصته – كانوا ناكرين لفضله ولجوده لأقصى حد، حتى إنهم عاملوا مسياهم بهذه الطريقة، فضلاً عن أن رفضهم له تمخض عن أكبر الضرر لأنفسهم، إذ بعدم قبولهم للمسيح بمنتهى الغلظة، قد طوحوا بعيدًا بأمجد أمور السماء والأبدية!
ولكن ماذا عن أنفسنا؟ لقد جاء المسيح، وما زال يأتي إلينا، ويداه مملوءتان بالبركات. وهو يهب الحياة الأبدية. فهل نقبله؟ أليس صحيحًا عنا الآن أنه يجيء إلى خاصته، وخاصته لا تقبله؟! هل حقًا أننا نأخذ من يد المسيح كل ما يُقدّمه لنا؟ ألسنا نُحزنه يوميًا، ونحرم أنفسنا من البركات، بأن نرفض ما أحضره لنا؟ نحن نرفض المسيح على وجه الخصوص عندما يأتي إلينا في رداء الحزن والألم. إنه - تبارك اسمه – كثيرًا ما يُحضر أثمن وأغنى البركات من مخازن نعمته، ولكن كم مرة نستقبل المسيح بسرور، ونقبل العطايا من يده برضى وشكر، عندما يأتي إلينا بأوقات الحزن والمعاناة، مثلما يأتي في رداء الفرح والنجاح العالمي؟ «أَالْخَيْرَ نَقْبَلُ مِنْ عِنْدِ اللهِ، وَالشَّرَّ لاَ نَقْبَلُ؟» (أي ٢: ١٠). لماذا لا نفعل هذا؟! ألا نثق في محبته التي لا تتغير، وفي حكمته التي لا تُخطئ؟ إنه لا يُعطينا قط الألم إلا إذا كان هذا الألم هو الأفضل لنا. إنه لا يؤدب قط ما لم يكن في التأديب بركات وفيرة.
جيمس ر. ميللر