«كَانَ نُوحٌ رَجُلاً بَارّاً كَامِلاً فِي أَجْيَالِهِ. وَسَارَ نُوحٌ مَعَ اللهِ» (تك6: 9)
يالها من إهانة نجلبها على اسم الرب عندما تُظهر حياتنا العملية أننا ننسى أو نتناسى ما تقوله كلمة الله عن الدينونة المقبلة، عندما تحكم حياتنا - معظمها أو كلها – الأمور الأرضية كما لو كنا سنخلد هنا على الأرض، وعندما لا نأخذ في حسباننا أنه سريعًا ستحترق الأرض والمصنوعات التي فيها بنيران الدينونة.
كيف سيصدق غير المؤمنين كلامنا وتبشيرنا بالإنجيل عندما يرون أننا، مثلنا مثلهم، نعيش من أجل المادة، وأننا، مثلنا مثلهم، نصدق بالكاد أن العالم قد وُضع في الشرير، وأن دينونته عاجلة.
قبيل الحرب العالمية الثانية أبدى أحدهم ملحوظة عن المسيحيين قال فيها: “إنهم يتكلمون عن مجىء الرب كما لو كان سيأتي ما بين لحظة وأخرى، ولكنهم يبنون بيوتًا جميلة وفاخرة كما لو كانوا، هم أو أطفالهم سيعيشون خمسمائة عامًا أخرى”.
وإذ عرف نوح أن الدينونة لا محالة قادمة، لم يكن لديه وقت، بل ولم يبدِ رغبة لأن يبني بيتًا، أو يكون رجل أعمال صاحب ثروة كبيرة، أو يبحث عن المتعة. كان كل ما يشغله هو بناء فلك خشبي طوله حوالي 150 مترًا، وعرضه 25 مترًا، وارتفاعه 15 مترًا، ويتكون من ثلاثة أدوار. وهنا نطرح عددًا من الأسئلة:
كيف حصل نوح على كل هذه المواد التي يتكون منها الفلك؟ ... وكم كلَّفه الفلك؟ ... من أين أتى بالنقود اللازمة؟ ... وكيف توفر الوقت اللازم للبناء؟ ... وكيف تسنت له القوة لإتمام العمل؟ ... ومن أين أتى بالطعام اللازم له ولأسرته، ولكافة الحيوانات التي دخلت معه الفلك، لمدة تزيد على العام؟ ... كيف أكمل كل ذلك؟ ... سنعرف الإجابة على كل هذه الأسئلة عندما نتفكر قليلاً في هذه العبارة: «وَسَارَ نُوحٌ مَعَ اللهِ».