قيادة الروح القدس في الاجتماع
«لأنه لواحد يُعطى بالروح كلام حكمة ولآخر كلام علم بحسب الروح الواحد» (1كو12: 8)
إن قيادة الروح القدس ليست بتأثيرات غامضة وإرشادات غير معقولة، بل امتلاء إدراكنا الروحي بأفكار الله كما أعلنها لنا في كلمته المكتوبة، وبواسطة التأثير على عواطفنا المتجددة. من هذا يتضح أن أقل ما يُنتظر من الذين يخدمون، أن يكونوا دارسين كلمة الله، وقد أدركوا فكر الله كما أعلنه في كتابه، ويُلاحظ أنه قد يوجد واحد له هذه المعرفة بدون أن تكون له القدرة على توصيلها إلى الآخرين. ولكن الذي ليس عنده معرفة بالكتاب، ماذا عنده لتبليغه إلى أذهان السامعين؟ لا شك أن القديسين لا يجتمعون معًا باسم الرب يسوع من حين إلى آخر، لكي تُتلى على مسامعهم أفكار تافهة بشرية، أو أقوال سمعها المتكلم من غيره، أو قرأها في كتابات البشر. فمعرفة كلمة الله المعرفة الشخصية والإلمام بالكتاب المقدس، وفهم محتوياته؛ هذه كلها بدون شك لازمة وضرورية لخدمة الكلمة (اقرأ مت13: 51، 52؛ أع18: 24).
ثم انظر ماذا يذكر الرسول كشرط لازم عندما يكتب للقديسين في كولوسي أن ينذروا ويعلّموا بعضهم بعضًا: «لتسكن فيكم كلمة المسيح بغنى، وأنتم بكل حكمة مُعلمون ومُنذرون بعضكم بعضًا بمزامير وتسابيح وأغاني روحية بنعمة، مُترنمين في قلوبكم للرب: (كو3: 16).
وإلى تيموثاوس يقول: «.. خادمًا صالحًا ليسوع المسيح، مُتربيًا بكلام الإيمان والتعليم ... اعكف على القراءة والوعظ والتعليم .. اهتم بهذا كُن فيه ..» (1تي4: 6- 16).
من هذه الشواهد جميعها، يظهر يا أخوتي أن بُنيان الكنيسة لا يقوم بمعرفة بعض قشور من الحقائق وإلقائها على السامعين كلما لاحت الفرصة لذلك. بل إن الذين يستخدمهم الروح القدس لرعاية وتغذية وقيادة شعب الله، هم الذين تثقفت نفوسهم بكلمة الله، والذين صارت لهم الحواس مُدربة للتمييز بين الخير والشر (عب5: 14).
على أن الإلمام بكلمة الله وحده غير كافِ، بل يجب تطبيقها على ضمائر القديسين، بحيث توافق ظروفهم وتسد إعوازهم، ولأجل ذلك يلزم أن الخادم يتعرَّف بالذين يخدم في وسطهم ويختبر أحوالهم. ولكن الإرشاد يأخذه من الله رأسًا. والروح القدس يعرف حاجة كل فرد، كما يعرف حاجة الجماعة إجمالاً، لذلك يستطيع أن يرشد المتكلمين إلى الأقوال المناسبة بحسب احتياج الحاضرين، سواء كان المتكلم يعرف أحوال السامعين أم لا. فما ألزم الخضوع لقيادة الروح القدس خضوعًا تامًا.