أعداد سنوية | أعداد سابقة | عن المجلة | إتصل بنا
 
 
عدد مارس السنة 2010
داود والملك شاول
تكبير خط المقالة تصغير خط المقالة

تظهر سيره حياة كلٍّ من داود وشاول اختلافًا شاسعًا:

فداود كان رجل الله، بينما انتمى شاول للشيطان.  كان داود رجلاً حسب قلب الله، بينما كان شاول رجلاً حسب قلب الناس.  كان داود اختيار الله للمُلك، بينما اختار الناس شاول – ومنحهم الله رغبتهم.

عندما مسح صموئيل داود «حَلَّ رُوحُ الرَّبِّ عَلَى دَاوُدَ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ فَصَاعِدًا ... وَذَهَبَ رُوحُ الرَّبِّ مِنْ عِنْدِ شَاوُلَ، وَبَغَتَهُ رُوحٌ رَدِيءٌ مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ» (1صم16: 13-14).  ونقرأ: «وَكَانَ دَاوُدُ مُفْلِحاً فِي جَمِيعِ طُرُقِهِ وَالرَّبُّ مَعَهُ» (1صم18: 14).  وهذا ما لا نقرأه مطلقًا عن شاول.

رفض الرب شاول من المُلك بسبب تمرده وعناده المتكرر.  بينما أسَّس الرب مملكة داود وقطع معه عهدًا بأنه سيجلس نسله على العرش للأبد – إشارة لربنا يسوع (2صم7: 16).

كان داود رجل صلاة وسبَّح الله باستمرار من كل قلبه (مز34: 1؛ 9: 1).  بينما لا نقرأ أن شاول صلَّى سوى مرتين (1صم14: 37؛ 28: 6).  فكلَّما أراد داود معرفة مشيئة الرب، كان يسأل الرب باستمرار، والرب كان يجيبه.  بينما في المرتين الذي سأل فيهما شاول الرب، رفض الرب أن يُجيبه!

عندما كان شاول عبدًا متضعًا، أعطاه الله المملكة، ولكن عندما بدأ شاول في التكبر، فَقَد مملكته. فالكبرياء كان الخطية التي أفقدت شاول شخصيته، تاجه وحياته.  بينما التواضع هو النعمة التي جعلت من داود ملكًا، وأكسبته مملكته.  وبنفس الطريقة ضمن المسيح أمن مملكته (في2: 8-9).

كان داود ينظر دائمًا لشاول باعتباره مسيح الرب واحترم مركزه، فأبقى على حياة شاول مرتين (1صم24؛ 26).  ومن الناحية الأخرى، علم شاول أن داود كان اختيار الله للمُلك، إلا أنه قام بمحاولات كثيرة لقتله.

أحب داود ابنه المتمرد أبشالوم، حتى بعدما تمرد عليه وأجبره على الهروب.  وأثناء الحرب الأهلية بينهما، أخبر داود قواده أن يترفَّقوا بأبشالوم.  فمع أن أبشالوم اشتاق لدماء أبيه إلا أن داود لم يفعل هكذا.  وفي تضاد تام، حاول شاول قتل ابنه يوناثان مرتين: أولاً، عندما عصيّ أمره الملكي بدون معرفة (1صم14: 44)، وثانيًا عندما ساعد يوناثان داود على الهروب (1صم20: 33).

تتَّسم تصرفات شاول الأخيرة بالظلمة «فَتَنَكَّرَ شَاوُلُ وَلَبِسَ ثِيَابًا أُخْرَى, وَذَهَبَ هُوَ وَرَجُلاَنِ مَعَهُ وَجَاءُوا إِلَى الْمَرْأَةِ لَيْلاً ... وَقَامُوا وَذَهَبُوا فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ» (1صم28: 8، 25). بينما تتَّسم أيام داود الأخيرة بالنور «دَاوُدَ ... كَنُورِ الصَّبَاحِ إِذَا أَشْرَقَتِ الشَّمْسُ.  كَعُشْبٍ مِنَ الأَرْضِ فِي صَبَاحٍ صَحْوٍ مُضِيءٍ غِبَّ الْمَطَرِ» (2صم23: 1، 4).

كانت حياة شاول عبارة عن مجموعة متلاحقة من الحفلات التنكرية، والتي وصلت قمَّتها في زيارته لمغارة العرافة (1صم28).  ففي ازدواجية ونفاق قلبه هرب شاول لمغارة واكتشف أن الرب تركه.  ولكن في وحدة قلب داود هرب هو الآخر إلى مغارة ولكنه وجد هناك معونة الرب (1صم24).

ويمكننا أن نتعلم الكثير عندما نقارن بين موت داود وشاول: استطاع داود أن يوجِّه مملكته بثقة حتى نهاية حياته، متضمنًا اختيار سليمان ليخلفه في الملك (1مل1: 30)؛ ولكن شاول كان يترنَّح في الهزيمة فاقدًا السيطرة على نفسه وعلى مملكته، فمات في معركة مع الفلسطينيين، بينما «اضْطَجَعَ دَاوُدُ مَعَ آبَائِهِ وَدُفِنَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ» (1صم31: 1؛ 1مل2: 10).

شاول يحاول قتل داود

لم يستطع الملك المرتد اخفاء الحقيقة: أن رغبته هي قتل داود.  بالرغم من معرفة شاول بأن داود هو اختيار الله للمُلك، ظل يلتمس قتله.  فهو شخصيًا حاول مرتين قتل داود بالرمح عندما اقتحم شاول “الروح الردي من قبل الله” وذلك في أثناء ضرب داود على العود ليهدئه، فتحول داود من أمامه مرتين (1صم18: 11؛ 19: 9).  من الوقت الذي قتل فيه داود جليات، غار شاول لأن الشعب مجَّد داود. فأعطى ابنته ميكال زوجة لداود ليدخله في العائلة «فَتَكُونُ لَهُ شَرَكًا، وَتَكُونُ يَدُ الْفِلِسْطِينِيِّينَ عَلَيْهِ» (1صم18: 21).  فكانت إرادة شاول أن يحارب داود الفلسطينيين راجيًا بذلك موته في المعركة «فَإِنَّ شَاوُلَ قَالَ: لاَ تَكُنْ يَدِي عَلَيْهِ, بَلْ لِتَكُنْ عَلَيْهِ يَدُ الْفِلِسْطِينِيِّينَ» (1صم18: 17).  وبدل المهر أراد شاول “مائة غلفة من الفلسطينيين” فقط، وكان شاول يتفكَّر أن يوقع داود بيد الفلسطينيين (1صم18: 25). وأخيرًا أعطى شاول تعليمات لابنه يوناثان ولكل عبيده ليقتلوا داود (1صم19: 1)، حتى إنه أرسل رجاله لداود قائلاً: «اصْعَدُوا بِهِ إِلَيَّ ... لِكَيْ أَقْتُلَهُ» (1صم19: 15).

داود يذهب إلى البرية مُطارَدًا

كانت حياة داود عبارة عن سلسلة من المخاطر حتى وقت موت شاول.  لقد هرب من غضب شاول واختبأ في الغابات والكهوف.  فأثناء المطاردة التي استمرت من عشرة إلى أربع عشرة سنة، وصف داود نفسه كحيوان الصيد «هَيَّأُوا شَبَكَةً لِخَطَوَاتِي ... حَفَرُوا قُدَّامِي حُفْرَةً» (مز57: 6 انظر أيضًا 1صم26: 20؛ مز57: 4؛ 102: 6).

في هذه الأثناء كان داود في مدرسة الله يتعلَّم كيفية انتظاره والاتكال عليه.  ظلَّ موسى في مدرسة الله 40 سنة، أي ثلث حياته.  فلا بد لله أن يُعلم الصبر والاتكال لأي شخص ينوي هو أن يستخدمه بعد ذلك. ولقد تخرج داود من مدرسة الله بعد أن تغيَّر من راعي غنم إلى أعظم ملك في إسرائيل، بل إلى رجل حسب قلب الله.  فكثير من مزامير داود كُتبت أثناء فترة المطاردة.

داود يُبقي على حياة شاول

في 1صموئيل 24، كان داود هاربًا من شاول، مختبئًا في برية عين جدي الوعرة، وكان شاول يطلب داود بجيش مكون من 3000 رجل، بينما كل ما مع داود هو 600 رجل فقط.  دخل شاول الكهف حيث كان داود مختبئًا، وكان رجال شاول يحرسون خارجًا.  نام الملك المرتد حيث كان تحت رحمة الرجل الذي يطلبه، ووجد رجال داود فرصتهم فقالوا: «هُوَذَا الْيَوْمُ الَّذِي قَالَ لَكَ عَنْهُ الرَّبُّ:هَأَنَذَا أَدْفَعُ عَدُوَّكَ لِيَدِكَ فَتَفْعَلُ بِهِ مَا يَحْسُنُ فِي عَيْنَيْكَ» (1صم24: 4).  جاءت لداود الفرصة الذهبية؛ فضرْبة سيف واحدة سوف تُخلِّصه من عدوه اللدود، وتزيح الرجل الذي كان يفصل بينه وبين العرش، وتنهي حياة المطاردة والهروب.

كانت هذه لحظة حاسمة في حياة داود.  هل سوف يعالج الأمور بمعرفته أم يترك النقمة لله؟ فداود يعرف أن النقمة لله (تث32: 35؛ مز94: 1).  وكان داود يعرف أنه مُسح من قبل صموئيل ليُصبح ملكًا. فهل جاء وقته ليتخلَّص من عدوه ويعتلي العرش؟ لقد صرخ داود لله ليخلصه (مز54: 1، 2).  فهل كان هذا هو الوقت؟

كان الله يختبر إيمان داود، لأن الله قال: «لا تقتل» (خر20: 13).  هل سوف يُطيع داود وصيته؟ فكان الله يختبر داود الذي كتب: «إِيَّاكَ انْتَظَرْتُ الْيَوْمَ كُلَّهُ ... يَحْفَظُنِي الْكَمَالُ وَالاِسْتِقَامَةُ لأَنِّي انْتَظَرْتُكَ» (مز25: 5، 21).  وكتب أيضًا: «انْتَظِرِ الرَّبَّ وَاصْبِرْ لَهُ» (مز37: 7).  فهل سوف ينتظر توقيت الله؟

وهنا نجد درسًا لنا: علينا أن نتحذَّر جدًا من الاستنتاجات التي نرسمها من أحداث العناية الإلهية.  فنحن نميل إلى استغلال الفرص كيما نتبع رغابتنا نحن كما لو كان الله مصادقًا عليها.  والله يجرب قلوبنا ليكشف ما بها.  فعندما نعالج الأمور بأيدينا نحن فلسنا نسلك بعد بالإيمان أو بانتظاره هو.  وفي الواقع يكون لسان حالنا: “يا رب، لا يمكنني الثقة بك لتُدبِّر هذا الأمر، لذلك سوف أُدبِّره بنفسي”.

كيف تفاعل داود مع الامتحان؟ لقد انتصر الروح على الجسد «فَقَالَ لِرِجَالِهِ: حَاشَا لِي مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ أَنْ أَعْمَلَ هَذَا الأَمْرَ بِسَيِّدِي بِمَسِيحِ الرَّبِّ، فَأَمُدَّ يَدِي إِلَيْهِ لأَنَّهُ مَسِيحُ الرَّبِّ هُوَ» (1صم24: 6).  فالإيمان المستمد من الله دائمًا ما يطلب يد الله.  ففي جوابه على رجاله ذكر “الرب” ثلاث مرات.  فلم ينظر إلى شاول كعدو يريد قتله، بل كمسيح الرب «فَوَبَّخَ دَاوُدُ رِجَالَهُ بِالْكَلاَمِ، وَلَمْ يَدَعْهُمْ يَقُومُونَ عَلَى شَاوُلَ» (1صم24: 7).

لم يقتل داود شاول ولكنه «قَطَعَ طَرَفَ جُبَّةِ شَاوُلَ سِرًّا» (1صم24: 4)، ولكن حتى هذا الأمر أزعج ضميره، فندم على فعلته الطائشة، كمن ارتكب خطية.  فقلبه الحساس ضربه، مِمَّا يدل على الروحانية الحقَّة.

داود يُبقي على حياة شاول مرة أخرى

في 1صموئيل 26، جاءت فرصة ثانية لداود ليقتل شاول، ولكن الرجل الذي بحسب قلب الله عفى عنه مرة أخرى.  هرب داود إلى البرية وذهب شاول وراءه مرة أخرى ومعه 3000 رجل (1صم26: 2). دخل داود وابن أخته أبيشاي إلى معسكر شاول حيث وجداه نائمًا عند المتراس، ورجاله نيام حواليه، ورمحه مركوز في الأرض عند رأسه.  واستأذن أبيشاي داود كيما يضربه مرة واحدة برمحه، إذ ظن أن داود رفض قتل شاول بنفسه، ولكنه قد يسمح لأحد رجاله بفعل هذا.

وهنا تكرَّرت الفرصة لداود لكي يقتل شاول.  وإذا تخيلنا المشهد بالعكس، لقتل شاول داود بكل تأكيد. حاول أبيشاي إقناع داود بأن الرب هو الذي أسلم عدو داود ليده، وهو الذي أوقع عليهم هذا السبات العميق، ولكن داود أخبر أبيشاي إن قتل مسيح الرب يُعدّ خطية.  فترك الأمر لله ليتعامل هو مع شاول، أما هو فاكتفى بأخذ الرمح وكوز الماء من عند رأس شاول.

دروس عملية لليوم

بما أن العهد القديم بكل قصصه “كُتب لأجل تعليمنا” (رو15: 4).  يمكننا أن نلتقط بعض الدروس مما سبق:

  1. يجب علينا أن لا نسمح للظروف التي تظهر مواتية بأن تجعلنا نعصى الله.  فيظهر كما لو كان الله رتَّب الأمور لداود ليُمَكِّنه من قتل شاول، ولكن الله قد قال: “لا تقتل” (خر20: 13)، وداود لن يعصى الله.
  2. لا نسمح لمشورة صديق مؤمن بأن تدفعنا للعصيان.
  3. يجب ألاَّ نطلب النقمة لأنفسنا، فالله أعلن مرارًا أن النقمة له (تث32: 35؛ مز94: 1؛ رو12: 19؛ عب10: 30).  وإذ عرف داود هذا، ترك شاول ليدي الله. فأمكنه أن يدع الله ينتقم له (رو12: 19).
  4. يحرضنا بطرس على اقتفاء آثار المسيح (1بط2: 21).  ونجد هنا داود رمزًا للمسيح في صبره على أعدائه، وفي إيمانه بالله «الَّذِي إِذْ شُتِمَ لَمْ يَكُنْ يَشْتِمُ عِوَضًا، وَإِذْ تَأَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يُهَدِّدُ، بَلْ كَانَ يُسَلِّمُ لِمَنْ يَقْضِي بِعَدْلٍ» (1بط2: 23).
  5. مثل داود، يجب علينا أن نصبر«وَأَمَّا الصَّبْرُ فَلْيَكُنْ لَهُ عَمَلٌ تَامٌّ، لِكَيْ تَكُونُوا تَامِّينَ وَكَامِلِينَ غَيْرَ نَاقِصِينَ فِي شَيْءٍ» (يع1: 4).

كلمات داود الأخيرة مع شاول

انسحب داود، ولكنه لم يرجع لرجاله، بل ذهب ووقف على رأس الجبل حيث يمكنه الهروب بسهولة. وفي آخر حديث له مع شاول، سأله داود بطريقة مهذبة: «لِمَاذَا يَسْعَى سَيِّدِي وَرَاءَ عَبْدِهِ, لأَنِّي مَاذَا عَمِلْتُ وَأَيُّ شَرٍّ بِيَدِي؟» (1صم26: 18).  ما هي الجريمة التي ارتكبها داود؟ كان داود هنا رمزًا للمسيح الذي تحدى عدوه قائلاً: «إِنْ كُنْتُ قَدْ تَكَلَّمْتُ رَدِيًّا فَاشْهَدْ عَلَى الرَّدِيِّ وَإِنْ حَسَنًا فَلِمَاذَا تَضْرِبُنِي؟» (يو18: 23).

وأكمل داود حديثه مع شاول: «وَالآنَ فَلْيَسْمَعْ سَيِّدِي الْمَلِكُ كَلاَمَ عَبْدِهِ.  فَإِنْ كَانَ الرَّبُّ قَدْ أَهَاجَكَ ضِدِّي فَلْيَشْتَمَّ تَقْدِمَةً» (1صم26: 19).  احتمل داود كون الرب يستخدم شاول ليؤدِّبه على بعض أخطائه.  يجب على هذا الاحتمال أن يدرب ضمائرنا باستمرار، لأن الرب «لاَ يُذِلُّ مِنْ قَلْبِهِ» (مرا3: 33)، وهذا يُمكننا من تجنب التأديب «لأَنَّنَا لَوْ كُنَّا حَكَمْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا لَمَا حُكِمَ عَلَيْنَا» (1كو11: 31).  فيكون من الحكمة دائمًا أن نسأل مع أيوب «فَهِّمْنِي لِمَاذَا تُخَاصِمُنِي!» (أي10: 2).

أكمل داود حديثه مع شاول قائلاً: «وَالآنَ لاَ يَسْقُطْ دَمِي إِلَى الأَرْضِ أَمَامَ وَجْهِ الرَّبِّ. لأَنَّ مَلِكَ إِسْرَائِيلَ قَدْ خَرَجَ لِيُفَتِّشَ عَلَى بُرْغُوثٍ وَاحِدٍ! كَمَا يُتْبَعُ الْحَجَلُ فِي الْجِبَالِ!» (1صم26: 20).

أولاً، حذره داود بأنه لو أهرق شاول دماءه فسوف تُهرَق أمام وجه الرب الذي سوف يستذنبه.

ثانيًا، أقنعه داود بأن كرامته تكون دون المستوى عندما يُطارِد ابن يسى، الذي هو كالبرغوث، أي شيء عديم القيمة.

ثالثًا، صوَّب داود كلامه نحو ضمير شاول عندما شبَّهه بهؤلاء الناس الذين يصطادون الحجل (نوع من أنواع الطيور)، غير المؤذي، والذي يطير بعيدًا عند مهاجمته.

كان رد شاول على حديث داود: «قَدْ أَخْطَأْتُ ... يَا ابْنِي دَاوُدُ ... لاَ أُسِيءُ إِلَيْكَ بَعْدُ ... هُوَذَا قَدْ حَمِقْتُ وَضَلَلْتُ كَثِيرًا جِدًّا» (1صم26: 21).  غالبًا لم يكن الملك المسكون بالروح الشريرة مُخلصًا في رثائه هذا، فهو لم يشعر ولم يعي تمامًا مقدار شره، ولا كانت توبته حقيقية.  كان اعترافه شبيهًا بصرخة يهوذا المعبرة عن الندم «أَخْطَأْتُ إِذْ سَلَّمْتُ دَمًا بَرِيئًا» (مت27: 4).

وجاءت كلمات شاول الأخيرة لداود «مُبَارَكٌ أَنْتَ يَا ابْنِي دَاوُدُ فَإِنَّكَ تَفْعَلُ وَتَقْدِرُ» (1صم26: 25).  توقع شاول مستقبل مجيد لداود، وعرف أن الرب اختار داود، إلا أنه لم يتوقف عن انحداره، فمضى شاول إلى موته الشنيع (1صم31)، وانتظر داود توقيت الله كيما يعتلي العرش.

موريس بسالي